حزب الله: تحرك مجلس الوزراء اللبناني بشأن خطة الجيش فرصة للعودة إلى الحكمة والتعقل
بعد سبعة عقود من السلام النسبي على أراضيها، استيقظت أوروبا فجأة على حاجتها الدفاعية الملحة، مدفوعةً بالغزو الروسي لأوكرانيا وتراجع الاهتمام الأمريكي بالأمن الأوروبي.
وكانت النتيجة تصاعدا غير مسبوق في ميزانيات الدفاع لدول الاتحاد الأوروبي، الذي يسعى اليوم إلى تعزيز قدراته العسكرية لمواجهة تحديات جيوسياسية متنامية، بحسب صحيفة "يوراسيان تايمز".
في عام 2024، بلغ إجمالي إنفاق دول الاتحاد الأوروبي الـ27 على الدفاع 343 مليار يورو (حوالي 402 مليار دولار)، مسجلاً زيادة 19% عن العام السابق، وهو العام العاشر على التوالي الذي يشهد فيه الاتحاد ارتفاعا في ميزانياته الدفاعية.
ومن المتوقع أن يرتفع الإنفاق إلى 381 مليار يورو (446 مليار دولار) في 2025، أي أكثر من ضعف ميزانية الدفاع في 2014 التي كانت 189 مليار يورو.
وفقًا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI)، يتجاوز الإنفاق الأوروبي في 2024 ميزانية الصين بنسبة 50% تقريبا، وهو أكثر من ثلاثة أضعاف ميزانية روسيا، لكنه لا يزال أقل من الولايات المتحدة التي أنفقت 845 مليار يورو (983 مليار دولار)، أي ما يعادل 3.1% من ناتجها المحلي الإجمالي.
ورغم إجمالي الإنفاق الكبير، يتفاوت الإنفاق العسكري بين الدول الأعضاء بشكل واضح؛ إذ تصل بولندا إلى 3.8% من الناتج المحلي الإجمالي الأعلى في الاتحاد الأوروبي، وتتجاوز دول البلطيق الثلاث 3%، بينما تتجاوز ألمانيا وفرنسا وفنلندا ورومانيا والمجر وجمهورية التشيك والسويد 2%، في حين تسجل أيرلندا ومالطا أقل من 0.5%، وهو أدنى معدل على الإطلاق.
كما شهدت أكثر من 10 دول زيادة في ميزانياتها الدفاعية بنسبة تفوق 10% مقارنة بعام 2023، بما في ذلك إسبانيا، وألمانيا، وهولندا، وكرواتيا، والسويد، والنمسا، وبولندا، وجمهورية التشيك، ولاتفيا، وإستونيا، وليتوانيا، ورومانيا.
لم تقتصر الزيادة في الإنفاق على الميزانيات الإجمالية فحسب، بل شملت الاستثمار في الجنود، والمشتريات العسكرية، والبحث والتطوير.
ففي 2024، بلغ الإنفاق الدفاعي لكل فرد عسكري نشط 249 ألف يورو (289.500 دولار)، ارتفاعًا من 138 ألف يورو في 2014؛ كما ارتفع الإنفاق الدفاعي للفرد المدني إلى 764 يورو (888 دولارا).
وسجلت استثمارات الاتحاد الأوروبي الدفاعية رقما قياسيا 106 مليارات يورو (123 مليار دولار) في 2024، أي 31% من إجمالي الإنفاق الدفاعي، وهو أعلى مستوى منذ بدء جمع البيانات، ومن المتوقع أن يصل إلى 130 مليار يورو في 2025.
ويشمل ذلك الإنفاق على شراء المعدات الدفاعية 88 مليار يورو (102 مليار دولار) وبرامج البحث والتطوير الدفاعي 13 مليار يورو (15 مليار دولار).
ويشير التقرير إلى أن الاتحاد الأوروبي يتفوق على الولايات المتحدة في عدد دبابات القتال الرئيسة ومركبات المشاة القتالية، لكنه يتخلف بشكل كبير في الطائرات المقاتلة، حيث يمتلك 1362 طائرة مقابل 2854 أمريكية، وفي ناقلات الطائرات الثقيلة، بواقع 247 مقابل 1210 للولايات المتحدة.
وهذا التركيز يعكس إرث أوروبا من الحروب البرية في قارتها، مقارنة بالولايات المتحدة التي تميل لاستعراض القوة عالميا.
ولم يتوقف الاتحاد الأوروبي عن الاستثمار في قدراته الدفاعية منذ ضم روسيا لشبه جزيرة القرم في 2014، وزاد من وتيرة إنفاقه بعد غزو أوكرانيا 2022.
من المتوقع أن يصل إنفاق الاتحاد الدفاعي إلى 2.1% من الناتج المحلي الإجمالي في 2025، تماشيًا مع أهداف الناتو لضمان الإنفاق الدفاعي بنسبة 2% على الأقل، مع خطة طويلة الأمد للوصول إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2035 لتغطية الاحتياجات الأساسية للأمن والدفاع.
وتسعى أوروبا إلى إعادة صياغة نفسها كقوة دفاعية قارية متنامية، متجاوزة الصين وروسيا في الإنفاق، ومواكبة لمتطلبات الأمن الإقليمي.
ومع استمرار تعزيز الإنفاق على المعدات والبحث والتطوير، يبدو أن القدرة العسكرية الأوروبية ستصبح أكثر قوة وتوازنًا في العقد القادم، رغم استمرار الفجوة مع الولايات المتحدة في القدرات الجوية واستعراض القوة العالمي.