قال خبراء إن الأزمات السياسية الداخلية، التي تعصف في كل من فرنسا وألمانيا، تمثل تهديدًا مباشرًا لمكانة الاتحاد الأوروبي في مواجهة التحديات الدولية، وخصوصًا في ظل عودة الرئيس الأمريكي المُنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
في وقت يعاني فيه الاتحاد الأوروبي من توترات سياسية داخلية، مثل انهيار الحكومة الائتلافية في ألمانيا، تلوح أزمة سياسية أخرى في الأفق مع تصاعد الخلافات في فرنسا، في تطورات تأتي في توقيت حساس للغاية، ولا سيما مع عودة ترامب، مما يفرض تحديات جديدة على وحدة الاتحاد الأوروبي واستقراره.
وتواجه فرنسا، التي تعد من الركائز الأساسية للاتحاد الأوروبي، تصدعات سياسية داخلية تؤثر على قدرتها على تقديم القيادة الحازمة داخل الكتلة الأوروبية.
وبعد مغادرة رئيس الوزراء المستقيل ميشيل بارنييه منصبه، باتت فرنسا في خضم مرحلة سياسية معقدة، مع تصاعد الاحتجاجات والخلافات حول السياسات الاقتصادية والاجتماعية.
واعتبر الخبير السياسي الفرنسي، سيباستيان ماييار، مدير معهد "جاك دولور"، أن ضعف القيادة في فرنسا يمكن أن يضعف دورها في قيادة مشاريع الاستقلالية الإستراتيجية الأوروبية، التي دعا إليها الرئيس إيمانويل ماكرون، مثل تعزيز الدفاع الأوروبي ومواجهة التحديات الاقتصادية العالمية.
وأضاف لـ"إرم نيوز"، أن عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض تثير مخاوف أوروبية بشأن تراجع الدعم الأمريكي لحلف شمال الأطلسي "الناتو"، وازدياد الضغوط الاقتصادية بسبب توجهات "أمريكا أولاً".
ورجح ماييار أن "يدفع ذلك بالموقف الاتحاد الأوروبي إلى تكثيف جهوده لتعزيز أمنه واستقلاله الاقتصادي، إلا أنه إذا استمرت الأزمات السياسية في فرنسا وألمانيا، فإن الاتحاد الأوروبي قد يجد صعوبة في التصدي لهذه التحديات بشكل موحد".
بدوره، قال جان مارك شيفالييه، الخبير الاقتصادي في مؤسسة "IFRI"، إن انهيار الحكومة الائتلافية في ألمانيا يعطل محاولات تعزيز وحدة الصف الأوروبي، خاصة في ملفات مثل الهجرة، وتوسيع الاتحاد، والسياسات المناخية".
وبيّن لـ"إرم نيوز" أنه قد تؤدي أزمة فرنسا الداخلية إلى تباطؤ المبادرات الأوروبية الرئيسية، مما يترك فراغًا قياديًا داخل الاتحاد، مؤكدًا أن الأزمات الداخلية في فرنسا وألمانيا تمثل تهديدًا مباشرًا لمكانة الاتحاد الأوروبي في مواجهة التحديات الدولية.
وأضاف شيفالييه أن غياب القيادة السياسية الفعالة في أوروبا يجعل من الصعب مواجهة سياسة ترامب الخارجية، التي تتسم بالمزيد من الانعزالية والضغط على الحلفاء الأوروبيين.
ويرى الخبير الاقتصادي الفرنسي جان بارثيلمي، أن ضعف الاتحاد الأوروبي اقتصاديًا وسياسيًا قد يفاقم تداعيات السياسات الحمائية، التي يعتمدها ترامب، مما يضع أوروبا في موقف دفاعي أكبر.
وأشار إلى أنه مع استمرار التحديات الداخلية في الدول الكبرى للاتحاد الأوروبي، وعودة ترامب إلى البيت الأبيض، قد يجد الاتحاد الأوروبي نفسه أمام اختبار كبير لوحدته واستقلاليته.
وأكد بارثيلمي أن تحقيق التوازن بين مواجهة الأزمات الداخلية والاستعداد للتعامل مع التحديات الخارجية سيكون المفتاح للحفاظ على قوته على الساحة الدولية.