أكد خبراء في الشؤون الأمريكية أن سياسات الرئيس دونالد ترامب، وما نتج عنها من ارتفاع في الأسعار بسبب الرسوم الجمركية التي فرضها على عدد من الدول، إلى جانب تركيزه على ملف الهجرة وإغفاله معالجة أزمة غلاء المعيشة، إضافة إلى استمرار حالة الإغلاق الحكومي الأطول منذ قرن، جميعها عوامل تعزز من فرص الديمقراطيين في انتخابات الكونغرس لعام 2026.
ويرى الخبراء أن المؤشرات التي برزت في الانتخابات المحلية الأخيرة، وعلى رأسها خسارة الجمهوريين ولايات مهمة، مثل: نيويورك، تعكس تحولًا في مزاج الناخب الأمريكي قد يصب في صالح الديمقراطيين خلال الاستحقاق المقبل.
وأشاروا في تصريحات لـ"إرم نيوز"، إلى أن هناك الكثير من التكهنات التي تشير إلى أن الحزب الجمهوري سوف يفقد الأغلبية الهزيلة التي يتمتع بها الآن في الكونغرس، وذلك خلال الانتخابات النصفية العام المقبل، في وقت تكشف فيه استطلاعات الرأي أن شعبية ترامب تدنّت الآن بنسبة كبيرة.
وأوضحوا أن هناك انقسامًا في الحزب الجمهوري إلى معسكرين بشكل يؤثر في وحدته في الانتخابات المنتظرة، وسط مظاهر تعكس ذلك، من بينها استقالة أحد أقرب وأقوى حلفاء ترامب، النائبة مارغوري غرين، من منصبها في مجلس النواب بسبب خلافات علنية معه، استخدم فيها ألفاظً غير لائقة، في ظل رغبة غرين في فضح حقائق تتعلق بصداقة ترامب مع رجل الأعمال جيفري إبستين، الذي أدين في قضايا جنسية ومات منتحرًا في السجن.
وكان أقرّ ترامب بسلسلة من الهزائم الانتخابية التي مُني بها الجمهوريون في انتخابات المحليات أمام أعضاء مجلس الشيوخ المنتمين للحزب في البيت الأبيض، خاصة مع خسائر في تصويت ولايات فرجينيا ونيوجيرسي وكاليفورنيا، والتي جاءت لصالح الديمقراطيين.
وأفادت صحيفة نيويورك تايمز مؤخراً، بأن ثمة بوادرَ بدأت تظهر داخل الحزب الجمهوري الأمريكي توحي بتراجع نفوذ الرئيس دونالد ترامب في أروقة الكونغرس؛ ما انعكس في قيام بعض القيادات الجمهورية، بالنظر إلى ما بعد هذه الولاية الرئاسية، وأيضاً الاستعداد لانتخابات الكونغرس النصفية العام المقبل، التي تعتبر في الوقت ذاته التحدي الأكبر في مدى قدرة ترامب في إحكام قبضته على الحزب.
ورغم استمرار ترامب في التمتع بنفوذ قوي داخل الحزب عبر قاعدة مناصريه في حركة ماغا، فإن استطلاعات الرأي تشير إلى تراجع شعبيته مع ازدياد استياء الناخبين من الوضع الاقتصادي وارتفاع تكاليف المعيشة؛ ما يهدد الجمهوريين في الانتخابات النصفية عام 2026.
ويقول الخبير في الشأن الأمريكي، الدكتور عاطف عبد الجواد، إن هناك عدّة دلائل أظهرت أن الحزب الجمهوري الذي يتزعمه ترامب قد بدأ يُمنى بهزائم سياسية وتفكّك، وهذه الدلائل بدت واضحة في نتائج انتخابات نوفمبر التي اكتسح فيها الديمقراطيون، خاصة منصب عمدة مدينة نيويورك، والذي فاز به ديمقراطي مسلم ومهاجر هو زهران ممداني.
وأضاف عبد الجواد في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أنه رغم الانتقادات التي وُجّهت إلى ممداني من ترامب، الذي أيّد غريمًا له في الانتخابات، فإنه قام باستقباله في البيت الأبيض وتعهد بمعاونته في تنفيذ أجندته الاشتراكية في أكبر المدن الأمريكية، مشيراً إلى أن عمدة نيويورك يدعو إلى تقليل تكاليف المعيشة وجعل المواصلات والنقل العام مجانيَّين للفئات الفقيرة.
ويرى عبد الجواد، أن المشهد لم يقتصر على نيويورك، ففي ولاية فيرغينيا فازت سيدتان من الحزب الديمقراطي بمنصبي حاكم الولاية ونائب حاكم الولاية، وفي ولاية نيوجيرسي أيضاً هزِم المرشح الجمهوري أمام غريمه الديمقراطي، رغم التأييد الذي حصده المرشحون الجمهوريون من جانب ترامب.
ولفت عبد الجواد إلى أن بوادر التفكك داخل الحزب الجمهوري لم تقتصر على نتائج الانتخابات الأخيرة، بل تجلّت أيضًا في استقالة أحد أقرب وأقوى حلفاء ترامب، النائبة مارجوري غرين، من منصبها في مجلس النواب بسبب خلافات علنية معه، استخدم خلالها ألفاظًا غير لائقة، مشيراً إلى أن سبب الخلاف هو رغبة غرين في الكشف عن حقائق تتعلق بصداقة ترامب مع رجل الأعمال جيفري إبستين، الذي أدين في قضايا جنسية ومات منتحرًا في السجن.
وبحسب عبد الجواد، فإن من العوامل الأخرى التي أسهمت في تردّي وضع الحزب الجمهوري، إخفاق ترامب وزملائه في الكونغرس بمجلس الشيوخ في إبقاء الحكومة الفيدرالية مفتوحة، إذ ظلّت الحكومة بلا ميزانية لأطول فترة منذ مئة عام، وتدهورت الخدمات الفيدرالية بسبب هذا الإغلاق الطويل.
وخلص عبد الجواد، إلى أن هناك الكثير من التكهنات التي تشير إلى أن الحزب الجمهوري سوف يفقد الأغلبية الهزيلة التي يتمتع بها الآن، وذلك في الانتخابات النصفية العام المقبل، مشيراً إلى أن استطلاعات الرأي توضّح أن شعبية الرئيس ترامب تدنّت الآن بنسبة كبيرة.
وبدوره، يؤكد أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة نيويورك، البروفيسور رسلان إبراهيم، أن خسارة مرشحي الحزب الجمهوري في ولايات مهمة بالانتخابات المحلية مطلع هذا الشهر تثير قلقهم؛ لأن النتائج تدل على أن القضية الأولى والأهم للناخب الأمريكي هي ارتفاع تكاليف المعيشة والغلاء وليس مشكلة الهجرة التي ركز عليها ترامب وحزبه.
وأوضح إبراهيم في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن نتائج الانتخابات عكست تراجع تأييد الأمريكيين من أصول لاتينية لمرشحي الحزب الجمهوري بعد أن دعم هذا الوسط ترامب بالانتخابات الرئاسية الاخيرة، مشيراً إلى أن هذه المجموعة باتت تنتقد سياسة ترامب ليس فقط في الغلاء ولكن أيضاً سياسته تجاه الهجرة.
وأوضح إبراهيم أن جزءًا من المراقبين يرى أن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على بعض الدول أسهمت في ارتفاع الأسعار داخل الولايات المتحدة؛ ما انعكس على مزاج الناخب وأثار خلافات داخل الحزب الجمهوري.
وفي المقابل، يشير آخرون إلى أن نتائج انتخابات البلديات تعكس ظروفًا محلية تخص كل ولاية، ولا تعبّر بالضرورة عن تراجع في شعبية ترامب على المستوى الوطني، معتبرين أن سياساته الاقتصادية لا تزال صائبة رغم الجدل الإعلامي حولها.
ويرى إبراهيم أن ترامب جعل الجمهوريين في معسكرين، فريق يطلب منه أن يكون فعالاً في انتخابات الكونغرس 2026 مرحبين بسياساته. لكن من جهة أخرى، قيادات الجمهوريين يريدون الابتعاد عن ترامب بسبب تكاليف الجمارك ويرون أن إنكار مشكلة تكاليف المعيشة سيؤدي إلى هزيمتهم في انتخابات الكونجرس.
واستكمل إبراهيم أن ترامب يريد أن يُقنع الجمهوريين بأن خسارة الانتخابات المحلية في مطلع هذا الشهر ليس بسببه ولكن بسبب ظروف مرتبطة بالولايات التي فقدها الديمقراطيون، في ظل معطيات ترصد أن إهمال ترامب والحزب الجمهوري الأزمة الاقتصادية وتكاليف المعيشة أدى إلى فشل الحزب في ظل التركيز أكثر من اللازم على ملفات الهجرة في حين أن القضية الأهم هي تكاليف المعيشة؛ ما أدى إلى نجاح الديمقراطيين في ولايات متأرجحة.