تثير التطورات السياسية والأمنية المتسارعة بما في ذلك الانقلابات، وتعزيز الجماعات المسلحة نفوذها في أفريقيا، تساؤلات حول إستراتيجيات القوى الكبرى لإعادة تشكيل تحالفاتها في القارة السمراء.
وأحيت هذه التساؤلات محاصرة جماعة نصرة الإسلام والمسلمين المرتبطة بتنظيم القاعدة الإرهابي للعاصمة المالية باماكو، وأيضاً الانقلاب العسكري الذي عرفته مدغشقر مؤخراً.
ونجحت روسيا، خلال السنوات الماضية، في توسيع حضورها في منطقة الساحل الأفريقي وذلك بعد سلسلة من الانقلابات العسكرية التي شهدتها دول على غرار مالي، وبوركينا فاسو، والنيجر، وذلك بعد تراجع كبير للغرب.
وعلقت المحللة السياسية المتخصصة في الشؤون الأفريقية، ميساء نواف عبد الخالق، بالقول إن "الولايات المتحدة الأمريكية لن تتخلى عن مصالحها في أفريقيا، خاصة منطقة الساحل التي تضم ثروات هائلة، وهناك منافسة مع روسيا، وتركيا، والصين، وفرنسا، رغم انحسار دور باريس إثر إلغاء الاتفاقيات العسكرية المبرمة مع دول الساحل منذ 2022".
وأضافت عبد الخالق في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن "فرنسا لن تخرج أيضاً لأن لها مصالحها، وأتوقع أن تتم إعادة صياغة اتفاقيات أمنية مع الحكام الجدد في منطقة الساحل الأفريقي".
ولفتت إلى أن "الفيلق الأفريقي هو الذي يقود، الآن، النفوذ العسكري الروسي والصين لها القوة الناعمة، وتحاول توسيع حضورها عبر الاستثمارات، والولايات المتحدة الأمريكية تحاول أن يكون لها نفوذ سياسي وعسكري، وتركيا لم تبقَ مكتوفة الأيدي بل تحركت من أجل ترسيخ موطئ قدم لها، وهناك عدة معطيات تثير هذا التنافس، من أهمها تمتّع أفريقيا بثروة هائلة من الموارد الطبيعية، بدءًا من الأراضي الصالحة للزراعة والمياه، مرورًا بالنفط والغاز الطبيعي والمعادن، وصولًا إلى الغابات والحياة البرية، وتحتضن القارة نسبة كبيرة من الموارد الطبيعية في العالم، سواء المتجددة منها أو غير المتجددة".
وبينت أن "أفريقيا تضم نحو 30 % من الاحتياطيات العالمية من المعادن، و8 % من احتياطات الغاز الطبيعي، و12 % من احتياطي النفط في العالم".
وتابعت: "كما تمتلك 40 % من ذهب العالم، وما يصل إلى 90 % من احتياطي الكروم والبلاتين. وتوجد أكبر احتياطات الكوبالت، والألماس، والبلاتين، واليورانيوم، عالميًا في أفريقيا. إضافةً إلى ذلك، تحتوي القارة على 65 % من الأراضي الصالحة للزراعة في العالم، و10 % من الموارد الداخلية المتجددة للمياه العذبة على الكوكب".
ويتفق المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الأفريقية، إيريك إيزيبا، مع ما طرحته عبد الخالق، حيث يرى أن ما يحدث، الآن، تنافس بين القوى الكبرى على ثروات القارة الأفريقية.
وأوضح إيزيبا لـ"إرم نيوز" أن "هذا التنافس لن ينفع الأفارقة في شيء فيما نرى تدهوراً يومياً للأوضاع الأمنية رغم أن هذه القوى تركز على مجال الأمن في إستراتيجيتها بشكل كبير".