logo
العالم

تعاون أم استغلال.. أفريقيا تتحول إلى "محطة ترحيل" أمريكية

تعاون أم استغلال.. أفريقيا تتحول إلى "محطة ترحيل" أمريكية
من عمليات ترحيل المهاجرين
23 أغسطس 2025، 6:42 ص

أصبحت  أوغندا أحدث دولة أفريقية توافق على استقبال  مهاجرين غير مرغوب فيهم من الولايات المتحدة، لتنضم إلى إسواتيني وجنوب السودان ورواندا. 

خطوةٌ وصفها مراقبون بأنها بداية لمسار جديد في سياسات واشنطن تجاه الهجرة، ودفعت إلى تساؤلات جوهرية: ما الفائدة التي ستجنيها هذه الدول الأفريقية، وكيف ستواجه تبعات الاتفاقيات؟

خلفية سياسية أمريكية

منذ حملته الانتخابية عام 2024، جعل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من ملف الهجرة غير الشرعية محورًا أساسيًا لسياسته الداخلية، متعهدًا بتنفيذ "أكبر عملية ترحيل في تاريخ أمريكا"؛ غير أن ترحيل المهاجرين إلى دول أفريقية لم يكن ضمن خطته الأصلية.

لكن وزارة الأمن الداخلي الأمريكية أعلنت في يونيو الماضي أن إرسال مهاجرين غير موثقين إلى "دول ثالثة" بات أمرًا ضروريًا للتعامل مع أشخاص وصفتهم بأنهم "خطرون لدرجة أن بلدانهم الأصلية ترفض استعادتهم"؛ وهكذا فتحت واشنطن بابًا جديدًا للترحيل، معتمدة على دول أفريقية كوجهة نهائية.

أخبار ذات علاقة

مهاجرون غير شرعيين في أمريكا

بعد نفيها الاتفاق مع ترامب.. أوغندا توافق على استقبال مرحّلين من أمريكا

الاتفاق مع أوغندا، وفق مصادر في لندن وواشنطن، أكثر طموحًا من الترتيبات السابقة؛ ففي يوليو الماضي، لم يتجاوز عدد المرحّلين إلى جنوب السودان وإسواتيني عشرة أفراد، لكن اتفاق كمبالا يبدو مختلفًا من حيث الحجم والتوجه.

ومع ذلك، يعيش الأوغنديون حالة من التناقض؛ فقبل أيام من تأكيد الاتفاق، أعلن وزير الدولة للشؤون الخارجية، هنري أوريم أوكيلو، أن بلاده "لا تملك القدرة على استقبال مزيد من المهاجرين"، لكن وزارة الخارجية عادت لتقر بأن الأمر قائم، واصفة الاتفاق بأنه "ترتيب مؤقت".

وتستضيف أوغندا حاليًا نحو 1.7 مليون لاجئ، معظمهم من جمهورية الكونغو الديمقراطية وجنوب السودان والسودان، ما يجعلها أكبر دولة مضيفة للاجئين في القارة. 

وعلى الرغم من أن المجتمعات المهاجرة تعيش غالبًا بسلام مع السكان المحليين، فإن هناك شعورًا متزايدًا بالضغط.

ووفقًا لإذاعة "دويتشة فيله" الألمانية، يقول أحد سكان كمبالا، دوركوس كيمونو: "نحن بلد مضياف لكننا نختنق بالفعل، إذا كانت أمريكا تريد إرسال مهاجرين إلى هنا، فماذا ستقدم لنا بالمقابل؟".

أخبار ذات علاقة

من زيارة سابقة أجراها ترامب لمركز احتجاز مهاجرين

"تصدير المهاجرين".. ترامب يغري الدول الفقيرة بـ"الصفقة المشبوهة"

 إسواتيني.. مملكة بلا حقوق

في حالة إسواتيني، أثار وصول خمسة مهاجرين في يوليو الماضي موجة غضب داخلية. فالدولة، التي يحكمها الملك مسواتي الثالث منذ عام 1986، تُتهم بانتهاكات واسعة لحقوق الإنسان.

من جانبها قالت الناشطة السياسية مفاندلانا شونغوي لـ"دويتشه فيله": "نرفض أن يتم جلب مدانين إلى بلدنا ليختلطوا بشبابنا. هذا استهتار بمستقبلنا"؛ ورغم طمأنة الحكومة بأن المرحّلين محتجزون في عزلة، فإن الشكوك ما زالت تسيطر على الرأي العام.

أما جنوب السودان، الغارق في صراعاته الداخلية، فوافق هو الآخر على استقبال مرحّلين من الولايات المتحدة؛ لكن تفاصيل الاتفاق بقيت طي الكتمان، الأمر الذي أثار تساؤلات منظمات المجتمع المدني.

ويرى محللون أن هذه الاتفاقيات تعكس حسابات جيوسياسية أكثر منها إنسانية. ويقول أليكس فاينز من مركز "تشاتام هاوس" في لندن: "الأمر يتعلق برغبة هذه الدول في تنويع شراكاتها مع إدارة ترامب، أملاً في تحقيق فوائد مالية أو سياسية لاحقًا".

بدورها، أعلنت رواندا استعدادها لاستقبال ما يصل إلى 250 مهاجرًا، لكنها اشترطت أن تحتفظ بحق قبول أو رفض كل فرد على حدة؛ حيث بررت الحكومة الرواندية ذلك بأنه جزء من "قيم إعادة الإدماج والتأهيل"، محاولةً إظهار الاتفاق في صورة تضامن إنساني.

انقسامات داخل القارة

لم تُبدِ جميع الدول الأفريقية ترحيبًا؛ فبينما تواصلت واشنطن مع ليبيريا والسنغال والغابون وموريتانيا وغينيا بيساو، أعلنت نيجيريا رفضها القاطع، مؤكدًة أنها لا تستطيع تحمّل أعباء إضافية.

أخبار ذات علاقة

الأمن الأمريكي يواجه المحتجين ضد "مكافحة الهجرة"

حلول ترامب الأمنية تعمق الجدل حول "أزمة المهاجرين"

وقال وزير الخارجية النيجيري يوسف توغار: "لدينا ما يكفينا من تحديات، ولسنا مستعدين لاستقبال مهاجرين من خارج قارتنا".

يبقى السؤال الأكبر: ما المكاسب الحقيقية التي ستعود على هذه الحكومات الأفريقية؟ سكان كمبالا عبّروا بوضوح عن توقعاتهم: مساعدات في البنية التحتية، والتعليم، والصحة؛ لكن حتى الآن، لا توجد مؤشرات واضحة على التزامات أمريكية بهذا الحجم.

وفي الوقت الذي تواصل فيه إدارة ترامب سياستها الصارمة في الترحيل، تبدو أفريقيا أمام معادلة معقدة: هل هي مجرد "ملجأ" مؤقت لسياسات واشنطن الداخلية، أم أنها شريك مفترض في حل أزمة الهجرة العالمية؟

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC