كشف تقرير لوكالة "بلومبرغ" عن وثائق، من بينها مذكرات صادرة عن شركة "أيرو هت" ومراسلات مع مسؤولين حكوميين روس، تسلط الضوء على كيفية استغلال موسكو لعلاقاتها الودية مع بكين للالتفاف على العقوبات الغربية، واكتساب المعرفة والقدرات اللازمة لتصنيع طائرات مسيّرة تُستخدم في الحرب ضد أوكرانيا.
وبحسب الوكالة، تُظهر الوثائق، التي يعود تاريخها إلى الفترة ما بين أواخر عام 2022 ويونيو/حزيران 2025، مساعي موسكو لإخفاء هوية مورديها وتزويد جيشها بالمعدات، غالبًا من خلال وسطاء يعملون في قطاعات مثل خدمات تموين الطائرات، والإمدادات الزراعية، ونقل المأكولات البحرية.
وتُبرز الوثائق مجتمعةً كيف يمكن أن تنتقل التقنيات الحساسة من الصين إلى روسيا، رغم نفي حكومة الرئيس شي جين بينغ تزويد أي من طرفي النزاع بها.
وذكر التقرير أن شركة "أيرو هت" طلبت، في رسالة مؤرخة بتاريخ 16 يونيو/حزيران من العام الجاري، دعمًا ماليًا من رئيس قسم الأبحاث متعددة التخصصات والمشاريع الخاصة في وزارة الدفاع الروسية، لتوسيع إنتاجها المحلي لطائرة "أوتيل إيفو 4 تي" المسيّرة.
ورغم أن شركة "أوتيل روبوتيكس" تُعد من أبرز الشركات الصينية في مجال تصنيع الطائرات المسيّرة وقطع غيارها، إلا أنها تنفي توريد أي منتجات أو إقامة علاقات تجارية مع كيانات روسية منذ فبراير/شباط 2022.
وأشار التقرير إلى أنه بعد فترة وجيزة من بدء الحرب الروسية الأوكرانية، وضعت شركة روسية خطة للشراكة مع شركات صينية بهدف حل واحدة من أبرز التحديات التي واجهت الجيش الروسي: الحاجة إلى طائرات مسيرة قتالية تغيّر موازين المعركة.
وبحسب التقرير، تلقت شركة "أيرو هت" تمويلًا حكوميًا، وتزعم أن مصنعها القريب من مطار خاباروفسك في أقصى الشرق الروسي قادر على إنتاج ما يصل إلى 10,000 طائرة شهريًا خلال هذا العام، مع خطط لتوسيع الإنتاج ليشمل نماذج أكثر تطورًا.
ونمت الشركة بسرعة لتصبح من أبرز موردي الطائرات المسيّرة للجيش الروسي، لاسيما في العمليات العسكرية بمدينة خيرسون، المنطقة الأوكرانية التي تحتلها روسيا جزئيًا والتي يصرّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على ضمها بالكامل كجزء من أي اتفاق لإنهاء الحرب.
وتنتج الشركة طائرات من طراز "فيليس"، وهي طائرات مسيّرة تعمل بتقنية "الرؤية من منظور الشخص الأول" (FPV)، ما يتيح للطيار رؤية مباشرة لساحة المعركة عبر شاشة أو نظارات واقع افتراضي متصلة بكاميرا الطائرة الرباعية المراوح.
وذكرت الوكالة أن طائرات FPV أصبحت سلاحًا رئيسيًا لدى الطرفين، وتشير تقارير متعددة إلى أن روسيا استخدمتها عمدًا لاستهداف المدنيين وملاحقتهم في مدينة خيرسون، التي استعادت أوكرانيا السيطرة عليها أواخر عام 2022.
وتتراوح أسعار هذه الطائرات بين بضع مئات وعدة آلاف من الدولارات، وفقًا لمواصفاتها؛ إذ بلغ سعر طلب لشراء 100 طائرة من طراز "فيليس" 8 ملايين روبل (نحو 1000 دولار للطائرة)، بحسب وثيقة طلب شراء تعود إلى مارس الماضي اطّلعت عليها "بلومبرغ".
ولفت التقرير إلى أن وزارة الخزانة الأمريكية فرضت، في يونيو/حزيران الماضي، عقوبات على "أيرو هت"، مشيرةً إلى أن طائرات "فيليس" التي تصنعها استخدمتها القوات الروسية في خيرسون ضد أهداف أوكرانية.
ورفضت كل من شركة "أيرو هت" ووزارة الدفاع الروسية الرد على طلبات "بلومبرغ" للتعليق أو الإجابة عن الأسئلة المفصّلة.
وفي المقابل، أصدرت "أوتيل روبوتيكس" بيانًا في يناير/كانون الثاني، نفت فيه مزاعم الولايات المتحدة بشأن وجود صلات لها بالجيشين الروسي أو الصيني، مؤكدةً أنها شركة عالية التقنية متخصصة في الطائرات المسيّرة المدنية، وليست متعهدًا دفاعيًا ولا موردًا للجيش، ولا تملك مؤهلات أو تراخيص عسكرية.