ترامب يعلن أنه سيوجّه "خطابا إلى الأمة" الأربعاء

logo
العالم

غينيا.. منجم سيماندو في قلب صراع النفوذ الاقتصادي بين واشنطن وبكين

منجم سيماندو في غينياالمصدر: فرانس برس

قبل أسابيع من بدء تشغيل منجم سيماندو العملاق لخام الحديد، الذي يُعدّ حجر الزاوية في مساعي غينيا لبناء اقتصاد جديد قائم على التعدين، برزت توترات غير متوقعة بين شركاء المشروع.

وبحسب مجلة "جون أفريك" فإن ما بدا في البداية مسألة تقنية تتعلق بتوريد القاطرات، تحوّل سريعًا إلى قضية جيوسياسية تُجسد التنافس المحتدم بين الصين والولايات المتحدة في قلب غرب إفريقيا.

بداية الخلاف

تعود جذور الأزمة إلى صيف عام 2024، حين فازت شركة "وابتيك" (Wabtec) الأمريكية بعقدين تتجاوز قيمتهما 500 مليون دولار لتوريد قاطرات حديثة من طراز Evolution Series ES43ACmi مخصصة لنقل خام الحديد من سلسلة جبال سيماندو إلى ميناء موريبايا على ساحل الأطلسي.

أخبار ذات علاقة

رئيس غينيا الاستوائية تيودورو أوبيانغ نغيما مباسوغو

لزعزعة استقرارها.. غينيا الاستوائية تتهم فرنسا بدعم "مُحرضي الكراهية"

العقد الأول وُقّع مع شركة "سيمفر" (Simfer)، وهي مشروع مشترك بين ريو تينتو الأنجلو-أسترالية، والكونسورتيوم الصيني "تشالكو آيرون أور هولدينغز" (CIOH)، والحكومة الغينية.

أما العقد الثاني، فكان مع "وينينغ كونسورتيوم سيماندو" (WCS)، التي تضم أيضًا مجموعة "باوو ستيل" الصينية، أحد أكبر منتجي الصلب في العالم.

بحسب الجداول المعلنة، من المفترض أن تبدأ عمليات النقل مع نهاية 2025 لتغطية الإنتاج المتوقع البالغ 120 مليون طن سنويًا من خام الحديد بحلول 2026. 

غير أن تأخر بعض عمليات التسليم أثار قلق الشركات الصينية، خاصة باوو، التي تخطط لتوريد كميات ضخمة إلى مصانعها في الصين فور انطلاق الإنتاج.

ومع تزايد الشكوك حول جاهزية القاطرات الأمريكية في الوقت المحدد، لجأت باوو إلى حلّ بديل؛ فاشترت مجموعة من القاطرات الصينية وشحنتها إلى ميناء موريبايا في سبتمبر الماضي بهدف تشغيلها مؤقتًا. لكنّ الخطوة لم تلقَ ترحيبًا في كوناكري.

بناءً على أوامر من جيبا دياكيتي، رئيس اللجنة الاستراتيجية لمشروع سيماندو ورئيس ديوان الرئيس مامادي دومبويا، أُعيدت القاطرات إلى الصين.

أخبار ذات علاقة

علم أستراليا وعلم بابوا غينيا الجديدة

أستراليا وبابوا غينيا.. تحالف عسكري جديد لمواجهة التنين الصيني

وتقول مصادر قريبة من الحكومة الغينية إن القرار لم يكن فنيًا فقط، بل سياسيا أيضًا. فوفقًا لأحد المتخصصين في القطاع: "العقد مع وابتيك يحمل بعدًا استراتيجيًا، إذ يمثل توازنًا ضروريًا مع النفوذ الصيني المتصاعد داخل المشروع".

فعلى الرغم من أن الشركات الصينية تهيمن على قطاعات عدة ضمن المشروع، فإن كوناكري سعت عمدًا إلى إشراك شركات غربية لضمان توازن القوى بين المعسكرين. 

فقد منحت أيضًا عقد أنظمة الإشارات والاتصالات على طول خط السكك الحديدية البالغ 647 كيلومترًا لشركة ألستوم الفرنسية، في إشارة واضحة إلى رغبة الحكومة في تنويع الشركاء وإرسال رسالة مفادها بأن غينيا ليست رهينة لأي طرف.

مشروع اقتصادي يتحول إلى مسرح جيوسياسي

منجم سيماندو، الواقع في جنوب شرق غينيا، يُعدّ من أكبر احتياطيات خام الحديد غير المستغلة في العالم. وتقدّر قيمته الاقتصادية بمليارات الدولارات، إذ يُتوقع أن يغيّر وجه الاقتصاد الغيني بمجرد دخوله مرحلة الإنتاج الكامل. 

لكنّ المشروع، الذي يجمع بين شركات من الصين وأوروبا وأستراليا، تحوّل تدريجيًا إلى ساحة اختبار للتوازن بين النفوذين الأمريكي والصيني في إفريقيا.

فمن جهة، ترى بكين في سيماندو فرصة لتعزيز أمنها المعدني وضمان تدفق خام الحديد اللازم لصناعتها الضخمة في مواجهة التقلبات الأسترالية والبرازيلية.

أخبار ذات علاقة

الرئيس الغيني مامادي دومبوييا

"جون أفريك": دومبوييا يهيمن على المشهد الانتخابي في غينيا

ومن جهة أخرى، تعتبر واشنطن المشروع أداة لإعادة بسط نفوذها الاقتصادي في القارة عبر شركاتها التقنية والصناعية، مثل "وابتيك"، التي تقدم نموذجًا مختلفًا للشراكة مع الدول الإفريقية.

هذا التداخل بين المصالح الاقتصادية والسياسية يجعل من سيماندو أكثر من مجرد منجم؛ إنه رمز لصراع النفوذ العالمي على الموارد الإفريقية. 

وبينما تحاول كوناكري تحقيق توازن دقيق بين العملاقين، تبقى قدرتها على إدارة هذا التنافس بحذر عاملًا حاسمًا في مستقبل المشروع وفي موقع غينيا الاستراتيجي في الخريطة العالمية للمعادن.

ومع اقتراب افتتاح المنجم في نوفمبر الجاري، تبدو غينيا أمام اختبار دقيق: كيف تحافظ على سيادتها الاقتصادية وتستفيد من الاستثمارات الأجنبية دون أن تتحول إلى ساحة صراع بين واشنطن وبكين؟. الإجابة عن هذا السؤال ستحدد ما إذا كان سيماندو سيصبح بوابة لغينيا نحو الازدهار، أم مسرحًا جديدًا لصدام القوى الكبرى على ثروات إفريقيا.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC