كشف تقرير لمجلة "ذا ناشونال إنترست" الأمريكية، أن إرسال روسيا لغواصتها الجديدة من فئة "ياسين-إم- بيرم" إلى القطب الشمالي، والمجهزة بصواريخ زركون الأسرع من الصوت، يكشف أنها تخطط لأن تصبح اللاعب الأقوى على قمة العالم.
وتقول المجلة، إنه بينما ركزت واشنطن على الحرب في أوكرانيا، وهي حرب طال أمدها، وحرب هامشية في جوهرها بالنسبة للمصالح الأمريكية، تحركت موسكو بجرأة للهيمنة على المنطقة القطبية الشمالية.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قد أعلن بعد إطلاق أحدث غواصات البحرية الروسية من "فئة ياسين-إم"، وهي "بيرم"، أنه "ليس سرًا أن القدرات الدفاعية الروسية مرتبطة إلى حد كبير بالبحث واستخدام خطوط العرض الشمالية"، مضيفا "تبحر غواصاتنا الاستراتيجية تحت جليد المحيط المتجمد الشمالي وتختفي عن أعين الرادارات... هذه هي ميزتنا العسكرية. كما أن البحث في القطب الشمالي، بالغ الأهمية بالنسبة لنا".
وبحسب الصحفي النرويجي توماس نيلسن، المتخصص بالمنطقة القطبية الشمالية في صحيفة "بارنتس أوبزرفر"، فإن "بيرم هي الأولى من فئة ياسين-إم التي ستكون حاملة منتظمة لصواريخ زركون، وهو السلاح المصمم ليتم تسليحه إما برأس حربي تقليدي أو برأس حربي نووي".
غواصة ياسين-إم، المعروفة أيضًا في روسيا باسم "مشروع 885 إم"، هي نسخة متطورة من غواصات الهجوم النووية الروسية من فئة ياسين. وهي مصممة لتحل محل السفن القديمة من الحقبة السوفييتية، مثل غواصات فئة أكولا وأوسكار 2.
تجمع غواصات "ياسين-إم" بين الحرب المضادة للغواصات والقدرة على إطلاق صواريخ كروز بعيدة المدى، مما يجعلها منصات متعددة الاستخدامات.
بدأ العمل على تصميم سلسلة غواصات ياسين بشكل عام في ثمانينيات القرن الماضي، لكن نسخة "ياسين-إم" بدأت دخول الخدمة في عام 2021 مع تشغيل غواصة كازان K-561.
وتعتبر "بيرم"، أحدث غواصة من فئة ياسين، وهي السادسة في الفئة بشكل عام والخامسة من فئة ياسين-إم القوية.
وقد وُضعت في 29 يوليو/ تموز 2016، في حوض بناء السفن سيفماش بسفيرودفينسك، ودُشِّنت في 27 مارس/ آذار 2025، خلال حفل حضره الرئيس بوتين، كما أنها تخضع حاليًا للتجارب البحرية، ومن المتوقع أن تُدخَل رسميًا في أسطول المحيط الهادئ التابع للبحرية الروسية في وقت لاحق من هذا العام.
تتمتع "بيرم" بأهمية خاصة كأول غواصة من فئة ياسين-إم مصممة خصيصًا لتكون حاملة منتظمة لصواريخ “زركون 3M22" الأسرع من الصوت، بدلاً من تعديلها كما في بعض الوحدات السابقة. وهذه القدرة تجعل من "بيرم" أداةً رئيسيةً للضربات الأسرع من الصوت، والتي قد تستهدف السفن البحرية أو الأصول البرية بسرعات عالية.
وتشير التقارير إلى أن دمج زركون في "بيرم" يمثل تحولًا نحو توحيد الأسلحة الأسرع من الصوت في الغواصات الجديدة.
أما بالنسبة لصاروخ كروز "زركون 3M22” الأسرع من الصوت (سرعته تصل إلى ماخ 9 ويبلغ مداه حوالي 560 ميلًا)، فإن هذه الأسلحة فريدة من نوعها من حيث إمكانية نشرها بالكامل ودمجها في ترسانة روسيا المتنامية، كما أن سرعتها الفائقة للصوت وقدرتها على المناورة تجعل اعتراضها صعبًا للغاية، إن لم يكن مستحيلًا.
وبحسب مجلة "ذا ناشونال إنترست"، يُعدّ إدخال هذه الغواصة الحاملة لصواريخ "زركون" إلى القطب الشمالي، إشارة واضحة إلى نية موسكو أن تكون الطرف الأقوى في العالم، مشيرة إلى أنه بالنسبة للولايات المتحدة، فهذه النتيجة غير مقبولة. لكنها تُبرز أيضًا مدى سوء تصرف الأمريكيين تجاه الوضع الاستراتيجي وانهياره.
وتؤكد أن الولايات المتحدة تفتقر إلى هذه النوعية من الأسلحة، وليس لديها أي دفاع فعال ضدها. وكذلك حلفاء أمريكا في حلف شمال الأطلسي (الناتو) وفي أماكن أخرى.
تُثير حكومة بوتين ضجةً حول الهيمنة على المنطقة القطبية الشمالية منذ أن وضعت غواصة روسية مصغّرة علمًا روسيًا على قاع البحر القطبي عام 2007. ومنذ ذلك الحين، قلّل الأمريكيون من أهمية هذه المنطقة الحيوية، بينما عمل الروس جاهدين للسيطرة عليها واستغلالها.
ووفق المجلة الأمريكية، شكّلت هذه الحقيقة سببًا رئيسيًا وراء مساعي الرئيس دونالد ترامب الخيالية لضم غرينلاند وجعل كندا أكثر انسجامًا مع تفضيلات واشنطن في التجارة والأمن الإقليمي. ومع هيمنة الروس على المنطقة القطبية الشمالية، يجب على البحرية الأمريكية القيام بدور أكثر استباقية هناك.
الولايات المتحدة متأخرة عن المنحنى الاستراتيجي. واليوم، يُعزز الروس هيمنتهم في الشمال الأقصى، بينما لا تزال واشنطن تتجادل حول كيفية تنفيذ استراتيجية ترامب الدفاعية لنصف الكرة الأرضية.
وبحسب التقرير، فقد ترى أمريكا قريبًا غواصات روسية تغوص تحت جليد القطب الشمالي، مُسلحة بصواريخ زركون فائقة السرعة التي لا يمكن إيقافها، وتظهر على الساحل الشرقي لأمريكا دون أي مُنافسة أو مجاراة من البحرية الأمريكية.