أثار انتحار رجل الأعمال المدان بجرائم جنسية جيفري إبستين في زنزانة سجن في نيويورك عام 2019 نظريات مؤامرة غذتها حركة "اجعلوا أمريكا عظيمة مرة أخرى"، وهي حركة محافظة يتزعمها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والتي تزعم أنه قُتل على يد أحد معارفه من المشاهير.
من هو جيفري إبستين؟
كان إبستين، المولود في بروكلين، مدرسا سابقا للرياضيات في مدرسة ثانوية وأسس لاحقًا شركات لتقديم الاستشارات والإدارة المالية، وكان يهتم ببناء علاقات مع الأثرياء والمشاهير.
وبحسب تقرير نشرته وكالة "رويترز"، كان إيستين معروفا بتواصله مع السياسيين والملوك، بما في ذلك ترامب، والرئيس الديمقراطي الأسبق بيل كلينتون، وبيل جيتس المؤسس المشارك لمايكروسوفت والأمير البريطاني أندرو. وكان بعض الأصدقاء والعملاء يسافرون على متن طائرته الخاصة ويزورون جزره بمنطقة الكاريبي.
كان ترامب على معرفة بإبستين في التسعينيات وأوائل العقد الأول من الألفية. وخلال محاكمة مساعدته جسلين ماكسويل في 2021، شهد لورانس فيسوسكي، الطيار المخضرم لرجل الأعمال، أن ترامب سافر على متن طائرة إبستين الخاصة عدة مرات. وقد نفى ترامب سفره بالطائرة.
ما هي تهمة إبستين؟
في عام 2008، أقر إبستين بالذنب في تهمة جنائية تتعلق بالدعارة في ولاية فلوريدا، بعد أن وافق المدعون الاتحاديون على عدم توجيه تهمة الاتجار الجنسي بالقصر إليه. قضى 13 شهرًا في السجن، وطُلب منه تسجيل نفسه كمرتكب جريمة جنسية. ويُنظر إلى هذه العقوبة الآن على نطاق واسع على أنها متساهلة للغاية.
في يوليو/ تموز 2019، وجهت وزارة العدل الأمريكية إلى إبستين تهمة الاتجار الجنسي بالقصر، بما في ذلك الاستغلال الجنسي وإساءة معاملة عشرات من الفتيات في نيويورك وفلوريدا بين عامي 2002 و2005. ودفع إبستين ببراءته.
توفي إبستين في 10 أغسطس/ آب 2019 عن عمر ناهز 66 عامًا، شنقا في زنزانة بسجن في مانهاتن، حسبما ورد بتقرير تشريح الجثة. ولم يُحاكم قط بالتهم التي نسبت إليه عام 2019.
ما سبب الجدل الحالي حول إبستين؟
على الرغم من أن كبير خبراء الطب الشرعي في مدينة نيويورك قرر أن وفاة إبستين كانت انتحارًا بشنق نفسه، إلا أن علاقات إبستين بأشخاص أثرياء وذوي نفوذ أثارت تكهنات بأن واحدًا أو أكثر منهم أراد إسكاته.
في عدة مقابلات، ترك ترامب الباب مفتوحا أمام احتمال أن إبستين لم ينتحر. وخلال الحملة الرئاسية عام 2024، عندما سُئل على قناة فوكس نيوز عما إذا كان سيكشف النقاب عن ملفات إبستين، أجاب بقوله: "نعم.. سأفعل".
وفي فبراير/شباط، سألت قناة "فوكس نيوز" وزيرة العدل بام بوندي عما إذا كانت وزارة العدل ستصدر قائمة عملاء إبستين، فردت قائلة: "إنها موجودة على مكتبي الآن للمراجعة".
وغضب بعض من أشد أتباع ترامب ولاء بشدة من تراجع إدارته عن وعدها. وخلصت مذكرة صدرت عن وزارة العدل في السابع من يوليو/ تموز إلى أن إبستين لم ينتحر، وأكدت عدم وجود "قائمة عملاء" أو أدلة على ابتزاز إبستين لشخصيات بارزة.
تسببت مطالبات أنصار ترامب بمزيد من الوثائق المتعلقة بإبستين في انقسام نادر داخل القاعدة الانتخابية للرئيس. وقال المؤيدون، بإلهام من مقدمي البرامج الحوارية والمدونات الصوتية المحافظين، إن الحكومة الاتحادية تُخفي السجلات لحماية الأثرياء وأصحاب النفوذ المرتبطين بإبستين.
وفي محاولة لاحتواء التداعيات، دافع ترامب عن بوندي واتهم أنصاره في منشور على موقع (تروث سوشال) بالوقوع في فخ الخداع، ووصفهم بأنهم "ضعفاء" يساعدون الديمقراطيين.
ومع استمرار ردود الفعل القوية من قاعدته الشعبية، طلب ترامب في 17 يوليو/ تموز من بوندي أن تطلب من قاض اتحادي الكشف عن محاضر هيئة المحلفين الكبرى المرتبطة باتهام إبستين في عام 2019.
ماذا سيحدث بعد ذلك؟
حتى لو طلبت بوندي من القاضي إصدار محاضر هيئة المحلفين الكبرى، فإن القرار النهائي يعود إلى القاضي.
وعادة ما يتم الاحتفاظ بسجلات إجراءات هيئة المحلفين الكبرى سرية بموجب قواعد الإجراءات الجنائية الاتحادية، مع وجود استثناءات محدودة.
وإذا وافق القاضي على إصدار النصوص، فمن المرجح أن يتم تحرير بعض المواد أو حجبها بسبب مخاوف تتعلق بالخصوصية أو الأمن.
