مسيّرة تستهدف سيارة على طريق بلدة مركبا جنوبي لبنان
مع اقتراب الذكرى الرابعة لاندلاع الحرب، تتجه أوروبا إلى فتح مسار جديد مع موسكو يقوم على إعادة دمج روسيا تدريجيًّا في الاقتصاد العالمي، بما في ذلك عرض العودة إلى مجموعة الثماني (G8)، كجزء من مفاوضات سلام تسعى إلى إنهاء الحرب الأوكرانية بشكل نهائي.
وبحسب وكالة رويترز، فإن هذا المقترح جاء خلال اجتماع رفيع المستوى في جنيف جمع مسؤولين أوروبيين وأمريكيين، حيث اعتبر وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو أن اللقاء كان «أفضل يوم» في العملية التفاوضية حتى الآن.
ورغم عدم صدور تعليق رسمي من موسكو، فإن المقترح يعكس رغبة غربية، خصوصًا أوروبية، في فتح مخرج سياسي لبوتين، مقابل التزامات أمنية واضحة وتنازلات محدودة، بحسب مجلة "نيوزويك".
بالنسبة لبروكسل، فإن إعادة روسيا إلى مؤسسات الاقتصاد العالمي قد تكون أداة ضغط تعيد ضبط موازين القوة وتقلل مخاطر التصعيد.
ضغوط أمريكية على كييف
تاريخيًّا، وقفت الإدارة الأمريكية إلى جانب كييف بشكل مطلق، لكن إدارة ترامب تضغط اليوم لإبرام اتفاق سريع مع موسكو، ملوّحة باحتمال تقليص الدعم العسكري والاستخباراتي في حال رفضت أوكرانيا الانضمام إلى الاتفاق المعروض.
وتتضمن الخطة الأمريكية–الروسية الأصلية، التي صيغت دون مشاركة أوكرانية، تنازلات رفضها الرئيس فولوديمير زيلينسكي مرارًا، أبرزها: القبول بخفض عدد قوات الجيش الأوكراني إلى 600 ألف جندي، وتجميد ملف انضمام كييف إلى الناتو، والتفاوض حول خطوط التماس بشأن الأراضي المحتلة.
جاءت الخطة الأوروبية المعدلة أقل قسوة، فرفعت سقف قوات أوكرانيا إلى 800 ألف جندي، وأبقت الباب مفتوحًا أمام الانضمام المستقبلي للناتو—ولكن فقط «بإجماع الأعضاء»، وهو شرط معروف أنه يصعب تحقيقه.
مع ذلك، تبقى المقترحات الأوروبية الأخرى شديدة الحساسية، وعلى رأسها منح روسيا مقعدًا في مجموعة الثماني، وهو تنازل كبير كان حتى وقت قريب خطًّا أحمر.
فمنذ ضم القرم عام 2014، استُبعدت موسكو من المجموعة، وأدى ذلك إلى عزلة اقتصادية وسياسية واسعة.
ومع ذلك، يبدو أنّ واشنطن ولندن وبرلين تحاول تقديم «صفقة متوازنة» تُبقي على وحدة الأراضي الأوكرانية كخط أحمر، لكنها تمنح موسكو اعترافًا دوليًّا مقيّدًا وتعهدات بتخفيف العقوبات تدريجيًّا.
ورغم انتقادات ترامب الحادة لكييف ووصفه المسؤولين الأوكرانيين بأنهم «غير ممتنين»، فإن زيلينسكي قال إن «الكثير يتغير»، ما يشير إلى تحول في مواقف كييف نتيجة الضغوط المتزايدة.
تفاصيل خطة النقاط الـ28
الخطة الأوروبية الجديدة المؤلفة من 28 نقطة تعتبر الأكثر تفصيلًا حتى الآن في مسار مفاوضات السلام، وتركز على ثلاثة محاور رئيسية، أبرزها الأمن والسيادة.
وتشمل إعادة تأكيد سيادة أوكرانيا، واتفاق عدم اعتداء شامل بين روسيا وأوكرانيا والناتو، وضمانات أمنية أمريكية مشروطة، مع تحديد سقف الجيش الأوكراني عند 800 ألف جندي، وحظر نشر قوات دائمة للناتو في أوكرانيا، والتزام روسيا تشريعيًّا بعدم الاعتداء مستقبلًا، واستئناف التعاون النووي وضمان بقاء أوكرانيا دولة غير نووية.
كما تتضمن الخطة استعادة تشغيل محطة زابوريجيا النووية تحت إشراف دولي، وتقاسم إنتاجها بالتساوي بين موسكو وكييف.
في محور إعادة الإعمار والتكامل الأوروبي، تركز الخطة على إعادة بناء الدولة الأوكرانية بشكل كامل من خلال صندوق تنمية ضخم يركز على التكنولوجيا والطاقة والذكاء الاصطناعي، وتطوير البنية التحتية، واستخراج المعادن والموارد الطبيعية.
وتشمل أيضًا التعاون الأمريكي لإعادة تأهيل شبكة الغاز، وتوفير حزمة تمويلية خاصة من البنك الدولي، إلى جانب منح أوكرانيا وصولًا مفضلًا للأسواق الأوروبية.كما تنص على إجراء انتخابات أوكرانية فور توقيع الاتفاق، وتشكيل لجنة إنسانية لتبادل الأسرى ولمّ الشمل.
حوافز اقتصادية وسياسية لروسيا
أكثر النقاط حساسية في الخطة تتعلق بروسيا، وتشمل تخفيف العقوبات تدريجيًّا، وتنفيذ مشاريع اقتصادية مشتركة في مجالات الطاقة والتعدين والذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى التعاون في القطب الشمالي.
كما تتضمن الخطة دعوة روسيا للعودة إلى مجموعة الثماني وإعادة دمجها في الأسواق العالمية.
لكن بالمقابل، تربط الخطة هذه الامتيازات بسلوك موسكو، حيث إنَّ أيَّ خرق للاتفاق سيعيد العقوبات تلقائيًّا ويوقف أي اعتراف بمكاسب الأراضي.
ويشهد المشهد الدبلوماسي تحولًا ملحوظًا، إذ رحبت كييف بالحراك الجديد مؤكدة ضرورة أن يكون الاتفاق «قابلًا للتنفيذ»، فيما أشارت واشنطن إلى «تقدم مطرد» وتفاهمات قريبة.
ويظهر الأوروبيون رغبة واضحة في تسريع الاتفاق لتخفيف التوترات والقضاء على مخاطر التصعيد الإقليمي، ولم ترد موسكو بعد، لكن العرض الأوروبي يعكس بوضوح محاولة لجذبها عبر «حوافز اقتصادية»، بعد فشل أدوات الضغط التقليدية.
ومع أن بعض النقاط الجوهرية، مثل: ترتيبات الأراضي وخطوط التماس، لا تزال مفتوحة، فإن الأطراف تتفق على ضرورة التوصل لاتفاق «في أسرع وقت ممكن»، فيما تتوقع واشنطن أن يكون الإعلان قريبًا للغاية.