تتصاعد التكهنات في أروقة البرلمان البريطاني حول احتمال وجود مؤامرة لإزاحة زعيم حزب العمال، رئيس الوزراء كير ستارمر، في ظل ضغوط اقتصادية وسياسية متنامية مع ميزانية مقبلة وانتخابات محلية مصيرية.
وتدفع الهمسات خلف الأبواب المغلقة، والتقارير الإعلامية، والأرقام المتراجعة، الحزب إلى حالة من التوتر غير المسبوق في وقت لم يمضِ على فوزه بالأغلبية سوى 18 شهراً.
ورغم ذلك، خرج ستارمر بتأكيد علني مفاده أنه "فريق واحد"، وأنه غير مستعد للتخلي عن منصبه، بحسب ما نشرته شبكة "إيه بي سي نيوز".
وذكرت صحيفة "الغارديان"، في تقرير لها، أن مستشارين في "داونينغ ستريت"، مقر الحكومة البريطانية، أطلقوا تحذيراً للنواب.
وأكد المستشارون أن أي محاولة لإزاحة ستارمر ستكون "متهورة وخطيرة"، وقد تهدد استقرار الأسواق والعلاقات الدولية وحزب العمال نفسه.
وحذروا من أن أي تحدٍّ للقيادة بعد الميزانية أو الانتخابات المحلية في مايو/ أيار المقبل قد يؤدي إلى انتخابات قيادة طويلة تُربك المشهد السياسي.
من جهته، نفى وزير الصحة البريطاني بشدة أي تورّط له في مؤامرة داخلية، واصفًا التسريبات بأنها "تدميرية تماماً" وموجهة ضد رئيسه.
مع ذلك فإن صحيفة "ذا إندبندنت" أشارت إلى أن نحو نصف البريطانيين يرون أن ستارمر يجب أن يغادر قيادة الحزب الآن، فيما ذكرت "فايننشال تايمز" أن هناك تذمراً متزايداً من توجه الحزب نحو اليمين في المدن الكبرى، خصوصاً في لندن، مما يهدّد قاعدة أنصاره التقليدية.
وكشفت مصادر "الغارديان" أن بعض النواب أُبلغوا بأن وزير الصحة ويس ستريتنغ يحظى بتأييد 50 نائباً على الأقل إذا ساءت نتائج الميزانية، لكن لا توجد أي تحركات فعلية لإزاحة ستارمر الآن، ما يوضح أن التحذيرات هي بالأساس لإجهاض أي مؤامرة قبل وقوعها.
وأضافت المصادر أن أي تحدٍّ للقيادة في هذا الوقت سيكون "أخطر من أن يُقدم عليه أحد"، إذ لم يُطرد أي رئيس وزراء من حزب العمال من نوابه في منتصف الدورة الحكومية من قبل، ما يجعل المخاطر كبيرة جدًّا على استقرار الحزب وصورته أمام الرأي العام.
ويشير محللون إلى أن البدائل داخل الحزب ليست كثيرة، إذ يُنظر إلى ويس ستريتنغ بصفته الاسم الأبرز كبديل محتمل، إلى جانب شبانة محمود وآخرين مثل إدوارد ميليباند وآندي بيرنهام، ومع ذلك يواجهون جميعًا معوقات هيكلية وسياسية تجعل التغيير ليس سهلاً كما يبدو.
وبينما يواصل ستارمر محاولة تهدئة الأوضاع من خلال خطابات تُحذر من خطر صعود حزب الإصلاح، يقول محللون إن الأزمة داخل حزب العمال قد تكون أعمق مما تظهر، فالشروط الداخلية لإطلاق انتخابات قيادة – التي تتطلب دعم 20 % من النواب، أي حوالي 80 نائباً – تجعل أي تغيير جذري أمراً معقّداً.
وبينما يصر ستارمر على مواصلة شروطه للقيادة، يبقى السؤال مطروحاً: هل هي فعلاً لحظة إرهاق داخلي حقيقي في صفوف الحزب، أم أنها مناورة محسوبة لإجهاض أي تحرك ضده؟