الكرملين: مشاركة الأوروبيين في مفاوضات أوكرانيا "لا تبشّر بالخير"

logo
العالم

31 دولة تحت المراقبة.. تفاصيل مهام القيادة الجنوبية الأمريكية في المنطقة

حاملة الطائرات يو إس إس جيرالد ر. فوردالمصدر: رويترز

تسعى الولايات المتحدة، من خلال قيادتها الجنوبية (ساوثكوم)، إلى إعادة ترسيخ نفوذها العسكري في منطقة البحر الكاريبي وأمريكا اللاتينية في لحظة تتقاطع فيها الاعتبارات الأمنية مع الحسابات السياسية تجاه نظام الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو. 

دخول حاملة الطائرات النووية "يو إس إس جيرالد ر. فورد" والمجموعة الهجومية المرافقة لها إلى منطقة الأسطول الرابع أعاد إلى الأذهان أجواء الحرب الباردة، حيث يتخذ الصراع بين واشنطن وكاراكاس طابعًا جيوسياسيًا متجددًا تحت شعار "مكافحة المخدرات".

إعادة بناء الحضور الأمريكي في الكاريبي

وبحسب مجلة "نيوزويك"، فقد شهدت الأيام الأخيرة تحركًا لافتًا للأسطول الأمريكي في نطاق مسؤولية القيادة الجنوبية، التي تُعد الذراع العملياتية العسكرية لواشنطن في نصف الكرة الغربي جنوب المكسيك.

تأتي هذه الخطوة تنفيذًا لتوجيهات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتكثيف الجهود لمكافحة تهريب المخدرات، إلا أن طبيعة القطع البحرية المشاركة - وفي مقدمتها حاملة الطائرات الأكبر في العالم - تشير إلى أن الرسالة الأمريكية تتجاوز البعد الأمني إلى استعراض القوة الاستراتيجية.

تُدرك القيادة الجنوبية محدودية حضورها القاعدي في أمريكا الجنوبية، إذ تفتقر إلى منشآت دائمة واسعة، ما يدفعها إلى الاعتماد على أراضٍ تابعة للولايات المتحدة مثل بورتوريكو وجزر الباهاما وجزر فيرجن الأمريكية كمنصات لوجستية لتأمين عملياتها.

أخبار ذات علاقة

المدمرة الصاروخية "يو إس إس سامبسون" في محطة أمادور الدولية للرحلات البحرية في مدينة بنما

أزمة قوارب الكاريبي.. لماذا غاب الصوت اللاتيني الموحد إزاء تدخل واشنطن؟

ويعكس هذا التوجه مسعى لإعادة تشكيل البنية العسكرية الأمريكية في الكاريبي بما يسمح بتنفيذ مهام إقليمية أوسع نطاقًا.

تمتد منطقة مسؤولية القيادة الجنوبية على مساحة ضخمة تشمل أمريكا اللاتينية جنوب المكسيك، وأمريكا الوسطى، والبحر الكاريبي، وأجزاء من أمريكا الجنوبية. وتُقدّر واشنطن أن هذه المنطقة تمثل سدس مساحة تغطية القيادات القتالية الإقليمية الأمريكية حول العالم.

يشمل نطاق القيادة 31 دولة و12 إقليمًا، من بليز وكوستاريكا في أمريكا الوسطى إلى كولومبيا وفنزويلا في الجنوب، مرورًا بدول الكاريبي الصغيرة مثل ترينيداد وتوباغو وسانت لوسيا.

وتعتمد واشنطن على شبكة من مواقع التعاون الأمني مثل قاعدة "كومالابا" في السلفادور و"سوتو كانو" في هندوراس، إلا أن وجودها يواجه تحديات سياسية متزايدة، خصوصًا مع تصاعد المعارضة المحلية للسياسات الأمريكية في ملف الهجرة والتدخلات العسكرية.

فنزويلا في مرمى الضغط الأمريكي

ترى دوائر المراقبة أن تعزيز الحضور العسكري الأمريكي في الكاريبي لا ينفصل عن تصاعد التوتر مع فنزويلا، التي تعتبرها واشنطن محورًا لعدم الاستقرار الإقليمي بسبب علاقاتها الوثيقة مع روسيا وإيران.

يمثل إرسال قطع بحرية ضخمة إلى المنطقة وسيلة ضغط مزدوجة على نظام مادورو، إذ يهدف من جهة إلى خنق طرق التهريب والتمويل غير المشروع التي يعتمد عليها النظام، ومن جهة أخرى إلى توجيه رسالة ردع مباشرة ضد أي تحركات عسكرية فنزويلية على الحدود أو في المياه الإقليمية المتنازع عليها.

أخبار ذات علاقة

طرادات عند الأبواب.. هل ينفجر البحر الكاريبي؟

"أزمة الكاريبي" تثير خلافا استخباراتيا بين واشنطن ولندن

وقد رفعت فنزويلا مستوى تأهب قواتها المسلحة، معتبرة الحشود الأمريكية تهديدًا مباشرًا لسيادتها. 

وفي المقابل، تلتزم واشنطن خطابًا رسميًا يؤكد أن عملياتها "مخصصة لمكافحة المخدرات"، رغم أن طبيعة الأسلحة والقطع المشاركة توحي بأهداف أوسع.

صرّح المتحدث باسم البنتاغون، شون بارنيل، أن هذه القوات ستعمل على "تعزيز وتوسيع القدرات الحالية لتعطيل الاتجار بالمخدرات وتفكيك المنظمات الإجرامية العابرة للحدود".

لكن تصريحات مسؤولين عسكريين، مثل تلك التي نُقلت لموقع "ذا وور زون"، كشفت عن تقييم ميداني مستمر لإرسال "مزيد من الأصول العسكرية إلى المنطقة"، ما يعكس نية تصعيدية واضحة.

أما المتحدث باسم القيادة الجنوبية، فقد أكد لمجلة "نيوزويك" أن القوات المنتشرة "تدعم مباشرة مهمة القيادة الجنوبية وعمليات وزارة الدفاع وأولويات الرئيس الأمريكي"، وهو ما يربط التحركات الحالية مباشرة بالخيارات الاستراتيجية لإدارة ترامب.

دلالات التحرك الأمريكي

تشير التحركات إلى رغبة واشنطن في استعادة المبادرة في منطقة كانت تقليديًا ضمن نطاق نفوذها، لكنها شهدت خلال العقد الأخير تناميًا للحضور الروسي والصيني.

كما تستخدم الولايات المتحدة الأداة العسكرية كوسيلة ضغط دبلوماسي في ظل جمود المسار السياسي بين البلدين؛ وتسعى القيادة الجنوبية بعد سنوات من الانكماش النسبي، لإثبات أهميتها ضمن منظومة القيادة العسكرية الأمريكية العالمية.

ومع دخول فنزويلا في حالة تأهب قصوى، قد تتصاعد احتمالات الاحتكاك المباشر بين القوات الأمريكية والفنزويلية، خصوصًا في البحر الكاريبي أو على الحدود البحرية المشتركة. 

أخبار ذات علاقة

الرئيس الكولومبي جوستابو بيترو

احتجاجًا على عمليات الكاريبي.. كولومبيا تعلّق التعاون الاستخباراتي مع واشنطن

كما أن استمرار واشنطن في بناء حضورها العسكري سيزيد من فرص الاحتكاك غير المقصود، ما قد يشعل مواجهة محدودة ذات طابع رمزي لكنها كفيلة بإعادة رسم خطوط الردع الإقليمي.

في المقابل، قد تستخدم إدارة ترامب هذه التحركات كورقة ضغط سياسية لدفع كاراكاس نحو تنازلات داخلية أو لإعادة التفاوض حول قضايا الطاقة والهجرة، دون نية فعلية للتصعيد العسكري المباشر.

تؤشر التحركات العسكرية الأمريكية الأخيرة في منطقة القيادة الجنوبية إلى تحول في مقاربة واشنطن لأمن نصف الكرة الغربي، حيث لم تعد مكافحة المخدرات سوى غطاء لسياسة احتواء جديدة تستهدف الأنظمة المناوئة والتغلغل المتزايد لقوى منافسة مثل الصين وروسيا.

ومع غياب قنوات تواصل فعالة بين واشنطن وكاراكاس، يبدو أن البحر الكاريبي يتحول مجددًا إلى ساحة اختبار للإرادات السياسية والعسكرية في حقبة تعود فيها الجغرافيا إلى قلب الصراع الدولي.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC