تشهد غينيا بيساو حالة من عدم الاستقرار السياسي بعد الانقلاب العسكري الذي نفذته قيادة الجيش في 26 نوفمبر، والذي أدى إلى تعليق العملية الانتخابية الرئاسية وإعادة البلاد إلى مسار انتقال مؤقت مدته عام كامل.
وفي الوقت الذي تستعد فيه المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "إيكواس" للتدخل في 14 ديسمبر، تتواصل المخاوف بشأن مصير الديمقراطية في الدولة الواقعة بغرب إفريقيا.
أعلنت اللجنة الوطنية للانتخابات في الثاني من ديسمبر عن تعذر استكمال العملية الانتخابية، وهو ما أكده المدعي العام الجديد أمادو تيجان بالدي في 11 ديسمبر، مشيرًا إلى أن جزءًا كبيرًا من المواد الانتخابية قد صادرتها قوات مسلحة خلال الانقلاب، مما يجعل من المستحيل استئناف الانتخابات أو إعلان النتائج.
من جهة أخرى، تقدم زعيم المعارضة فرناندو دياس دا كوستا بطلب لنشر قوة تابعة لإيكواس، مؤكداً أنه فاز في الانتخابات التي أجريت في 23 نوفمبر، ومطالبًا باستئناف العملية الانتخابية وإعلان النتائج المتوقفة منذ الانقلاب.
يبدو أن قادة الانقلاب، بقيادة الجنرال هورتا نتام، أقروا رسميًا بإلغاء الانتخابات الرئاسية وأصدروا ميثاقًا انتقالياً يمنحهم مهلة اثني عشر شهرًا قبل تنظيم انتخابات جديدة، ويمنع بموجبه نتام ورئيس وزرائه إيليديو فييرا تي من الترشح.
كما يشمل قانون العفو الجديد تغطية "أعمال تقويض النظام الدستوري" التي وقعت في 26 نوفمبر.
صعود الجنرال هورتا نتام في التسلسل الهرمي العسكري كان سريعًا، بدءًا من قيادته للحرس الوطني، ثم توليه منصب رئيس الأمن الرئاسي، وصولًا إلى رئاسة أركان الجيش وتولي المرحلة الانتقالية.
ويعد الجنرال توماس دجاسي أيضًا شخصية محورية في هذا النظام، بعدما شغل منصب رئيس أركان القوات المسلحة بعد الانقلاب وكان على صلة مباشرة بمحاولات الانقلاب السابقة.
اختيار إيليديو فييرا تي رئيسًا للوزراء الانتقاليين أثار جدلاً كبيرًا، فهو وزير مالي سابق وانضم إلى فصيل منشق عن حزب المعارضة لدعم الرئيس السابق، ويجسد ما وصفه محللون بـ "أحلام العظمة" لإمبالو في تجديد الطبقة السياسية عبر كوادر تنفيذية شابة وطموحة.
يشدد محللون سياسيون ورجال أعمال مطلعون على أن الأزمة في غينيا بيساو "مشكلة عسكرية بالأساس"، حيث تهيمن الأجهزة العسكرية على السلطة الفعلية، بينما تبدو الحكومة المدنية في دور شكلي. وأوضح إدريسا ديالو، رئيس حزب الوحدة الوطنية، أن التعتيم السياسي وانقلابات الجيش المتكررة تقوض أي محاولات لبناء ديمقراطية مستقرة في البلاد.
في هذا السياق، يرى وزير الخارجية جواو برناردو بيريرا أن المرحلة الانتقالية توفر فرصة لإجراء إصلاحات ضرورية في الدستور، وقوانين الانتخابات، والأحزاب السياسية، والإدارة العامة، لضمان استقرار البلاد.
ومع ذلك، يبقى السؤال حول ما إذا كان الرئيس السابق سيعود من المغرب للترشح، وما إذا كانت مطالب السلطات الانتقالية ستقنع "إيكواس" بقبول الجدول الزمني للمرحلة الانتقالية المحددة بعام واحد.
بينما يراقب المجتمع الدولي الوضع عن كثب، تبدو غينيا بيساو عالقة بين الانقلاب العسكري وتعطيل العملية الانتخابية، في ظل هيمنة الجيش على السلطة وتزايد الضغوط السياسية من المعارضة والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا.
وفي غياب ضمانات واضحة لاستقلالية الانتخابات واستقرار المؤسسات المدنية، يبقى مصير الديمقراطية في البلاد غامضًا ومهددًا خلال الأشهر القادمة.