logo
العالم

تحول في خطاب فرنسا.. ماكرون يُصعّد لهجته ضد إسرائيل

تحول في خطاب فرنسا.. ماكرون يُصعّد لهجته ضد إسرائيل
بنيامين نتنياهو وإيمانويل ماكرونالمصدر: رويترز
30 مايو 2025، 12:03 م

في تحول لافت يعكس تغيّرًا في موقف الإليزيه، وجّه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تحذيرًا صريحًا لإسرائيل من تصعيد أوروبي محتمل، في حال استمرار التدهور الإنساني في قطاع غزة. 

وخلال كلمة ألقاها من سنغافورة، ضمن جولته الآسيوية، أكد ماكرون أن الاعتراف بدولة فلسطين لم يعد خيارًا رمزيًا، بل أصبح "ضرورة سياسية" و"واجبًا أخلاقيًا"، في ظل ما تشهده غزة من مآسٍ متواصلة.

هذا الموقف الجديد، الذي ينطوي على قطيعة واضحة مع السياسة الفرنسية التقليدية القائمة على الغموض والتوازن، أثار اهتمام الأوساط البحثية والسياسية في فرنسا، لا سيما في أوساط الباحثين الذين رأوا في خطاب ماكرون تقاربًا مع مطالب طالما نادت بها شعوب الجنوب وشرائح واسعة من الرأي العام الأوروبي.

تحول في المقاربة الفرنسية

يرى لوران بونفوا، الباحث في معهد الدراسات السياسية بـ"إيكس"، أن ماكرون يقدم "تطورًا ملموسًا" في السياسة الخارجية الفرنسية تجاه النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، وفي حديثه لـ"إرم نيوز"، قال إن قصر الإليزيه ظل مترددًا طويلًا في تبني مواقف حاسمة، لكن تغير المزاج الشعبي الفرنسي والغضب المتصاعد من العدوان على غزة دفع الرئيس إلى كسر هذا التردد.

وأضاف بونفوا أن ماكرون يحاول "إعادة ضبط البوصلة الأخلاقية للدبلوماسية الفرنسية"، عبر التأكيد أن الوقت قد حان لاتخاذ مواقف أكثر وضوحًا، وأن مجرد التنديد لم يعد كافيًا.

وفي إشارة لافتة، أشار بونفوا إلى أن الرئيس الفرنسي لوّح لأول مرة بإمكانية فرض عقوبات أوروبية على إسرائيل، في سابقة لم تشهدها باريس منذ عقود، وهو ما وصفه بـ"التحول من الدبلوماسية الرمزية إلى دبلوماسية مشروطة بالعواقب".

من جانبها، ترى كلير تيبير، الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط لدى مؤسسة "جان جوريس"، أن تصريحات ماكرون لم تكن موجهة لتل أبيب فقط، بل إلى الأوروبيين أيضًا، وأوضحت لـ"إرم نيوز" أن فرنسا لا تريد أن تظهر بمظهر المعطّل داخل الاتحاد الأوروبي، خصوصًا مع تزايد المبادرات المنفردة من دول مثل إسبانيا، وأيرلندا، وسلوفينيا للاعتراف بدولة فلسطين.

أخبار ذات علاقة

جانب من الدمار الذي تسببت به إسرائيل في غزة

بعد حصاره.. إسرائيل تبدأ إجلاء قسرياً لمرضى "مستشفى العودة" في غزة

واعتبرت تيبير أن حديث ماكرون عن "تصعيد جماعي" ضد إسرائيل يمثّل خروجًا واضحًا عن نهج الحذر الدبلوماسي المعتاد، وهو ما يتناغم مع الضغط المتزايد من الشارع الفرنسي، والنقابات، والمجتمع المدني، الذين يطالبون بموقف أكثر صرامة تجاه الحرب الإسرائيلية.

بين السياسة والقيم

وفي تحليلها لأبعاد الخطاب، ترى تيبير أن حديث ماكرون عن "الضرورة السياسية" و"الواجب الأخلاقي" يعكس شعورًا بأن فرنسا باتت على مفترق طرق داخليًا وخارجيًا، فمن جهة، تتعرض الحكومة لغضب داخلي متصاعد بسبب ما وصف بتواطؤ الصمت الرسمي، ومن جهة أخرى، هناك حراك أوروبي متسارع قد يُقصي باريس عن لعب دور مرجعي تقليدي في الشرق الأوسط.

وترى الباحثة أن فرنسا قد تلعب دورًا قياديًا في دفع الاتحاد الأوروبي نحو اعتراف مشترك بالدولة الفلسطينية، شرط أن تُترجم التصريحات إلى خطوات عملية، تشمل الضغط على إسرائيل وتقييد التعاون معها، في حال استمرار انتهاكاتها.

وفي ختام قراءتها، أكدت تيبير أن ماكرون يسعى إلى تأمين موقع فرنسا في الخارطة السياسية الجديدة التي تتشكل داخل أوروبا تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، لكن نجاح هذا التحول يبقى مرهونًا بمدى جاهزية باريس لاتخاذ خطوات فعلية تتجاوز الخطاب، وتنتقل من التحذير إلى الفعل السياسي والدبلوماسي.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC