الكرملين: مشاركة الأوروبيين في مفاوضات أوكرانيا "لا تبشّر بالخير"

logo
العالم

ضغط الشتاء.. روسيا تؤجج "حرب الطاقة" لإضعاف موقف أوكرانيا التفاوضي

نيران مشتعلة بمنشأة طاقة أوكرانية إثر قصف روسيالمصدر: فرانس 24

بينما تدخل الحرب الروسية الأوكرانية عامها الرابع دون أفق واضح للتسوية، تبدو موسكو وكأنها فتحت جبهة جديدة لا تقل قسوة عن ساحة المعركة، والتي لا تزال تُعرف بـ"جبهة الطاقة". 

فمع اقتراب الشتاء، اتجهت روسيا، في الأسابيع الأخيرة، إلى تكثيف هجماتها بالطائرات المسيرة والصواريخ على شبكة الكهرباء وقطاع الغاز الأوكراني، مستهدفة هذه المرة البنية التحتية الحيوية للحياة اليومية فيما يشبه حملة محسوبة لحرمان ملايين الأوكرانيين من التدفئة والإنارة.

وخلال أسبوعين، شنّت القوات الروسية سلسلة ضربات دقيقة على منشآت الطاقة في مناطق، مثل: تشيرنيهيف، وسومي، وبولتافا، تسببت في انقطاع الكهرباء عن مئات الآلاف، وألحقت أضرارًا جسيمة بشبكات الغاز. 

ورغم أن تلك المناطق تبعد أكثر من 120 كيلومترًا عن خطوط القتال، إلا أن تركيز القصف عليها يؤشر إلى إستراتيجية جديدة قوامها الحرب الاقتصادية والنفسية، تقوم على إنهاك المجتمع الأوكراني عبر الضغط على أساسيات حياته اليومية بدلًا من خطوط المواجهة المباشرة.

ويرى مراقبون أن موسكو تستخدم هذه الهجمات كوسيلة لـ"الضغط المزدوج" على كييف - ميدانيًا وسياسيًا - بهدف دفعها إلى قبول شروطها التفاوضية، خاصة ما يتعلق بالاعتراف بسيطرة روسيا على دونباس وشبه جزيرة القرم، وضمان عدم انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو. 

في المقابل، ردت كييف بهجمات مضادة استهدفت منشآت طاقة روسية، وهو ما زاد من حدة "حرب الطاقة" بين الجانبين، وجعل البنية التحتية للطاقة ساحة جديدة للصراع ومحورًا رئيسًا في معركة الإرادات قبل أن يشتد البرد ويطول الليل.

 وأشار الخبراء، في تصريحات لـ"إرم نيوز" إلى أن هذه الضربات لا تستهدف فقط البنية التحتية فقط، بل أيضًا معنويات الجيش والمجتمع الأوكرانيين، في محاولة لإحداث إنهاك ميداني واقتصادي يمهّد لتسوية بشروط روسية.

أخبار ذات علاقة

محطة زاباروجيا للطاقة النووية

"الشتاء النووي" يقترب.. تصعيد روسي يستهدف منظومة الطاقة الأوكرانية

"الضغط المزدوج"

وبهذا الصدد، أكد المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، بسام البني، أن التصعيد العسكري الروسي الأخير، خاصة الهجمات على البنية التحتية في أوكرانيا، يأتي ضمن إستراتيجية مدروسة تربط بين "الضغط العسكري والتفاوض السياسي".

وقال البني، في تصريح لـ"إرم نيوز"، إن الرئيس الروسي يصر على تحقيق أهدافه "بالقتال أو بالتفاوض"، مشيرًا إلى أن الكرملين يربط أي تهدئة ميدانية بموافقة كييف على الشروط الروسية.

وأشار إلى أن أبرز هذه الشروط تتمثل في تنازل أوكرانيا عن منطقة دونباس بالكامل، وضمان عدم انضمامها إلى حلف الناتو، ووقف ما تصفه موسكو بـ"التمييز ضد الناطقين بالروسية". 

وأضاف البني أن الهجمات الروسية على محطات الطاقة تأتي ضمن "أسلوب ضغط مزدوج" يستهدف إضعاف قدرة أوكرانيا الاقتصادية والمعنوية، خاصة مع اقتراب فصل الشتاء، لتصبح أكثر قابلية للقبول بالحلول التي تطرحها موسكو. 

ولفت إلى أن موسكو تستخدم ما وصفه بـ"الإرهاق العسكري"، من خلال إطلاق مئات الطائرات المسيّرة يوميًا لإجهاد الدفاعات الجوية الأوكرانية، واستنزاف مخزونها.

وأكد البني أن ما يجري ليس مجرد تصعيد عسكري، بل "هو جزء من إستراتيجية روسية متكاملة تمزج بين القوة والسياسة" لفرض واقع جديد على طاولة المفاوضات.

أخبار ذات علاقة

نيران مشتعلة بمنشأة طاقة أوكرانية إثر قصف روسي

الشتاء يعود للجبهة.. روسيا تستعد لشل قطاع الطاقة الأوكراني بطوفان المسيّرات

عقبات أمام المفاوضات

من جانبه، رأى الأكاديمي والدبلوماسي المتخصص في شؤون أوروبا الشرقية، د. ياسين رواشدي، أن روسيا تلجأ دائمًا إلى الجمع بين "الحديث عن الحلول السياسية" و"تكثيف الضربات العسكرية"، في محاولة لإظهار استعدادها للتفاوض من منطلق القوة.

وقال رواشدي، في تصريح لـ"إرم نيوز"، إن هذا الأسلوب تكرّس في السياسة الروسية، ويتكرر كلما اقترب الحديث عن تسوية أو مفاوضات، مشيرًا إلى أن التصعيد الحالي يأتي بالتوازي مع الاتصالات الجارية بين وزيري خارجية روسيا والولايات المتحدة لترتيب لقاء قمة مرتقب بين بوتين وترامب في بودابست خلال الأسابيع المقبلة.

وأوضح أن الهجمات الروسية تضع عقبات أمام المفاوضات، إذ ترى واشنطن أن استمرارها "يقوض فرص التهدئة"، ويشكك في جدية موسكو. 

وأضاف رواشدي أن التصعيد الأخير جاء ردًّا على هجوم أوكراني داخل العمق الروسي استهدف مصفاة نفط في شبه جزيرة القرم، معتبرًا أنه من الصعب الحديث عن مفاوضات جدية بينما تدور معارك مكثفة على الجبهات.

ولفت إلى أن موسكو تبعث من خلال هذه العمليات برسائل سياسية إلى الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، اللذين يرفضان أي تسوية تتضمن تنازلات عن الأراضي الأوكرانية، وهو ما يتعارض مع الموقف الروسي الذي يطالب باعتراف كامل بسيطرته على القرم ودونباس.

وتابع رواشدي أن "خفض التصعيد على الجبهات يمثل ضرورة لتهيئة أجواء التفاوض، وهو ما دعا إليه أيضًا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب".

 وشدد على أن الوصول إلى حل سياسي يتطلب "تنازلات متبادلة" من موسكو وكييف، وإلا ستبقى الحرب تراوح مكانها بلا أفق قريب.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC