رئيس وزراء أستراليا: الحكومة ستتبنى إصلاحات للقضاء على الكراهية والتطرف

logo
العالم

توماهوك على الطاولة.. هل تغامر واشنطن بفتح باب الحرب مع موسكو؟

صاروخ توماهوكالمصدر: رويترز

في تطور يعكس حجم التصعيد بين موسكو وواشنطن، برزت إلى السطح مجددًا قضية تزويد أوكرانيا بصواريخ "توماهوك" بعيدة المدى، وهي خطوة يرى مراقبون أنها قد تغيّر طبيعة الحرب وتحوّلها من صراع إقليمي إلى مواجهة مباشرة بين الولايات المتحدة وروسيا.

وأعادت تصريحات نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس الجدل بعد إعلانه أن إدارة الرئيس دونالد ترامب تدرس الطلب الأوكراني، بالتزامن مع تصريحات الرئيس فولوديمير زيلينسكي التي كشف فيها أن بلاده تعرضت، منذ مطلع سبتمبر، لأكثر من 3500 مسيّرة، وما يقارب 190 صاروخًا روسيًا.

صواريخ "توماهوك" ليست مجرد إضافة تقليدية إلى ترسانة كييف؛ فهي سلاح إستراتيجي يصل مداه إلى 2500 كيلومتر، وتُطلق، غالبًا، من البحر لضرب أهداف محصّنة، وتحمل – في حال وصولها إلى أوكرانيا – رسالة سياسية وعسكرية واضحة بأن واشنطن تقترب من المشاركة المباشرة في الحرب.

وسرعان ما حذّر الكرملين من هذه الخطوة، مؤكدًا أن أي تسليم لهذه الصواريخ سيُفسَّر كدليل على التورط الأمريكي المباشر، مشددًا على أن "لا دواء سحرياً يمكنه تغيير الواقع على الأرض".

وفي المقابل، تراوحت الرسائل الأمريكية بين التلميح والضغط السياسي، خاصة أن المبعوث الأمريكي الخاص كيث كيلوج أشار بوضوح إلى أن كييف يجب أن تملك القدرة على "الضرب في العمق" الروسي، مضيفًا أنه "لا وجود لما يسمى مكان آمن".

ومع ذلك، فإن القرار النهائي يبقى في يد الرئيس دونالد ترامب، الذي يُدرك أن منح هذه الصواريخ لن يكون مجرد دعم عسكري بل خطوة تحمل تبعات إستراتيجية على الأمن العالمي.

صراع دولي مفتوح

يرى خبراء عسكريون أن مجرد طرح خيار "توماهوك" يمثل قفزة في مسار الحرب، إذ يُنذر بتوسيع نطاق المواجهة وتحويلها إلى صراع دولي مفتوح، وأن هذه الصواريخ ليست مجرد أداة لردع موسكو، بل ورقة ضغط إستراتيجية قد تدفع روسيا إلى اعتبار الولايات المتحدة طرفًا مباشرًا في المعركة.

وفي المقابل، اعتبر آخرون أن التلويح بهذا السلاح يظل في الإطار السياسي أكثر منه العسكري، نظرًا لصعوبة تشغيله في أوكرانيا وتعقيداته اللوجستية، وأن الهدف الأساس لواشنطن هو إطالة أمد الصراع والضغط على موسكو للقبول بتسوية تقوم على تجميد الحرب، وهو ما تصفه روسيا بـ"الأمنيات الأطلسية" البعيدة عن الواقع الميداني.

وقال العميد نضال زهوي، الخبير العسكري، إن لصواريخ "توماهوك" أهمية إستراتيجية كبرى في الحروب الحديثة، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة لم تمنح هذا النوع من الصواريخ لأي طرف في العالم حتى الآن، وهو ما يعكس حساسيتها وخطورتها.

وأكد الخبير العسكري، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن تسليم هذه الصواريخ لأوكرانيا سيكون بمثابة إعلان نية لحسم الحرب ضد روسيا، وليس مجرد تعديل في سير العمليات العسكرية أو موازين القوى.

ولفت إلى أن هذه الصواريخ تُطلق عادةً من قاذفات "B-52"، ورغم أن سرعتها منخفضة نسبيًا، إلا أنها قادرة على المناورة وتجنّب الدفاعات الجوية، كما يمكن توجيهها بدقة باستخدام خرائط مبرمجة، وليس عبر نظام "GPS" فقط.

احتمال اندلاع حرب عالمية ثالثة

وأكد أن إطلاق هذه الصواريخ باتجاه الأراضي الروسية يعني أن الولايات المتحدة نفسها، وليس الناتو، هي التي تقف خلف العملية، وهو ما يُعد مواجهة مباشرة مع روسيا قد تفضي إلى اندلاع حرب عالمية ثالثة، على حد وصفه.

وأضاف: "لذلك لا أعتقد أن واشنطن ستُقدم على هذه الخطوة، بل تستخدمها كوسيلة ضغط على موسكو".

وأشار زهوي كذلك إلى أن المناورات العسكرية الأخيرة التي شارك فيها ضباط أمريكيون قرب روسيا وبيلاروسيا تعكس توتر الأجواء وسعي كل من موسكو وواشنطن لتثبيت نفوذهما في شرق أوروبا، وهو ما يؤدي إلى استنزاف القرار الأوروبي وتهميشه في هذه المنطقة الحساسة.

ورأى أن هناك تفاهمًا غير معلن بين الولايات المتحدة وروسيا لإعادة رسم مناطق النفوذ في أوروبا، بحيث تتنازل موسكو عن بعض الملفات، مثل: آسيا الوسطى، وسوريا، وشرق البحر المتوسط، مقابل الحفاظ على موطئ قدمها في أوروبا الشرقية.

وأكد محمود الأفندي، المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، أن تلويح الولايات المتحدة بإرسال صواريخ "توماهوك" إلى أوكرانيا يُعد خطوة سياسية بامتياز، هدفها إرضاء الغرب وكييف.

واعتبر أنه من المستحيل أن تُقدم واشنطن على تزويد أوكرانيا بهذا النوع من الأسلحة، نظرًا لأن ذلك سيُعد إعلان حرب مباشر ضد روسيا، وهو ما لا يمكن للولايات المتحدة أن تقبل به.

اتفاقية نزع الأسلحة

وأضاف الأفندي، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن صواريخ "توماهوك" تُعد من الأسلحة القادرة على حمل رؤوس نووية، وتندرج ضمن اتفاقية نزع الأسلحة المتوسطة والثقيلة، كما أنها تُطلق من الجو وليس من منصات أرضية، وبالتالي لا توجد منصات لإطلاقها من داخل أوكرانيا.

وأشار إلى أن هذا النوع من الصواريخ يتميز ببطء شديد في السرعة، حتى إن الطائرات المدنية أسرع منه، مؤكدًا أنه حتى لو تم تزويد أوكرانيا بهذه الصواريخ، فإنها لن تغيّر شيئًا في معادلة الحرب على الأرض.

وذكر المحلل السياسي أن الولايات المتحدة استخدمت صواريخ "توماهوك" سابقًا خلال قصفها لسوريا العام 2017، حيث قامت موسكو آنذاك بإسقاط نحو 40 صاروخًا عن طريق وسائل التشويش الإلكتروني، وسقطت جميعها داخل الأراضي السورية دون أن تنفجر.

وتابع: "ما يجري، الآن، هو مجرد تهديد سياسي من واشنطن، وليس تهديدًا عسكريًا جديًا بهدف إجبار روسيا على وقف الحرب".

ومن جانبه، أكد سمير أيوب، المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، أن أي نوع من الأسلحة التي يمكن إرسالها إلى أوكرانيا لن يؤثر على مسار العملية العسكرية أو يُرغم روسيا على التراجع.

وأرجع ذلك إلى أن الولايات المتحدة والدول الأوروبية، ومنذ العام 2014، بدأت بدعم الجيش الأوكراني وتزويده بمختلف أنواع الأسلحة لقمع الانتفاضة التي اندلعت في المناطق الشرقية، بعد ما وصفه بـ"تزوير الانتخابات والانقلاب" الذي وقع هناك.

سيناريوهات متوقعة

وشدّد الخبير في الشؤون الروسية، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، على أن الحديث، حاليًا، عن تزويد أوكرانيا بصواريخ "توماهوك" قد يؤدي إلى أحد احتمالين: الأول، توسيع نطاق الصراع وتصعيده وصولًا إلى مواجهة مباشرة بين روسيا وحلف الناتو.

أما الاحتمال الثاني والأرجح، فهو محاولة الولايات المتحدة والدول الأوروبية الضغط على موسكو من خلال التلويح بهذه الصواريخ لدفعها إلى التراجع عن بعض أهدافها، والقبول بحل يقوم على تجميد الصراع دون غالب أو مغلوب.

وأشار أيوب إلى أن موسكو ترى أن كييف أصبحت ضعيفة، وأن أوروبا غير قادرة على الاستمرار طويلًا في دعمها، وتعتبر أن الخيار الأفضل بالنسبة للغرب هو تجميد الصراع لإعادة بناء الجيش الأوكراني والاستفادة من أخطائه السابقة، وهو ما لا تقبل به روسيا.

وأضاف أن فكرة ردع موسكو بصواريخ "توماهوك" غير واقعية، فهذه الصواريخ قديمة يعود تاريخها لأكثر من 40 عامًا، كما أنها تتطلب طواقم أمريكية أو بريطانية لتشغيلها، ولا تمتلك أي دولة أوروبية أو الجيش الأوكراني القدرة على استخدامها بشكل مستقل.

وشدد على أن الرد الروسي، في حال تم تسليم هذه الصواريخ، سيتوقف على طبيعة استخدامها، فإذا جرى استهداف بنى تحتية إستراتيجية أو أهداف مدنية، فإن الرد سيكون واسعًا، أما إذا استُخدمت ضد مواقع عسكرية فقط، فسيقتصر الرد على هذا النطاق.

وأكد المحلل السياسي أن الضغوط الغربية، سواء عبر صواريخ "توماهوك" أو من خلال الاستفزازات في بحر البلطيق، لن تدفع روسيا إلى الجلوس على طاولة المفاوضات بشروط الناتو.

وأوضح أن موسكو، رغم الخسائر الاقتصادية والعسكرية، لا تزال ترى أن مواجهة الناتو أقل كلفة من السماح بتحول أوكرانيا إلى قاعدة عسكرية للحلف، أو منعها من الوصول إلى البحر الأسود وبحر البلطيق.

أخبار ذات علاقة

لحظة اعتراض صاروخ فوق كييف

تصعيد خطير.. دعم أمريكي لأوكرانيا يوسع مدى استهداف العمق الروسي

وأضاف أن الولايات المتحدة، بقيادة إدارة ترامب الحالية، لا تزال المستفيد الأول من استمرار الصراع أو حتى من تجميده، وأن كل ما تقوم به واشنطن وحلفاؤها يهدف بالدرجة الأولى إلى استفزاز روسيا وإطالة أمد الحرب، على أمل إنهاكها اقتصاديًا، لكن هذه تبقى مجرد "أمنيات أطلسية" وفق تعبيره.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC