تُثير زيارة الرئيس الكوري الجنوبي، لي جاي ميونغ، إلى واشنطن للقاء الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، نقاشًا متجددًا حول إمكانية المصالحة مع كوريا الشمالية.
وبينما يروّج "لي" لفكرة أن الحوار مع بيونغ يانغ سيؤدي إلى السلام، إلا أن تقريراً لموقع "ناشيونال إنترست" يعتبر تفاؤل سيول "ساذجاً وخطيراً" في ظل سجل كوريا الشمالية الطويل من استخدام الحوار كغطاء لتعزيز قدراتها العسكرية، وإطالة أمد نظامها الديكتاتوري.
ويرى التقرير أن كوريا الشمالية "لم تظهر أي نية للتعايش السلمي"، مضيفاً أن "خطابها يبقى عدائياً، وأفعالها تؤكد التزامها بالمواجهة". ورفضت كيم يو جونغ، شقيقة الزعيم كيم جونغ أون، مبادرات سيول للسلام، واصفة إياها بـ"أحلام بعيدة المنال"، وأكدت أن بيونغ يانغ لن تعتبر كوريا الجنوبية شريكاً دبلوماسيًا.
ووفق "ناشيونال إنترست" فإن "هذه التصريحات تعكس جوهر نظام يعتمد على العداء لبقائه، مستخدماً الحوار تكتيكياً لكسب الوقت وتعزيز برامجه النووية والصاروخية".
تُظهر تجربة سياسة "الشمس المشرقة" في أوائل القرن الحادي والعشرين مخاطر التنازلات أحادية الجانب، إذ ضخت سيول مليارات الدولارات لتشجيع التعاون، مما خلق أجواء تفاؤل مؤقتة، لكن هذه الموارد لم تُستخدم لتحسين حياة الكوريين الشماليين، بل دعمت برامج الأسلحة والرفاهية لعائلة كيم، وسرعان ما تبعتها تجارب صاروخية، ما أثبت أن كوريا الشمالية تستغل حسن النية لتعزيز قوتها العسكرية.
يرى تقرير "ناشيونال إنترست" أن كوريا الشمالية تستخدم الحوار لتأخير العقوبات وكسب الشرعية داخلياً، دون نية للوصول إلى تسوية، مشيراً إلى أن قمم 2018 بين الكوريتين، التي شهدت لحظات رمزية مثل التصافح عبر الحدود، أعقبها تصعيد غير مسبوق في التجارب الصاروخية. ويضيف "هذا السلوك ليس ارتجالياً، بل جزء من استراتيجية تهدف إلى استغلال أي تراخٍ في يقظة الحلفاء".
ويذهب التقرير إلى أن التفاؤل بإمكانية المصالحة يُضعف الردع ويُهدد التحالف بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، كما أن تقليص المناورات العسكرية المشتركة أو الاستثمار في الدفاع الصاروخي سيُقابل باستفزازات من بيونغ يانغ، وليس بتعاون.
أما "التركيز على الحوار الأحادي، سيُعرض تماسك التحالف للخطر، خاصة مع تعزيز روسيا والصين لعلاقاتهما مع كوريا الشمالية"، كما يضيف الموقع أن هذا يُقلل من مصداقية الردع الموسع ويُشجع الخصوم.
كما يرى التقرير أن خطاب المصالحة "يشكل خطراً إضافياً، بتخفيف اليقظة العامة، فعندما يُروج للسلام كنتيجة حتمية للحوار، يتضاءل الوعي بطبيعة النظام الكوري الشمالي، الذي يتأرجح بين المصالحة والعدوان لخدمة بقائه".
ويخلُص التقرير إلى أن "الردع وليس الأمل هو أساس السلام"، مؤكداً أن كوريا الشمالية تُثبت مراراً أنها تستخدم الحوار لتعزيز قدراتها العسكرية، وأنه "في ظل تنافس القوى العظمى، يُحذر التاريخ من مخاطر استبدال اليقظة بالوهم".