تقارير صينية: سفينتان حربيتان من كندا وأستراليا تعبران مضيق تايوان

logo
العالم

قمة ساخنة في واشنطن.. هل يبيع ترامب أوكرانيا على طاولة البيت الأبيض؟

قمة ساخنة في واشنطن.. هل يبيع ترامب أوكرانيا على طاولة البيت الأبيض؟
قمة ساخنة في واشنطنالمصدر: إرم نيوز
18 أغسطس 2025، 10:56 ص

تتجه أنظار العالم إلى البيت الأبيض، حيث يلتقي الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في لحظة فارقة من الحرب الروسية–الأوكرانية.

وهذه الزيارة لا تندرج ضمن الاجتماعات الدبلوماسية الروتينية، بل تمثل اختبارًا حقيقيًا لمدى الثقة بين كييف وواشنطن، في ظل شعور متزايد داخل أوكرانيا بالخيانة، على خلفية تبدل موقف ترامب تجاه موسكو بعد قمة ألاسكا الأخيرة.

يعرب المسؤولون الأوكرانيون والجنود على الجبهات عن قلق عميق إزاء إمكانية التنازل عن أراضٍ قاتلوا من أجلها منذ العام 2014. ففي لقاء سابق عُقد في فبراير الماضي، انتهت جلسة زيلينسكي- ترامب بكارثة، بعدما غادر الرئيس الأوكراني الاجتماع قبل موعده، في حادثة وصفتها وسائل الإعلام بـ"المهزلة الدبلوماسية".

وتُلقي هذه الذكرى بظلالها على اللقاء المرتقب؛ ما يزيد من حدة التحديات السياسية التي يواجهها زيلينسكي حاليًا.

تغير مواقف واشنطن.. وانعكاساته على كييف

ويرى الباحث في الشؤون السياسية،معمر السليمان، أن تبدّل موقف ترامب تجاه موسكو قد يُحدث تأثيرًا مباشرًا على أوكرانيا على الصعيدين العسكري والسياسي؛ إذ يُحتمل أن يدفعها إلى تعديل استراتيجياتها الدفاعية وتحالفاتها الدولية، إلى جانب ممارسة ضغوط على كييف في إطار التفاوض، أو في المقابل، تعزيز دورها الدبلوماسي إقليميًا ودوليًا.

أوروبا كـ"حائط صد" دبلوماسي

الحضور الأوروبي الكثيف إلى جانب زيلينسكي في واشنطن يعكس استراتيجية أوروبية واضحة تهدف إلى منع أي صفقة ثنائية محتملة بين الولايات المتحدة وروسيا تُبرم على حساب المصالح الأوكرانية.

يشارك في اجتماع البيت الأبيض كل من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني فريدريش ميرتس، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين، بالإضافة إلى الأمين العام لحلف الناتو مارك روته، ليشكلوا حائط صد دبلوماسيًا في مواجهة أي ضغوط أمريكية قد تُمارس على كييف.

تأتي هذه التحركات في سياق حرص القادة الأوروبيين على توحيد الموقف الغربي إزاء الحرب، والتأكيد على أن أي تسوية محتملة مع موسكو يجب أن تحافظ على سيادة أوكرانيا، وألا يتم اتخاذ قرارات أحادية من قبل واشنطن تضر بمصالح الحلفاء الأوروبيين.

وأشار السليمان، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، إلى أن القادة الأوروبيين يشكلون ركنًا أساسيًا في صياغة السياسة الأمريكية تجاه أوكرانيا، من خلال ضمان عدم تقديم أي تنازلات إقليمية، وتقديم تحليلات دقيقة تساعد على تحديد إطار تفاوضي متوازن مع روسيا، إلى جانب تعزيز الدعم العسكري والمالي لكييف.

وأضاف أن الأوروبيين يرسلون عبر هذا الحضور رسالة موحدة للمجتمع الدولي، تعكس تماسك الموقف الغربي أمام موسكو؛ ما يقوّي موقف أوكرانيا ويحد من أي تحركات عدوانية روسية محتملة.

ترامب بين المصالح الداخلية والإشارات نحو موسكو

في المقابل، يبدو ترامب منفتحًا على فكرة تسوية النزاع من خلال التنازل عن بعض المناطق، بما في ذلك تلك التي لا تزال خارج سيطرة القوات الروسية.

وقد أثار هذا التوجه مخاوف جدية في أوكرانيا، إذ اعتبره بعض المراقبين بمثابة "انتحار سياسي واستراتيجي" للرئيس زيلينسكي؛ نظرًا لتداعياته السلبية على المستويين الداخلي والخارجي.

يواصل ترامب في الوقت ذاته إرسال إشارات إيجابية تجاه موسكو؛ الأمر الذي يزيد من تعقيد موقف كييف ويضع زيلينسكي في معادلة صعبة بين الحفاظ على السيادة الوطنية وبين المحافظة على علاقات التحالف مع الغرب.

موسكو تستعرض دبلوماسيًا

من جهتها، تستمر روسيا في استعراض قوتها الدبلوماسية، حيث قدم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مقترحًا لتسوية النزاع يقوم على إعادة رسم خارطة النفوذ في شرق أوروبا، ويشمل الاعتراف بسيادة موسكو على شبه جزيرة القرم، بالإضافة إلى إبعاد أوكرانيا عن عضوية حلف الناتو.

وعلى الرغم من أن ترامب وصف لقاءه مع بوتين في ألاسكا بأنه "مثمر للغاية"، فإن النتائج العملية بقيت محدودة، ولم تُسفر عن التزامات واضحة بشأن وقف إطلاق النار أو استعادة الأراضي المحتلة.

وبينما يسعى بوتين، إلى جانب مستشاره القانوني والمحامي العقاري ستيف ويتكوف، لإقناع الأطراف بأن حل النزاع ممكن من خلال تبادل الأراضي، يُصرّ زيلينسكي على أن أي تنازل من هذا النوع يمثل استسلامًا سياسيًا لشروط موسكو.

الجبهة الأوكرانية ترفض التنازلات

ويمتد الشعور بالخطر من طاولة المفاوضات إلى خطوط الجبهة العسكرية، حيث يخشى الجنود الأوكرانيون أن يُفرض اتفاق سياسي يقضي بالتنازل عن المناطق التي قاتلوا لحمايتها.

يمثل الرقيب أندريه بولوهين، الذي يقاتل في دونيتسك منذ 2015، نموذجًا لمعنويات الجيش الأوكراني، حيث يعتبر أي تسوية إقليمية "نكسة استراتيجية وكارثة معنوية".

على الجانب الآخر، يُظهر الرأي العام الأوكراني رفضًا واسعًا لأي خطوة من شأنها إضعاف موقف كييف. ويؤكد سياسيون ومحللون أن أي اتفاق لا يراعي موقف أوكرانيا سيُعد مكسبًا دعائيًا لروسيا، ويهدد وحدة الدولة.

ساحة صراع سياسي ودبلوماسي

تبدو القمة المنتظرة في البيت الأبيض أكثر من مجرد لقاء دبلوماسي، بل أقرب إلى معركة سياسية متعددة الأبعاد؛ مواجهة بين مصالح أوكرانيا، وأهداف ترامب الداخلية والخارجية، مع تدخل أوروبي حاسم لعرقلة أي تسوية ثنائية على حساب كييف.

يعتمد نجاح هذه القمة على قدرة زيلينسكي على الحفاظ على صورته كقائد حاسم، وموازنة الضغوط الأمريكية بالدعم الأوروبي، مع التأكيد أن أوكرانيا ليست ورقة تفاوضية تُمرَّر دون موافقتها.

ولفت السليمان إلى أن زيارة زيلينسكي تمثل اختبارًا دقيقًا لقيادته، في ظل تداخل المعطيات الدولية، حيث يتوجب عليه الحفاظ على وحدة الدولة، ومنع تقديم تنازلات استراتيجية، وإدارة التوازنات الدولية بما يضمن استمرار الدعم دون أن يُفرض عليه شروط تُضعف الموقف الأوكراني.

معركة البقاء 

ويمكن القول إن لقاء البيت الأبيض لن يكون مجرد محادثة بروتوكولية، بل مواجهة دبلوماسية حقيقية، يسعى خلالها زيلينسكي إلى منع أي صفقة غير متوازنة قد تصب في مصلحة موسكو.

وبينما يترقب العالم ما ستؤول إليه التطورات، يظل السؤال الأهم: هل تنجح أوروبا وكييف في توجيه ترامب نحو مسار يحفظ سيادة أوكرانيا، أم يشهد البيت الأبيض فصلًا جديدًا من فصول الصراع السياسي الدولي؟

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC