logo
العالم

بين الوظائف والأمن القومي.. لماذا تفشل أمريكا في كبح نفوذ الصين؟

الرئيس الصيني شي جينبينغ المصدر: رويترز

في مدينة "ويسكونسن رابيدز" التابعة لولاية ويسكونسن الأمريكية، يسعى رئيس البلدية مات زاكر إلى حماية الوظائف التي توفرها شركة صينية عملاقة في صناعة الورق، مفضلاً التركيز على مصالح السكان المحليين على الاعتبارات الجيوسياسية. 

استثمرت شركة "إن دي بيبر"، الفرع الأمريكي لشركة "ناين دراغونز بيبر هولدينغز" الصينية، بشكل كبير في ولاية ويسكونسن، وأسهمت في إنعاش قطاع الورق المتراجع منذ عقود، والذي كان يجعل من ويسكونسن رائدة عالمياً في هذا المجال.

أخبار ذات علاقة

الرئيس الصيني شي والرئيس الأمريكي ترامب

2025.. عام سباق الهيمنة التكنولوجية بين أمريكا والصين

إلا أن هذا الاستثمار يأتي في وقت تتخذ فيه الولايات الأمريكية خطوات تشريعية للحد من النفوذ الصيني، وسط مخاوف من أن تمنح الاستثمارات الصينية وصولاً إلى البنية التحتية والموارد الحيوية للولايات المتحدة، بما في ذلك الاتصالات والطاقة والمياه، أو حتى بيانات حيوية مثل الحمض النووي للمواطنين.

التوتر بين الأمن القومي والنمو الاقتصادي المحلي

قال زاكر لمجلة "نيوزويك": "يجب وضع التدابير الأمنية اللازمة للشعور بالأمان مع الدول الأخرى التي نعتبرها خصوماً؛ لأننا نريد أن يحصل الناس في المنطقة على وظائف". 

وتعكس هذه التصريحات التوتر بين الرغبة في حماية الوظائف المحلية وبين المخاوف من النفوذ الأجنبي.

تعتمد الولايات مثل ويسكونسن ونبراسكا وتكساس وأركنساس ونيو هامبشاير قوانين، منع الشركات المرتبطة بالحزب الشيوعي الصيني من شراء الأراضي أو العقارات، وتفرض تسجيل الأفراد الذين يعملون لصالح هذه الكيانات كـ"وكلاء أجانب"، بهدف الحد من أنشطة النفوذ والتأثير السياسي الصيني.

ردت الصين على هذه الإجراءات الرسمية، معتبرة أن استبعاد المواطنين أو الشركات الصينية من الاستثمارات المحلية "تجاوز لمفهوم الأمن القومي وممارسة تمييزية"، وفق ما صرحت به ليو بينغيو، المتحدثة باسم السفارة الصينية.

أخبار ذات علاقة

نيكولاس مادورو

هل تنجح خطة مادورو في تصدير النفط الفنزويلي إلى الصين؟

وأكدت أن الاستثمارات الصينية ساهمت في خلق فرص العمل والنمو الاقتصادي في الولايات المتحدة، ودعت إلى بيئة أعمال مفتوحة وعادلة وغير تمييزية.

من جانبها، أعربت جمعيات الصناعة، مثل مجلس صناعة الورق في ويسكونسن، عن قلقها من مشروع قانون يفرض قيوداً على الاستثمارات الأجنبية، معتبرة أن صياغة القانون الفضفاضة قد تثير حالة من عدم اليقين لدى الشركات المستثمرة محلياً. 

وقال سكوت سودر، رئيس المجلس، لمجلة "نيوزويك": "لدينا مخاوف بشأن ما نعتقد أنه لغة غامضة للغاية؛ الأمر الذي قد يخلق حالة من عدم اليقين للشركات المحلية".

كما حذر كين ليو، الرئيس التنفيذي لشركة ND Paper، من أن مشروع القانون قد يكون له "عواقب سلبية خطيرة" على عمليات الشركة في ويسكونسن، معتبراً أن استثمارات الشركة، التي تجاوزت 400 مليون دولار ووفرت مئات الوظائف، باتت معرضة للخطر.

النفوذ الصيني غير المباشر

يرى خبراء مثل شيريل يو، زميلة الدراسات الصينية في مؤسسة جيمستاون، أن الشركات الصينية المرتبطة بالحزب الشيوعي تخضع لنظام "الدمج العسكري المدني"، الذي يسمح للحزب بالاستفادة من الأصول الصناعية في الخارج عند الحاجة، بما في ذلك مصانع الورق في ويسكونسن. 

وقالت: "مصانع شركة ND Paper جزء من هذا النظام؛ ما يعني أنه يمكن استخدام البنية التحتية الصناعية لخدمة أهداف الحزب الشيوعي الصيني، وليس فقط الأهداف التجارية".

وتسعى الولايات الأمريكية إلى استخدام أدوات قانونية لحماية الأمن القومي، بما في ذلك قوانين تمنع الاستحواذ الأجنبي على الأراضي وتلزم الوكلاء الأجانب بالتسجيل، ولكن هذه الإجراءات تثير جدلاً حول تأثيرها على الاقتصاد المحلي وسلسلة الوظائف. 

أخبار ذات علاقة

علما الصين والهند

الصين تشكو الهند لدى منظمة التجارة العالمية

وبحسب مايكل لوتشي، مؤسس منظمة "ستيت أرمور"، هناك فجوة كبيرة في استهداف الصين للولايات بطرق مختلفة، حيث يُدار النفوذ الصيني بشكل ممنهج من خلال مجتمع الأعمال الأمريكي، مع اختلاف مصالحه عن الأهداف التجارية البحتة.

يبقى المشهد على الأرض معقداً، حيث يكافح السياسيون المحليون لتحقيق توازن بين حماية الاقتصاد المحلي من النفوذ الأجنبي وضمان استمرارية الوظائف التي توفرها الاستثمارات الصينية. 

ويقول زاكر: "هل ندعو الحزب الشيوعي مباشرة، أم ندعو رواد الأعمال الذين يريدون فقط إعادة تدوير الكرتون وصنع الورق؟"، معبراً عن تحديات الموازنة بين الأمن القومي والنمو الاقتصادي المحلي.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC