logo
العالم

كيلمار غارسيا.. المهاجر الذي رُحّل بالخطأ وأثار الرأي العام في أمريكا‎

كيلمار غارسيا.. المهاجر الذي رُحّل بالخطأ وأثار الرأي العام في أمريكا‎
جينيفر فاسكيز سورا زوجة كيلمار خارج المحكمة في بميريلاندالمصدر: رويترز
17 أبريل 2025، 3:03 م

تشكل قضية المهاجر كيلمار غارسيا المقيم بولاية ميريلاند قانونيًّا في الولايات المتحدة مع زوجته الأمريكية الجنسية وطفليه، قضية رأي عام يتواجه فيها المشرعون المحليون والأعضاء الديمقراطيون في مجلسي النواب بالكونغرس ضد إدارة الرئيس دونالد ترامب.

القصة تعود إلى الشهرين الماضيين، عندما تم اعتقال غارسيا من مقر سكنه العائلي ونقله إلى مركز احتجاز قبل ترحيله مع عشرات المهاجرين غير النظاميين إلى أكثر السجون تشددًا في العالم في سلفادور، بناءً على اتفاق بين إدارة الرئيس ترامب والحكومة المحلية هناك.

لاحقًا، سارعت عائلة غارسيا إلى رفع دعاوى قضائية لدى محاكم الولاية في سعي لإثبات أن الأب والزوج مقيم شرعي في الولايات المتحدة، وسجله الشخصي خالٍ من أي سوابق إجرامية، وأنه لا علاقة له بالمرحلين الآخرين الذين خالفوا قوانين البلاد، سواء بالدخول إلى الولايات المتحدة بطريقة غير قانونية أو الإقامة والعمل فيها من غير تصريح من الجهات المعنية.

عندما رُفعت هذه الدعاوى، كان غارسيا قد رُحل إلى سلفادور، وهنا أثارت عائلته مسائل أخرى تتعلق بسلامته الشخصية وسط سجن معروف على المستوى العالمي بأنه يضم أكبر المجرمين وأشدهم خطرًا على الأمن والسلامة العامة في سلفادور، وهنا في الولايات المتحدة.

نظرت المحاكم تباعًا على المستوى المحلي بولاية ميريلاند والفيدرالي بالعاصمة واشنطن؛ لأن المدعى عليهما في هذه القضية هما وزارة العدل ووزارة الأمن الداخلي، وفي جميع الأحكام التي صدرت عن هذه المحاكم، كان الحكم لصالح عائلة غارسيا، وأن الترحيل للمهاجر القانوني والمقيم النظامي كان خطأ من قبل الجهات الوصية، وعلى البيت الأبيض أن يباشر إجراءات إعادة غارسيا إلى الولايات المتحدة.

مسؤولو مصالح الهجرة اعترفوا أن هناك خطأً ما وقع في عملية الترحيل التي تمت في حق المهاجر السلفادوري، لكنهم في الوقت ذاته لم يقدموا أي التزامات واضحة بإمكانية مباشرة إجراءات إعادته إلى البلاد، كما طالب بذلك قضاة المحكمة الفيدرالية.

هنا اتسعت دائرة المطالب من قبل عائلة غارسيا عندما تقدمت بطلب جديد للمحكمة الفيدرالية بحقها في الحصول على معلومات تخص الحالة الصحية والسلامة الجسدية والنفسية لغارسيا في سجن سلفادور.

مرة أخرى، يحكم القضاء لصالح العائلة ويطالب البيت الأبيض بتقديم تحديث يومي عن تطورات مساعي استقدام المهاجر مجددًا إلى الولايات المتحدة.

البيت الأبيض في هجوم معاكس

لم يقف البيت الأبيض مكتوف الأيدي أمام سلسلة الأحكام القضائية الصادرة لصالح عائلة غارسيا، بل أطلق بحثًا معمقًا في السجل الإجرامي والمسار الشخصي للمهاجر صاحب التسعة والعشرين عامًا، ليشير إلى وجود بعض الثغرات التي تسمح له، من الناحية القانونية، بالتحفظ على قرار إعادة غارسيا إلى الولايات المتحدة مجددًا.

يقول البيت الأبيض إنه وجد غارسيا على صلة بأفراد وتنظيمات تُشكل خطرًا أمنيًّا على السلامة العامة للأمريكيين، إضافة إلى أن سجله يتضمن طلبًا من زوجته لحمايتها من العنف المنزلي، وهو الأمر الذي أوضحته الزوجة لاحقًا أن هذه القضية لا ترتبط بغارسيا شخصيًّا، وإنما ترتبط بزوجها السابق قبل ارتباطها بالمهاجر الفنزويلي.

كان واضحًا أن البيت الأبيض بصدد مواجهة عاصفة انتقادات واسعة تجاوزت بكثير حدود ولاية ميريلاند إلى المستوى الفيدرالي، وتحديدًا إلى أروقة الكونغرس، وفي صورة أبعد من ذلك، باتت هذه القضية هي التي تُغطي النقاشات السياسية والإعلامية على طريقة إدارة ملف الهجرة وأمن الحدود من قبل الإدارة الحالية.

إضافة إلى حرب التصريحات المضادة التي يخوضها البيت الأبيض في هذا الخصوص، سواء من خلال التحديث اليومي للمتحدثة باسم البيت الأبيض، أو من خلال تصريحات المدعية العامة في الإدارة أو مسؤولي وزارة الأمن الداخلي، لجأ البيت الأبيض إلى خيار آخر في تقديره أنه قادر على تغيير اتجاه النقاش الدائر في البلاد حول قضية غارسيا.

جميع هذه الجهود لم تحقق الهدف الذي تريده الإدارة، وهو محاولة إنهاء النقاش الوطني القائم حول المسألة القانونية والأخلاقية في هذه القضية.

أزمة قانونية وخلفية أخلاقية

يقول المعارضون لموقف إدارة الرئيس ترامب في قضية ترحيل غارسيا، إن إدارة ترامب، بسلوكها المتشدد في رفض إعادة المهاجر المقيم قانونيًّا في البلاد، أظهرت عدم احترامها للدستور الأمريكي من خلال عدم انصياعها للقرارات الصادرة عن المحاكم الفيدرالية، والتي هي ملزمة من الناحيتين القانونية والقضائية للحكومة الفيدرالية، عملًا بمبدأ الفصل بين السلطات المنصوص عليه دستوريًّا.

البيت الأبيض، وفي خطوة مضادة، أظهر الرئيس ترامب وهو يستقبل المواطنة "ماتي مورين"، واحدة من الأمهات التي قُتلت ابنتها، الأم لخمسة أطفال، في اعتداء لمهاجر غير قانوني.

وقالت إن المشرّعين الديمقراطيين الذين يطالبون بإعادة غارسيا إلى البلاد لا يحترمون مشاعرها كامرأة أمريكية فقدت ابنتها في اعتداء نفذه مهاجرون دخلوا البلاد بطريقة غير قانونية، وهم يشكلون خطرًا حقيقيًّا على السلامة العامة للأمريكيين في مختلف جهات البلاد، وأن الطريقة الأمثل للتعامل مع هؤلاء تتمثل في الأسلوب الذي تتبعه إدارة الرئيس ترامب في الوقت الحاضر.

لاحقًا، تحدثت الأم إلى مراسلي البيت الأبيض من خلال منصة المؤتمر الصحفي اليومي للمتحدثة باسم البيت الأبيض، وهو الحديث الذي أرادت من خلاله الإدارة إرسال رسالة واضحة إلى الخصوم الديمقراطيين في الكونغرس بأن الرأي العام الأمريكي يقف في صف إجراءات ترامب في كيفية التعامل مع ملف المهاجرين غير النظاميين الموجودين داخل البلاد.

سيناتور ديمقراطي يسافر إلى سلفادور

استكمالًا لمشاهد الانقسام الحاد المرتبط بهذه القضية بين الديمقراطيين والجمهوريين وإدارة الرئيس ترامب، قرر السيناتور الديمقراطي عن ولاية ميريلاند "فان هولين" السفر إلى سلفادور ومطالبة الحكومة المحلية هناك بالسماح له بزيارة غارسيا والاطلاع على حالته الصحية داخل السجن.

السيناتور، الذي لم تستجب حكومة سلفادور لطلبه، تحدث إلى الصحفيين من محيط السجن، وقال إنه هنا للدفاع عن إنسان اتضح أنه بريء ولم يرتكب أي جريمة أو أي نوع من الأخطاء التي تستوجب وجوده في هذا المبنى المخصص لكبار المجرمين، وأنه هنا ليطلب من رئيس سلفادور الاستجابة لطلبه والتعاون لأجل إطلاق سراح غارسيا وإعادته إلى الولايات المتحدة ولمّ شمله بعائلته التي تنتظره.

يقول المعارضون من أنصار سياسة ترامب للهجرة، إن السيناتور الديمقراطي استخدم الأموال العامة للسفر إلى سلفادور للدفاع عن مهاجر إلى الولايات المتحدة وهو ليس بمواطن أمريكي، وإن الأولى بجهود السيناتور أن تتوجه إلى مساعدة العائلات الأمريكية التي فقدت أبناءً لها في اعتداءات نفذها مهاجرون غير نظاميين في مختلف مدن وولايات البلاد.

الديمقراطيون في مقابل ذلك يردون على هذه التصريحات بقولهم إنهم يقفون هذا الموقف أولًا احترامًا لعمل المؤسسات القضائية في البلاد، فالقضاء حسم موقفه وأعلن أن الترحيل خاطئ، وأن غارسيا من حقه أن يعود إلى الولايات المتحدة، هذا في جانب.

وفي الجانب الآخر يرون أن ما حدث مع غارسيا يجب أن يتحول إلى قاعدة للتعامل مع ملف الترحيل، خاصة وأن التزام الرئيس ترامب عندما أعلن عن سياساته للهجرة كان استهداف ترحيل المهاجرين الذين يشكلون خطرًا على أمن وسلامة للأمريكيين.

لكن عمليات الترحيل الجماعي التي يتم تنفيذها في الوقت الحاضر تجاوزت ذلك إلى الكثير من الفئات، وحتى منها تلك التي يظل وجودها قانونيًّا وشرعيًّا في الولايات المتحدة.

غارسيا في مركز حوار علاقات سلفادور بالولايات المتحدة

يواجه المشرعون الجمهوريون في تجمعاتهم مع قواعدهم الانتخابية في مختلف الولايات موجة غضب واسعة من الناخبين الأمريكيين في هذه القضية تحديدًا، وآخر هذه المواجهات كانت بولاية آيوا، عندما طالب الناخبون ممثليهم الجمهوريين بالتدخل بصورة عاجلة لإنهاء هذه الأزمة، وإلا فإنهم يؤيدون البيت الأبيض في تجاوز صلاحياته الدستورية بعدم الانصياع لأحكام القضاء.

أخبار ذات علاقة

مهاجرون في أمريكا مكبلون بالأصفاد

ترامب وترحيل المهاجرين غير النظاميين.. أزمات متعددة والطموح واحد

 وفي مواجهة هذا الغضب، يقول مشرعون جمهوريون إن القضاء الأمريكي يملك سلطة على ممثلي الحكومة الفيدرالية، لكنه في مقابل ذلك لا يملك سلطة على قرارات الحكومات الأجنبية.

هذه التصريحات من قبل المشرعين الجمهوريين جاءت تعقيبًا على تلك التصريحات التي أطلقها رئيس سلفادور "نجيب أبو كيلة" خلال زيارته البيت الأبيض، الأسبوع الماضي، ولقائه بالرئيس ترامب.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC