logo
العالم

ترامب وترحيل المهاجرين غير النظاميين.. أزمات متعددة والطموح واحد

ترامب وترحيل المهاجرين غير النظاميين.. أزمات متعددة والطموح واحد
مهاجرون في أمريكا مكبلون بالأصفاد المصدر: رويترز
16 أبريل 2025، 3:23 م

لا يزال  الفريق المعاون للرئيس الأمريكي دونالد ترامب يصر على أن طموح هذه الإدارة الاستراتيجي، هو ترحيل مليون  مهاجر غير نظامي في العام الأول من عمرها.

وهذا رقم كبير من الناحية العددية، ولكن من الناحية العملية ترتبط المسألة بالكثير من التعقيدات القانونية والإدارية والإجرائية، التي سيكون الوقت ضيقًا جدًّا أمام الإدارة لتجاوزها، خاصة في ظل الأصوات المتعالية المطالبة باحترام الإجراءات القانونية التي تحكم وتنظم عمليات الترحيل، وكذلك في ظل النزاعات القانونية المتعددة والمتجددة التي تواجهها الإدارة في طريق تحقيق طموحها.

ومن الناحية العددية، يبدو أن الرقم كبير جدًّا بالنظر إلى التاريخ، حيث نجحت إدارة الرئيس السابق باراك أوباما في  ترحيل أكبر عدد في التاريخ الأمريكي بمعدل أربعمائة ألف مهاجر خلال عام واحد، وهو الرقم القياسي المسجل حتى الآن في رصيد الرؤساء الأمريكيين، وبالنظر إلى ما تطرحه الإدارة الحالية فإن الرقم أكبر بكثير.

يقول المختصون في واشنطن إن عملية الترحيل تصطدم بعقبة مالية في المقام الأول، إذ إنها تحتاج إلى تمويل إضافي لميزانية وزارة الأمن الداخلي، وهي مسألة تحتاج عند تنفيذها على الأرض إلى مصادقة من الكونغرس، خاصة الغرفة الأولى التي تتولى مسائل الصرف والمالية في الحكومة الفيدرالية.

أخبار ذات علاقة

من ترحيل الولايات المتحدة لمهاجرين

انتصار جديد لترامب.. المحكمة العليا ترفع الحظر عن ترحيل المهاجرين الفنزويليين

قيمة الصوت الديمقراطي

وبالنظر إلى أن الجمهوريين لا يملكون الأغلبية المريحة في المجلس، سيكون الرئيس ترامب والنواب المؤيدين له بحاجة إلى أصوات الديمقراطيين لتمرير أي ميزانية إضافية تحتاج إليها الإدارة لتمويل عمليات الترحيل، وهنا سوف تظهر قيمة الصوت الديمقراطي، وقدرته على تحقيق رغبة الإدارة من عدم ذلك؛ لأن الديمقراطيين يقفون في الجهة المقابلة تمامًا من سياسات ترامب، وإن اتفقوا معه في مبدأ الترحيل، لكن التباين شاسع بين الطرفين فيما يتصل بكيفية تنفيذ خطة الترحيل.

مرحلة الانتظار

 العقبة الثانية، سيكون من واجب الإدارة الحالية احترام قانون الهجرة الذي يلزم المصالح المعنية بعرض أي مرحل على القضاء قبل تنفيذ الترحيل، وهنا يأتي عامل الوقت بالنسبة لمرحلة الانتظار، وهي المرحلة التي يقضيها المرحلون بمراكز العبور، وهذه تحتاج إلى أموال إضافية، وإلى الالتزام بمعايير قانونية محددة، عادة ما تطالب بها المنظمات الحقوقية والمشرعين في الكونغرس.

 وآخر التطورات على هذه الجبهة، تلك الزيارة التي قادت مشرعي ولاية ميريلاند إلى مركز العبور بعاصمة الولاية، وأعلنوا احتجاجهم العالي جدًّا ضد الظروف التي وضع فيها المهاجرون، كما طالبوا إدارة ترامب بالعمل سريعًا على إنهاء الإجراءات القانونية والإدارية والقضائية، وترحيل هؤلاء والعمل على ضخ أموال إضافية لإيجاد مراكز  إضافية للاحتجاز، لأن مركز الولاية المحاذية للعاصمة واشنطن لم يعد قادرًا على استيعاب الأعداد الهائلة من المهاجرين التي تنتظر مصيرها هناك.

هذا على مستوى الداخل، لكن هناك عقبات أخرى لا ترتبط بالخلاف الديمقراطي الجمهوري في الداخل، بالقدر الذي ترتبط بإيجاد الدول المستضيفة للمهجرين، حيث رفضت بعض دول المنشأ- كما حدث مع كولومبيا في وقت سابق، وجنوب السودان مؤخرًا قبل أن تتراجع أمام ضغوط  إدارة ترامب- استقبال مواطنيها المرحلين.

وأثار هذا الأمر عواصف سياسية في أكثر من مناسبة، وهي العواصف التي يعتقد ديمقراطيون أنه كان بالإمكان تجاوزها لو تمت عمليات الترحيل بطريقة أفضل، من حيث التعاون والترتيب المسبق مع الدول المعنية باستقبال مواطنيها.

الدولة الثالثة

ووجدت إدارة ترامب الحلول البديلة لهذه الإشكالية من خلال إطلاق مشروع الدولة الثالثة، وهو المصطلح الذي باتت تعرف به الدول التي ترحب باستقبال مهاجرين مرحلين إليها من غير مواطنيها، في صورة المكسيك الحدودية والسلفادور، حتى لو كان هؤلاء من غير مواطنيها.

يقول مسؤولو إدارة ترامب أن هذه الفكرة لقيت ترحيبًا من قبل ثلاثين دولة صديقة وحليفة للولايات المتحدة، لكنها في نهاية المطاف سوف تظل دول عبور بالنسبة للمهاجرين، وسوف تكون هناك تبعات سياسية وإنسانية لعمليات الترحيل، وسوف تكون الإدارة الأمريكية الطرف المسؤول عنها، سواء من خلال تقديم المساعدات للدول المستقبلة، أو العمل على التوصل إلى تسويات نهائية لملفات المرحلين.

 حلول عاجلة

ولا تزال الإدارة الحالية تسعى بقوة إلى تحقيق جزء كبير من التزاماتها الانتخابية في فترة المائة يوم الأولى من عمر وجودها في البيت الأبيض؛ لذلك لجأت أثناء تعاملها مع  ملف الترحيل إلى فكرة تنفيذ عمليات الترحيل للمهاجرين الذين صدرت في حقهم أحكام قضائية نهائية، سواء كان ذلك خلال فترة الإدارة السابقة، أو في الشهور الأولى لإدارة ترامب.

ويقارب عدد هؤلاء المليون ونصف مليون مهاجر، وهذا عدد إضافة إلى كونه يحقق الهدف الاستراتيجي للرئيس ترامب، إلا أن الإدارة الأمريكية سوف تجد نفسها وهي تتعامل معه لا تحتاج إلى أي وقت إضافي، أو الالتزام بأي إجراءات إضافية، فكل الذي تحتاج إليه هو تنظيم رحلات طيران لنقل هؤلاء إلى خارج البلاد، سواء إلى دولة المنشأ أو إلى الدول الثالثة.

وإن ظهر أن هذه العملية سهلة من الناحية الإجرائية في الداخل، إلا أنها تصطدم بعوائق أخرى لا تقل تعقيدًا عن تلك التي ترتبط بالآخرين من المهاجرين، وهي المخصصات المالية لتنظيم رحلات الطيران من الولايات المتحدة إلى الدول المستضيفة.

يقول مسؤولو وزارة الأمن الداخلي إن معدلات رحلات الترحيل قد ارتفع بنسبة 15% بين شهري يناير/كانون الثاني الماضي ومارس/آذار الماضي، أي أن عدد الرحلات التي تم تنفيذها في يناير /كانون الثاني الماضي كان 100 رحلة، فيما سجل عدد أكبر من الرحلات في مارس/آذار الماضي بلغ 130 رحلة.

وستكون إدارة ترامب بحاجة مرة أخرى إلى الموارد المعتمدة من الكونغرس لتنظيم هذه الرحلات الجوية إلى الدول الأخرى.

وفي وقت مبكر من عمر هذه الإدارة، قال مسؤولون في وزارة الأمن الداخلي إن رحلات الطيران المخصصة تحتاج إلى ميزانية في حدود الثمانية ملايين دولار، في حال تمسكت الإدارة بالأرقام التي ترغب في ترحيلها إلى خارج البلاد، وهو مبلغ لن يكون في مقدور الوزارة المعنية توفيره، وحتى لو تم اعتماد رحلات الطيران التابعة لوزارة الدفاع، سوف يشكل الأمر في كل حالاته أعباء إضافية على الوزارة، وهنا ستكون الإدارة بحاجة إلى موافقة من الكونغرس.

يقول مقربون من الوزارة إنه حتى الآن على الأقل، يبدو أن هذه المسألة بعيدة على أن تكون في قلب الاهتمام؛ لأن الموارد المتوفرة كافية، ورحلات الترحيل تتم بصورة منتظمة، ما يعطي الانطباع للإدارة بأن الأمور تسير في الاتجاه الصحيح.

وبحسب المقربين من الإدارة، فإن موضوع الهجرة تحديدًا هو  المحور الذي تتركز عليه شعبية الرئيس ترامب بين الناخبين حتى الآن، إذ لا تزال معدلات التأييد مرتفعة جدًّا عند هذه القضية تحديدًا، مقارنة بالقضايا الأخرى كالاقتصاد وأزمة الرسوم الجمركية.

ويراهن هؤلاء بقوة على أن هذا التأييد سوف يجعل أجنحة الحكومة الفيدرالية في واشنطن تقف إلى جانب الإدارة بإجراءاتها في التخلص من وجود مهاجرين باتوا يشكلون خطرًا مباشرًا على الأمن والسلامة العامة في مختلف جهات البلاد.

هذا الخطاب لا يزال يجد التأييد من قبل الناخبين على مختلف المستويات المحلية والفيدرالية، وهناك اعتقاد واسع بأن هذه الإدارة أقدر على التعامل مع  الوجوه المتعددة لهذه الأزمة، بما أظهرته من صرامة منذ وصول ترامب إلى البيت الأبيض.

أخبار ذات علاقة

طائرة تستعد لإبعاد مهاجرين عن أمريكا

أين وصلت خطة ترامب لترحيل مليون مهاجر بحلول 2026؟

  الهجرة مفتاح العلاقة مع الجيران

ولا تتوقف الإدارة الحالية على جعل موضوع تنظيم الهجرة وأمن الحدود مسألة مركزية في كيفية بناء علاقاتها مع جيرانها القريبين والبعيدين، فخلف أزمة الرسوم الجمركية مع الجارتين المكسيك وكندا، تقف أزمة الهجرة، حيث اتهم ترامب علنًا الحكومتين المجاورتين بعدم القيام بالواجب كاملًا على الحدود المشتركة، والسماح بجعل أراضي بلديهما مناطق عبور سهلة إلى داخل الولايات المتحدة.

يقول الرئيس ترامب إن كندا والمكسيك مطالبتان بضخ المزيد من الموارد على الحدود المشتركة لمنع تسلل المهاجرين إلى الولايات المتحدة، وإن هذه القضية مشتركة بين الدول الثلاثة، وليست قضية، أمريكية صِرفة.

أمام ذلك الاستياء، لجأ ترامب إلى ورقة الضغوط الاقتصادية، وهي ورقة يقول عنها إنها نجحت في تحقيق أهدافها بسبب تراجع معدلات عبور المهاجرين من الدولتين الجارتين إلى الولايات المتحدة، ولا تزال هناك مزيد من المطالب التي يرفعها الرئيس ترامب لتحقيق معدلات أفضل  في هذه القضية.

مقابل ذلك، جعل ترامب من مشروع قبول دولة السلفادور استقبال مرحلين إليها من المهاجرين، مفتاحًا لعلاقة شراكة قوية مع حكومتها.

وكان آخر ضيوف الرئيس ترامب في البيت الأبيض هو رئيس السلفادور الذي رحب بطلب ترامب بناء المزيد من السجون المعززة التحصين، ومساعدة الولايات المتحدة  في استقبال مهاجرين ومجرمين خطيرين من عصابات الجريمة المنظمة.

السلفادور التي بنت واحدًا من أكثر سجون العالم تشددًا في سعي من حكومتها لمحاربة معدلات الجريمة القياسية في البلاد، رحبت باستقبال دفعات من المهاجرين المرحلين من الولايات المتحدة إليها، لكنها الآن تتجه إلى بناء ستة سجون إضافية حتى تكون لديها الطاقة الاستيعابية لاستقبال مزيد من المرحلين من الولايات المتحدة.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC