logo
العالم

عالم أم جاسوس؟.. لوران فيناتييه معتقل يؤجج التوتر بين باريس وموسكو

لوران فيناتييه مكبلاالمصدر: (أ ف ب)

تتحول قضية الباحث الفرنسي لوران فيناتييه إلى ورقة ضغط دبلوماسية معقدة، وذلك في ضوء التوترات المتصاعدة بين موسكو وباريس على خلفية الحرب في أوكرانيا.

فمنذ اعتقاله في يونيو/ حزيران 2024، يواجه هذا الخبير البالغ من العمر 48 عامًا مصيرًا غامضًا بين أروقة العدالة الروسية، حيث حُكم عليه بالسجن 3 سنوات بتهمة عدم التسجيل كـ"عميل أجنبي"، بينما تلوح في الأفق تهمة أخطر بكثير: التجسس. 

وأعلنت روسيا يوم الخميس أنها قدمت "اقتراحًا" لفرنسا بشأن مصيره، ما يفتح الباب أمام احتمالات متعددة تتراوح بين الإفراج المحتمل والمساومات السياسية.

أخبار ذات علاقة

الباحث الفرنسي لوران فيناتييه

روسيا تقدم اقتراحا لفرنسا بشأن قضية الباحث فيناتييه

 من هو لوران فيناتييه؟

لوران فيناتييه ليس باحثًا عاديًا، بل متخصص بارز في شؤون المنطقة ما بعد السوفييتية. وهو حاصل على دكتوراه في الفلسفة، وخبير في النزاع الشيشاني وروسيا وآسيا الوسطى، وبنى مسيرة مهنية غنية امتدت لأكثر من عقدين من الزمن.

بدأت رحلته المهنية في طشقند بأوزبكستان، حيث عمل في المعهد الفرنسي للدراسات الآسيوية الوسطى.

وفي عام 2001، انتقل للعمل مع حلف "الناتو" في مكتب مستشار الأمين العام لشؤون أوروبا الوسطى والشرقية.

وخلال هذه الفترة، تخصص تدريجيًا في المنطقة ما بعد السوفييتية، مغطيًا الشؤون السياسية وظواهر الهجرة في آسيا الوسطى والقوقاز وروسيا، وفق صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية.

ودرس النزاع في الشيشان في إطار دكتوراة حصل عليها في ديسمبر/ كانون الأول 2008 من معهد العلوم السياسية في باريس. كما عمل كمستشار للجنة الدولية للصليب الأحمر.

وبصفته خبيرًا مستقلًا، طور مهامًا استشارية سياسية تشمل التحليل والتيسير لصالح منظمات غير حكومية وشركات خاصة ودول.

ومنذ عام 2014، عمل فيناتييه كمستشار لبرنامج أوراسيا وروسيا في منظمة "الحوار الإنساني" (Humanitarian Dialogue)، وهي منظمة وساطة مقرها جنيف تعمل على "منع وحل النزاعات المسلحة في العالم من خلال الوساطة والدبلوماسية"، كما ورد على موقعها الإلكتروني.

الاعتقال والمحاكمة

اعتُقل فيناتييه في موسكو يوم 6 يونيو/ حزيران 2024، في ذروة التوترات بين موسكو وباريس على خلفية الحرب في أوكرانيا.

وأشارت لجنة التحقيق الروسية، دون تسمية المواطن الفرنسي، إلى احتجازه بموجب "المادة 330.1" من قانون العقوبات الروسي، التي تعاقب على عدم تقديم المستندات اللازمة للتسجيل في سجل "العملاء الأجانب".

كما اشتبهت الهيئة في أنه جمع معلومات عن الأنشطة العسكرية الروسية، ما أثار مخاوف من توجيه اتهامات أكثر خطورة.

واعترف الباحث بذنبه بعد اعتقاله، لكنه أوضح أنه كان يجهل أن القانون الروسي يلزمه بمثل هذا التصريح.

وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2024، حُكم على فيناتييه بثلاث سنوات سجنًا.

لكن في أغسطس/ آب، مثل أمام محكمة روسية لمواجهة اتهامات بـ"التجسس"، والتي إن تأكدت قد تزيد من عقوبته بشكل كبير.

وتم تمديد التحقيق، وقد يواجه محاكمة جديدة بتهمة التجسس في نهاية فبراير 2026، وفقًا لمحاميه الفرنسي. صرح فيناتييه في أغسطس أنه لا يتوقع "أي شيء جيد، ولا أي شيء إيجابي" بعد علمه بهذه الاتهامات الجديدة.

مساعٍ دبلوماسية

وجاءت قضية فيناتييه، في وقت اعتقلت فيه موسكو مواطنين غربيين بتهم مختلفة منذ اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا في فبراير/ شباط 2022، وأجرت عمليات تبادل للسجناء مع الولايات المتحدة.

وفي 1 أغسطس/ آب 2024، أجرى الغرب وروسيا أكبر عملية تبادل للسجناء منذ نهاية الحرب الباردة، شملت الصحفي الأمريكي إيفان غيرشكوفيتش والمارينز السابق بول ويلان.

وسمح الاتفاق بإطلاق سراح 16 شخصًا محتجزين في روسيا وبيلاروسيا، مقابل 8 روس مسجونين في الولايات المتحدة وألمانيا وبولندا وسلوفينيا والنرويج، بالإضافة إلى طفلين لزوجين من الجواسيس.

ودعت باريس آنذاك موسكو إلى الإفراج فورًا عن الأشخاص الآخرين "المحتجزين تعسفيًا في روسيا"، بما في ذلك لوران فيناتييه.

وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2025، طالب نحو 50 شخصية، من بينهم الكاتبان إيمانويل كاريير وآني إيرنو فرنسا بالعمل من أجل إطلاق سراحه في مقال نُشر في صحيفة "لوموند"، مشيرين إلى أنه "سجين لعبة سياسية ودبلوماسية تفوق قدرته".

أخبار ذات علاقة

قوات فرنسية

3 سنوات فقط.. فرنسا في "سباق محموم" مع الزمن لبناء جيش يواجه روسيا

اقتراح روسي غامض

وفي إعلان مفاجئ الخميس 25 ديسمبر/ كانون الأول، أعلنت روسيا أنها قدمت "اقتراحًا" لفرنسا بشأن قضية فيناتييه.

وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، خلال مؤتمر صحفي: "كانت هناك اتصالات مناسبة بينننا وبين الفرنسيين. وبالفعل، تم تقديم اقتراح للفرنسيين بشأن فيناتييه".

وجاء هذا الإعلان بعد أن أبدت باريس وموسكو مؤخرًا اهتمامًا علنيًا باستعادة الاتصال المباشر بين رئيسي البلدين.

وبينما تأمل عائلة فيناتييه في إطلاق سراحه قبل عيد الميلاد الأرثوذكسي (7 يناير/ كانون الثاني)، تظل هذه الإمكانية غير مؤكدة للغاية.

وتبقى قضية لوران فيناتييه رمزًا للتعقيدات الدبلوماسية بين روسيا والغرب، حيث يظل مصير هذا الباحث معلقًا بين اعتبارات العدالة والمساومات السياسية في عالم تسوده التوترات الجيوسياسية.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC