تقوم الصين بـ 90% من معالجة العناصر الأرضية النادرة التي تستخرج من دول أفريقية، وتُعد حيوية للصناعات الإستراتيجية، ما يثير قلق الاتحاد الأوروبي الذي يسعى للتحرر من رحمة بكين وتفطن، مؤخراً، لدور ممر سكة حديدية.
ولم يكن الأمر مفاجئًا عندما كان مشروع "ممر لوبيتو" أول مثال تستشهد به رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في بداية منتدى البوابة العالمية في بروكسل، لأنها تجمع بين أولويتين في قلب العلاقات الأوروبية الأفريقية، وهما عرض الاستثمار في البنية التحتية، وقلق الاتحاد الأوروبي من الحصول على وصول أفضل إلى المعادن للتحرر من قبضة الصين.
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية "فون دير لاين" إن شبكة السكك الحديدية المخطط لها التي تربط ميناء لوبيتو على ساحل المحيط الأطلسي في أنغولا مع المناطق المعدنية في زامبيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية، "ستختصر الرحلة من وسط القارة إلى الميناء من 45 يومًا إلى أسبوع واحد فقط".
وأضافت في تصريحات لها، أن "إزالة 5000 شاحنة ثقيلة من الطرق المزدحمة ستقلل، بشكل كبير، من انبعاثات الكربون"، وأشارت إلى أن"ممر لوبيتو هو استثمار إستراتيجي لكل من أوروبا وشركائنا الأفارقة".
أما بالنسبة للدول الأفريقية المشاركة في المشروع، فهناك أكثر من مليار يورو في شكل منح وقروض من الاتحاد الأوروبي معروضة لإنشاء خطوط سكك حديدية، وطرق جديدة، في حين تأمل قطاعاتها الزراعية أيضًا في الاستفادة من المشروع.
ويتعلق الأمر بالمواد الخام الأساسية التي تُعد حيوية للصناعات الإستراتيجية، وليس فقط لتلبية احتياجات أوروبا، بل أيضًا بالمعالجة المحلية والقيمة المضافة.
وسيكون المشروع أيضًا في دائرة الضوء عندما تستضيف أنغولا قمة الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.
واستثمرت الولايات المتحدة حتى الآن حوالي 3 مليارات دولار في المشروع، الذي يُنظر إليه على أنه محاولة متأخرة لتحسين الوصول إلى المعادن الحيوية وسط أفريقيا ومنافسة الاستثمارات الصينية الموازية في مجال الخدمات اللوجستية.
ويعتبر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من المؤيدين له، إذ إن هناك تكهنات بأنه قد يسعى لتوسيع المشروع، ربما من خلال بناء خط سكة حديد يربط منطقة حزام النحاس في زامبيا بالمحيط الهندي، وقد التزم الاتحاد الأوروبي حتى الآن بما يقارب مليار يورو.
وتنتج الكونغو الديمقراطية أكثر من 70% من الكوبالت في العالم، ولكنها لا تعالج إلا جزءاً صغيراً منه، حيث تسيطر الصين على أكثر من نصف تكرير الكوبالت في العالم.
وقالت وزيرة خارجية جمهورية الكونغو الديمقراطية، بيريز كاييكوامبا فاغنر في تصريح لوسائل إعلام أوروبية أن "النهج الذي يتوقعه الرئيس تشيسكيدي من جميع شركائنا هو أنه إذا كنت تريد وجودنا على طول سلسلة القيمة، فهذا يعني لعب دور حاسم في تحويل الموارد الطبيعية قبل تصديرها"، وأضافت فاغنر إن هذا يمثل "فرصة عظيمة للاتحاد الأوروبي".
لكن بدون القدرة على معالجة المعادن، سيظل الاتحاد الأوروبي، وغيره، تحت رحمة الصين، التي تستخرج، حاليًا، نحو 69% من العناصر الأرضية النادرة، وتعالج 90% منها.
ومن المهم لكل من الاتحاد الأوروبي والدول الأفريقية الغنية بالمعادن تطوير عمليات المعالجة الخاصة بها.
ويعتقد مقربون من إدارة ترامب تقديم الحكومات الأمريكية والأوروبية مستقبلاً مجموعة من الإعانات للشركات لمعالجة المعادن.
ويوجد عنصران أساسيان لقيام القوى الغربية بسد الفجوة المعدنية الحرجة مع الصين، توفير رأس المال لتأمين الموارد، وتطوير عمليات المعالجة بحسب خبراء، وهو أمر غائب لأن بكين لا تزال تهيمن على المعالجة وتملي شروط السعر.
وذكرت ورقة حكومية بريطانية، في يونيو/ حزيران الماضي، أن "أفريقيا أمامها فرصة ضئيلة لترسيخ مكانتها كلاعب رئيس في التحول إلى الطاقة النظيفة"، كما تسعى لندن جاهدةً للحصول على نصيب الأسد من المعادن.
وأضافت أن "هذا سيتطلب التغلب على تكاليف رأس المال المرتفعة، والجداول الزمنية الطويلة للمشاريع، والمنافسة الجيوسياسية، خاصة من هيمنة الصين الراسخة".