شي لزعيم كوريا الشمالية: بكين راغبة في تعزيز التواصل الاستراتيجي مع بيونغ يانغ
يمثل إنهاء تشاد اتفاقيات الدفاع مع فرنسا نهاية شراكة عمرها أكثر من قرن؛ ما يجعل القرار مخيبًا لآمال صناع السياسة في "الإليزيه"، خاصة أن هذه الدولة الواقعة في منطقة الساحل الأفريقي تكاد تكون من صنع فرنسا.
ويشكك عدد من فعاليات المجتمع المدني في تشاد ونشطاء عبر شبكات التواصل الاجتماعي في التطبيق الصارم لهذا القرار، بينما يتحدث آخرون عن ابتزاز السلطات في نجامينا لباريس.
ومع ذلك، رحب كثيرون بالخطوة، محذرين من أن سيادة البلاد لا تعني استبدال فرنسا بقوة أخرى.
وأوضح مركز الدراسات للتنمية والوقاية من التطرف بالعاصمة نجامينا، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن رحيل القوات الفرنسية يمكن أن يؤثر إيجابيًّا على الديناميكيات السياسية والدبلوماسية لتشاد، من خلال إظهار الرغبة في الاستقلال والسيادة الوطنية.
وأشار المركز إلى أن هذا الانسحاب يمكن أن يعزز شعبية حكومة الرئيس محمد ديبي، خاصة في ظل الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في الـ29 من كانون الأول/ديسمبر 2024.
وأشار المركز أيضًا إلى أن اتفاقيات التعاون والدفاع بين البلدين تعود إلى عام 1960، وتم تعديلها بضع مرات خلال العقود الستة الماضية. وليست هذه المرة الأولى التي يتم فيها الطعن في الاتفاقية؛ فقد صوتت الجمعية الوطنية التشادية بالإجماع في عام 1964 على اقتراح يدعو إلى إخلاء القواعد العسكرية الفرنسية من الأراضي التشادية خلال ثلاثة أشهر، وفي عام 1980 طعن الرئيس جوكوني ويدي في الاتفاقية، إلا أنه لم يحدث أي رحيل للقوات بعدها.
وأكدت تشاد أنها "ستحترم الشروط المنصوص عليها في إنهاء الخدمة، بما في ذلك فترة الإخطار"، مع بقائها منفتحة على حوار بناء لاستكشاف أشكال جديدة للشراكة، وفقًا لتصريحات وزير الخارجية عبد الرحمن كلام الله.
وقال كلام الله: "لقد حان الوقت لتؤكد تشاد سيادتها الكاملة وتعيد تحديد شراكاتها الإستراتيجية وفقًا لأولوياتها الوطنية".
وبالنسبة للفرنسيين، قد يكون القرار هذه المرة جديًّا، بسبب التغيرات الجيوسياسية في المنطقة، بعد اعتبار تشاد "العكاز الأخير" الذي اعتمدت عليه باريس لعقود.
ويؤكد العقيد الفرنسي السابق في القوات البحرية والمؤرخ العسكري، ميشيل غويا، أن "تشاد هي المسرح العملياتي الذي شاركنا فيه أكثر من غيره منذ الحرب الجزائرية".
ولا يزال لدى فرنسا حتى اليوم ألف جندي ينتشرون في ثلاث مدن: نجامينا، وأبيشي، وفايا لارجو، حيث تشكل القوات الفرنسية في تشاد ثاني أكبر انتشار للجيش الفرنسي في القارة بعد جيبوتي.
وأضاف غويا: "بالنسبة للجيش الفرنسي، فهي صفحة تطوى، وجزء من تاريخنا يختفي".
وشغلت القضية خلال الساعات الأخيرة وسائل إعلام فرنسية، التي تأسفت لفقدان حلقة وصل رئيسة في الوجود العسكري الفرنسي في أفريقيا، وآخر نقطة ارتكاز في منطقة الساحل.
وأبرزت شهادات مؤرخين أن الفتوحات الفرنسية في هذه المنطقة كانت تنافس السياسية الاستعمارية البريطانية.
وتشير التقارير إلى أن فرنسا أنشأت في عام 1910 فوجًا من "الرماة السنغاليين" في تشاد، وفي عام 1940 شكلت كتيبة قوامها 6000 جندي، اعتُبرت الأكبر في أفريقيا، ووضعت تحت قيادة العقيد لوكلير. وكان لفوج الزحف التشادي دور في تحرير باريس عام 1944.
وظل التقارب قائمًا بعد استقلال تشاد عام 1960، حيث استُدعي الجيش الفرنسي في عام 1968 للمساعدة ضد تمرد فرولينا (جبهة التحرير الوطني لتشاد). وكان التدخل الفرنسي في تلك الحرب أحد القرارات الأخيرة التي اتخذها الجنرال شارل ديغول.
واستمر الدعم حتى عام 2019، عندما نفّذ الطيران الفرنسي ضربات مثيرة للجدل بناءً على طلب الرئيس التشادي الراحل إدريس ديبي، استهدفت رتلًا من المعارضين القادمين من ليبيا.
ويقول الباحث تييري فيركولون، في تقرير نشره معهد فرنسي في الـ18 من تشرين الثاني/نوفمبر بعنوان "معضلة العلاقة العسكرية الفرنسية الأفريقية": "تحت تهديد المعارضة المسلحة المدعومة من ليبيا، وضعت الأنظمة التشادية نفسها عمليًّا تحت حماية الجيش الفرنسي".
وجاء الإعلان عن فض الشراكة بينما كان وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو غادر نجامينا، مواصلًا جولته الأفريقية بزيارة أديس أبابا، قبل أن يتوقف اليوم الأحد في السنغال، وهي دولة أخرى في المنطقة دعت مؤخرًا إلى رحيل وشيك للقوات الفرنسية من أراضيها.