قُتل ما لا يقل عن 30 جندياً مالياً في هجوم على ثكنة بولكيسي، أحد أبرز معسكرات الجيش في وسط البلاد، بحسب ما أفاد مصدر أمني ومسؤول محلي لوكالة "فرانس برس" الفرنسية.
وبحسب الوكالة، يُعد الهجوم ضربة موجعة للجيش في منطقة تشهد تصاعداً في نشاط الجماعات المسلحة وارتفاعاً في نسبة المواجهات والهجمات الإرهابية.
كما تعرّض معسكر آخر للجيش في مدينة تمبكتو شمال مالي لهجوم مسلح، يوم الاثنين، صاحبه إطلاق نار كثيف هزّ أرجاء المدينة، ولا يزال مستمراً وسط حالة من الذعر بين السكان.
وأفاد الباحث والخبير الأمني المختص بالشأن الإفريقي، منتصر كمال، بأن مالي تعاني من ضعف في القدرات العسكرية والتجهيزات اللوجستية، ما يجعل من الصعب مواجهة الجماعات الجهادية التي تنشط في مناطق واسعة من البلاد. كما تعاني وحدات الجيش من نقص في التدريب والتسليح، إضافة إلى ضعف التنسيق بين القوات نفسها.
وأوضح كمال، خلال حديثه لـ"إرم نيوز"، أن الانقلابات المتكررة والوضع السياسي غير المستقر أدّيا إلى تراجع فعالية الدولة في بسط سيطرتها على المناطق النائية، حيث تنتشر هذه الجماعات، كما أن انسحاب بعض القوات الأجنبية، مثل القوات الفرنسية، زاد من تعقيد الوضعين الأمني والسياسي، وحدثت انشقاقات داخلية بين المكونات السياسية.
وتابع أن الجماعات الإرهابية تستغل الطبيعة الجغرافية الوعرة للبلاد، خصوصاً في المناطق الصحراوية والريفية، ما يصعّب على الجيش تعقّب تحركاتها أو تنفيذ عمليات واسعة ضدها، كما أن بعض هذه الجماعات توجد في الأحياء بين السكان، مستفيدة من ضعف الخدمات وغياب الدولة في تلك المناطق.
وأشار إلى أن الجهود الإقليمية والدولية لمكافحة الإرهاب في منطقة الساحل ما زالت متعثرة في ظل غياب استراتيجية موحدة وفعالة، ويزيد تداخل الأزمات السياسية والعرقية من صعوبة تحقيق استقرار دائم في مالي.
قال الأكاديمي المتخصص في الشأن الإفريقي، خالد عبدالله، إن الفساد المستشري داخل مؤسسات الدولة، بما في ذلك الجيش، من أبرز العوامل التي تعيق جهود مكافحة الجماعات الجهادية في مالي. واختلاس الموارد المخصصة للأمن والدفاع يضعف من جاهزية القوات ويؤثر سلباً على الروح المعنوية للجنود.
وأضاف عبدالله لـ"إرم نيوز" أن الانقسامات العرقية والقبلية داخل البلاد تخلق بيئة خصبة لتجنيد أفراد في صفوف الجماعات المسلحة، حيث تستغل هذه التنظيمات الشعور بالظلم والتهميش لجذب أنصار من المجتمعات المحلية، خاصة في المناطق الشمالية والوسطى.
ويرى عبدالله أن غياب نظام استخباراتي فعّال يُضعف قدرة الدولة على التنبؤ بالهجمات أو ملاحقة قادة الجماعات الإرهابية، فغالباً ما تعتمد العمليات العسكرية التابعة للجيش على ردود فعل متأخرة بدلاً من خطط استباقية.
ولفت إلى أن ضعف التعاون بين مالي ودول الجوار يعقّد من مهمة تعقّب المسلحين الإرهابيين الذين يعبرون الحدود بسهولة، كما أن المنطقة تفتقر إلى التنسيق الأمني، وهو ما يسمح للجماعات بالتنقل بحرية وتنفيذ هجماتها.