مثّلت قمة أغسطس/ آب 2025 بين رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا والرئيس الكوري الجنوبي لي جاي ميونغ انفراجة نادرة في العلاقات الثنائية، إذ أشارت إلى تحول من عقود من انعدام الثقة إلى تعاون براغماتي.
غير أن هشاشة الوضع السياسي في البلدين، إلى جانب عدم اليقين في واشنطن، تهدد بإعاقة هذا التقارب التاريخي.
حملت زيارة لي إلى طوكيو رمزية خاصة، كونها الأولى لزعيم كوري جنوبي قبل التوجه إلى الولايات المتحدة منذ تطبيع العلاقات عام 1965، وفق منصة "East Asia Forum".
كما صدر في ختام القمة بيان مشترك هو الأول منذ 17 عامًا، وصف فيه البلدان نفسيهما بأنهما "شريكان" يواجهان تحديات المجتمع الدولي لتعزيز المصالح المشتركة.
وشكّل هذا الموقف قطيعة مع تصريحات لي السابقة؛ إذ كان قد وصف اليابان عام 2016 بأنها "دولة عدو"، لكن منذ توليه الرئاسة غيّر خطابه، فوصفها في يوم التحرير 2025 بأنها "جارتنا عبر البحر وشريك لا غنى عنه".
يعكس التحول ضغوط التحديات الإقليمية، حيث عبّر البلدان عن قلقهما من مصادر عدم الاستقرار في محيطهما، مؤكدين ضرورة تعاون اقتصادي لتعزيز النمو.
غير أن المعضلة الأمريكية تبقى مؤثرة، إذ تتسم سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعدم استقرار وتقوم على مقايضات تجارية وازدراء للتعددية، ما يربك سيول وطوكيو في سعيهما للحفاظ على التحالف مع واشنطن.
من جانبه، أشار لي في خطاب بواشنطن إلى التزام بلاده بالعمل مع الولايات المتحدة واليابان لمواجهة التهديدات الكورية الشمالية وتعزيز الأمن في المحيطين الهندي والهادئ، لكن خبراء يشككون في أولوية هذه القضية بالنسبة لترامب، الذي يفاخر بعلاقاته بكيم جونغ أون.
المفارقة أن تردد واشنطن قد يدفع سيول وطوكيو إلى مزيد من التعاون، إلا أن عقبات أخرى تهدد مسار التقارب؛ فالصين تعارض أي توثيق للعلاقات اليابانية الكورية الجنوبية خارج إطارها، خشية أن يكون موجهًا ضد نفوذها الإقليمي، خصوصًا في المجال الأمني.
داخليًا، يواجه إيشيبا ضعفًا سياسيًا بعد خسارته ثلاث انتخابات متتالية، ما يثير احتمال إطاحته من الحزب الليبرالي الديمقراطي لصالح جناح محافظ أكثر تشددًا حيال سيول.
في المقابل، تتراجع شعبية لي نتيجة قرارات العفو المثيرة للجدل، ما قد يدفعه إلى استعادة الدعم الشعبي عبر تصعيد الخطاب ضد طوكيو، تكرارًا لأنماط تاريخية في السياسة الكورية.
رغم التفاؤل الذي رافق القمة، يبقى نجاح هذا التقارب رهنًا بقدرة قادة البلدين على تجاوز الضغوط الداخلية والتحديات الخارجية.
وإذا ما تمكن إيشيبا ولي من مقاومة إغراءات الانتهازية السياسية، فقد تفتح قمتهما صفحة جديدة في العلاقات اليابانية الكورية الجنوبية، لكن هشاشة المشهد تُبقي الباب مفتوحًا أمام انتكاسات محتملة.