لا تزال مطالب الحكومات الإفريقية من الغرب بتقديم الاعتذارات والتعويضات وإعادة الحقوق عن قرون من العبودية والاستعمار، "نادرة"، ومع ذلك، بدأ المجتمع المدني بالتحرك في محاولة لجعل الأمر واقعًا قانونيًا.
واجتمع نحو 100 دبلوماسي ومحامٍ وممثل عن المجتمع المدني، برعاية الأمم المتحدة والاتحاد الدولي لحقوق الإنسان والاتحاد الإفريقي، لمناقشة التعويضات التي يحق للأفارقة والأشخاص ذوي الأصول الإفريقية توقعها.
عُقد الاجتماع عبر تقنية الفيديو بمناسبة اليوم العالمي للمنحدرين من أصل إفريقي، تحت شعار "جعل التعويضات واقعًا قانونيًا، في مواجهة قرون من العبودية والاستعمار والعنصرية الممنهجة".
وفي كلمة لها، أشارت رئيسة الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان من بوتسوانا، أليس موغوي، إلى ضرورة الاعتراف بالسكان المنحدرين من أصل إفريقي كمجموعة محددة يجب حماية حقوقها.
وأضافت: "تُبرز التعويضات الصلة الجوهرية بين إرث الاستعمار والعبودية، والأشكال المعاصرة للعنصرية والتمييز العنصري المنهجي".
ورحبت بالخطوات الأولى القليلة التي اتُّخذت أخيرًا، مثل اعتذار ألمانيا عن الإبادة الجماعية للهيريرو والناما في ناميبيا، وتعويض المملكة المتحدة الجزئي للماو ماو في كينيا، وإعادة فرنسا وبلجيكا للممتلكات الثقافية.
لكنها تصر على أن هذه المبادرات تبقى معزولة؛ ورغم أنها غير كافية إلى حدّ كبير في ضوء الحاجة إلى عدالة إصلاحية أوسع وأكثر جذرية، إلا أن الاعتذارات وعمليات إعادة الممتلكات التي لوحظت حتى الآن تُشكّل خطوة مهمة، وفق المسؤولة.
ومع أن قضية التعويضات أصبحت أكثر بروزًا تدريجيًا، فإن المقاومة من جانب الدول المالكة للعبيد سابقًا تظل واضحة، كما يقول روجر ويرهام، وهو محامٍ أمريكي من أصل إفريقي وعضو في حركة "12 ديسمبر" (منظمة إفريقية لحقوق الإنسان مقرها نيويورك).
ويستشهد ويرهام بالمناورات الدبلوماسية التي قامت بها قوى مالكي العبيد السابقين لمنع أي ذكر صريح للتعويضات في مؤتمر الأمم المتحدة لمناهضة العنصرية والتمييز العنصري في ديربان عام 2001.
أما عضوة البرلمان السويسرية من أصل كيني، إيفون أبيو براندل-أمولو، فأوضحت أن "المواقف في أوروبا متباينة، إذ ترفض المملكة المتحدة أي تعويض ملموس".
وتقتصر بلجيكا على مبادرات رمزية، مثل الاعتراف باختطاف أطفال من أعراق مختلطة في جمهورية الكونغو الديمقراطية.
أما سويسرا، التي طالما أنكرت ذلك، فقد بدأت للتو في مواجهة ماضيها.
وفي المقابل، تُعدّ هولندا استثناءً، إذ خصصت 200 مليون يورو للتعليم وإحياء الذكرى.
أجمع المشاركون في المؤتمر على أن التعويضات لا تقتصر على الجوانب المالية فحسب، بل تشمل أيضًا استعادة الأراضي، والحصول على الحقوق الأساسية، والاعتراف الثقافي، والمشاركة السياسية.
كما أقرّ معظم المشاركين بتأخر إفريقيا في التنمية المستقلة، وهو تأخر ناجم عن الاستعمار وتجارة الرقيق، وقدّرته قمة الاتحاد الإفريقي في فبراير/ شباط 2025 بنحو "تريليون دولار". لكن هذا يبقى ضربًا من الخيال، حتى وإن كان يُغذّي السعي نحو السيادة في القارة.