الكرملين: بوتين يجتمع مع كيم ويشكره على دعمه للجيش الروسي
تواجه إيران أزمة داخلية متصاعدة بعد إعلان الدول الأوروبية الثلاث (بريطانيا، فرنسا، وألمانيا – E3) تفعيل "آلية الزناد"، التي تمثل تهديدًا بإعادة فرض جميع عقوبات الأمم المتحدة على طهران، ردًّا على انتهاكاتها المتكررة للاتفاق النووي وقرارها تعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وبحسب تقرير نشرته وكالة "مونيتور" الأمريكية، فإن هذه الآلية، الملحقة بالاتفاق النووي لعام 2015، تُعيد تلقائيًا العقوبات الأممية في حال عدم توافق مجلس الأمن على إبقاء تعليقها خلال 30 يومًا، وهي "محصّنة ضد الفيتو"، ما يجعل نتائجها شبه حتمية ما لم تتغير المواقف الدولية.
وسارعت إيران إلى رفض الخطوة الأوروبية ووصفتها بأنها "غير قانونية وغير أخلاقية"، إذ اتهم وزير الخارجية عباس عراقجي الأوروبيين بالتصرف نيابة عن الولايات المتحدة وإسرائيل، محذرًا من رد متناسب. كما وجّه رسالة إلى مجلس الأمن داعيًا إلى رفض ما سماه "السياسات الخادعة" للدول الغربية.
لكن خلف الموقف الرسمي، يتصاعد الجدل داخل إيران. فبينما يدعو المتشددون إلى الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي وقطع التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، يحذر الإصلاحيون من أن مثل هذه الخطوات ستكون بمثابة "انتحار سياسي" سيدفع البلاد إلى عزلة خانقة.
وسائل الإعلام المحافظة، مثل وكالة "تسنيم"، حمّلت المفاوضين الإصلاحيين السابقين مسؤولية إدراج "آلية الزناد" في اتفاق 2015، متهمة الرئيس الأسبق حسن روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف بـ"التنازل المفرط". في المقابل، دعت الصحف الإصلاحية مثل "شرق ديلي" إلى استغلال مهلة الثلاثين يومًا للعودة إلى الدبلوماسية وتفادي التصعيد.
وداخل البرلمان، تعالت أصوات متشددة تدعو إلى محاكمة الإصلاحيين وطرد سفراء الدول الأوروبية من طهران. بل إن كتلة برلمانية أعلنت نيتها الدفع نحو تشريع يُلزم إيران بالانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي، وهو ما من شأنه إنهاء التفويض القانوني للوكالة الدولية للطاقة الذرية داخل البلاد. غير أن شخصيات بارزة، مثل الرئيس الأسبق للوكالة النووية علي أكبر صالحي، شددت على أن القرار النهائي يبقى بيد المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، الذي يحتفظ بالكلمة الفصل في القضايا الاستراتيجية.
في الوقت ذاته، يواجه الاقتصاد الإيراني ضغوطًا متزايدة. فقد هبطت العملة الوطنية بشكل حاد، متجاوزة عتبة المليون ريال مقابل الدولار الأمريكي في السوق الموازية، وسط مخاوف من عودة البلاد إلى عزلة خانقة وركود أشد.
وتطرح هذه التطورات معادلة صعبة أمام طهران: فالتصعيد قد يمنح المتشددين ورقة قوة في الداخل لكنه يهدد بانهيار وقف إطلاق النار الهش مع الولايات المتحدة وإسرائيل، فيما أن العودة إلى التفاوض قد تُجنب إيران ضغوطًا اقتصادية متزايدة، لكنها تُثير غضب التيار المحافظ.
ومع اقتراب مهلة الثلاثين يومًا، تبدو خيارات إيران محصورة بين الانسحاب من النظام الدولي للحد من الانتشار النووي أو البحث عن صيغة دبلوماسية توقف مسار العقوبات، في وقت باتت فيه الانقسامات الداخلية أكثر وضوحًا من أي وقت مضى.