عاد التوتر بين إيران من جهة، والولايات المتحدة وإسرائيل من جهة أخرى، إلى الواجهة مجددًا، في ظل تحذيرات من اندلاع جولة جديدة من الصراع، بالتزامن مع تسريبات عن تعزيز طهران قدراتها الدفاعية بمنظومة الدفاع الجوي الروسية المتطورة S-400 "تريومف".
وتزامن هذا التصعيد مع تصريحات للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لوّح خلالها بإمكانية "العودة لشن هجمات على إيران إذا تطلب الأمر"، لضمان أمن الولايات المتحدة وإسرائيل، على حد تعبيره.
وفي هذا السياق، كشفت مصادر دبلوماسية غربية لـ"إرم نيوز"، أن موسكو نقلت مؤخرًا إلى طهران تحذيرات عاجلة تفيد بوجود معلومات استخباراتية تشير إلى احتمال تعرّض إيران لهجوم مشترك من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل في وقت قريب.
وأكدت المصادر أن هذه التحذيرات جاءت مدفوعة بمعطيات أمنية تجمعت لدى الجانب الروسي، ودفعت باتجاه تسريع تسليم منظومة S-400 إلى إيران، بعد تردد طويل.
ويُتوقع أن تُحدث هذه الخطوة تحولًا نوعيًا في قدرات الدفاع الجوي الإيرانية، لا سيما بعد الدمار الكبير الذي لحق بها خلال الهجوم الإسرائيلي الموسّع الذي بدأ في يونيو/ حزيران الماضي واستمر لمدة 12 يومًا.
وكانت إسرائيل شنت خلال تلك العملية، التي أُطلق عليها اسم "عملية الأسد الصاعد"، غارات جوية مكثفة استهدفت منشآت نووية وعسكرية حساسة داخل إيران، إلى جانب إطلاق مئات الطائرات الانتحارية المسيّرة، بحسب ما أعلن الجيش الإسرائيلي.
واعتمدت العملية على استراتيجية متعددة المراحل، بدأت بعمليات سرية نفذتها وحدات خاصة من جهاز "الموساد" لتعطيل أنظمة الرادار والاتصالات الخاصة بالدفاعات الجوية الإيرانية، تلتها عمليات كوماندوز لتدمير منصات الإطلاق، قبل أن تنفذ الطائرات الحربية ضربات مركّزة على بطاريات الدفاع الجوي، بما فيها منظومة S-300.
وأعلنت إسرائيل في وقت لاحق أن هذه الضربات "منحتها حرية حركة جوية كاملة داخل الأجواء الإيرانية"، ما يشير إلى انهيار شبه تام لقدرات إيران في الدفاع الجوي، وهو أمر لم تعلّق عليه طهران رسميًا حتى الآن.
S-400... تعزيز الردع أم مبرر لضربة جديدة؟
وفي ظل هذه التطورات، أكدت المصادر الغربية أن إيران بدأت فعليًا بإجراء اختبارات أولية على منظومة S-400 بعد تسلمها من روسيا، ضمن جهود تهدف إلى استعادة قدرتها على الردع، وتقوية الحماية الجوية لمنشآتها الحساسة.
وأضافت أن طهران تسعى إلى الاستفادة من دروس الهجوم الإسرائيلي، خاصة في ما يتعلق بحماية منظومتها الدفاعية من الهجمات السيبرانية أو التخريب الداخلي.
إلا أن الخطوة الروسية أثارت تساؤلات في الأوساط السياسية والعسكرية، حول دوافع موسكو في هذا التوقيت، وتأثيراتها المحتملة على ميزان القوى في المنطقة، خصوصًا في ظل ما يُعتقد أنه دعم ضمني روسي لطهران في مواجهة الضغوط الغربية.
وتُعرف منظومة S-400 "تريومف" بقدراتها العالية في رصد الطائرات الشبحية، والتصدي للصواريخ الباليستية بعيدة المدى، ما قد يعزز من قدرة إيران على صد أي هجوم جوي محتمل، غير أن فاعلية هذه المنظومة، بحسب الخبراء، تعتمد إلى حد كبير على مدى تكاملها مع الأنظمة الإيرانية المحلية، مثل منظومة "باور 373".
وبحسب التقديرات، فإن إيران قد تحتاج إلى عدة أشهر للوصول إلى جاهزية تشغيلية كاملة لـ S-400، ما يمنح خصومها، وفي مقدمتهم إسرائيل والولايات المتحدة، هامشًا زمنيًا قد يُستغل لتنفيذ ضربات استباقية قبل تفعيل المنظومة بشكل فعّال.
سيناريوهات مفتوحة
وتُخشى هذه التطورات من أن تشكّل شرارة لجولة جديدة من التصعيد، في وقت تشهد فيه المنطقة حالة من عدم الاستقرار، وسط تحذيرات دولية من تفاقم النزاع، وإمكانية انزلاقه إلى صراع أوسع.
