logo
العالم

خبراء: مفاوضات إيران النووية مع أوروبا ورقة طهران لكسب الوقت

خبراء: مفاوضات إيران النووية مع أوروبا ورقة طهران لكسب الوقت
منشأة بوشهر النوويةالمصدر: (أ ف ب)
21 يوليو 2025، 5:11 م

اعتبر خبراء أن إعلان إيران بدء المفاوضات النووية مع أوروبا يأتي بهدف كسب الوقت لصالحها، لا لتحقيق تسوية فعلية تحل أزمة برنامجها النووي.

وبعد مرور شهر على "حرب الاثني عشر يومًا" التي استهدفت خلالها إسرائيل والولايات المتحدة منشآت نووية إيرانية حساسة، وقتلت علماء ومسؤولين بارزين، تعود إيران إلى المفاوضات النووية، ولكن هذه المرة مع دول الترويكا فقط.

الجولة الجديدة من المفاوضات المقررة في إسطنبول يوم الجمعة المقبل، تفتح باب تساؤلات كبرى، أبرزها: هل يمكن للأوروبيين تحقيق اختراق دبلوماسي جديد في الملف النووي الإيراني؟ أم أن الوضع الميداني والعسكري بات يطغى على أدوات السياسة التقليدية؟

أخبار ذات علاقة

محادثات نووية سابقة بين إيران ودول مجموعة 5+1

بعد التلويح بـ"آلية الزناد".. اتفاق بين إيران و"الترويكا" لاستئناف المفاوضات

  "شريك هامشي" 

في هذا السياق، قال الباحث في مؤسسة جان جوريس وعضو منتدى الشرق الأوسط الأطلسي، دافيد خالفا، إن دور أوروبا في الملف الإيراني ظل على مدى السنوات الأخيرة محدودًا وهامشيًا، وتستخدمه طهران كأداة لتأخير الحسم وليس لتحقيق تسوية.

وأكد خالفا، لـ"إرم نيوز"، أن "الإيرانيين استخدموا الأوروبيين لكسب الوقت"، وهو ما حدث سابقًا في مفاوضات فيينا وجنيف، موضحًا أن العجز الأوروبي لا يرتبط فقط بضعف أدوات الضغط، بل أيضًا بانقسام المواقف الداخلية بين باريس وبرلين من جهة، ولندن التي باتت أقرب إلى المواقف الأمريكية من جهة أخرى.

ويحمّل خالفا الأوروبيين جزءًا من مسؤولية فشل الاتفاق النووي لعام 2015 (خطة العمل الشاملة المشتركة)، بعد انسحاب الولايات المتحدة، إذ لم ينجحوا في تقديم بدائل اقتصادية أو سياسية تقنع طهران بالبقاء ملتزمة بالقيود النووية.

لذا، فإن الجولة المقبلة في إسطنبول، من وجهة نظره، هي محاولة "لإحياء الرماد"، لا أكثر.

فرص محدودة

وفي ظل هذا المشهد المتشابك، تبدو محادثات إسطنبول وكأنها محاولة أخيرة من الأوروبيين لإنقاذ ما تبقى من الاتفاق النووي.

لكن وفقًا لخالفا، فإن غياب الإرادة السياسية الحاسمة والأدوات الفاعلة يجعل فرص "الاختراق" محدودة للغاية، موضحًا أن إيران تناور، والغرب يتردد، والشرق الأوسط يقترب أكثر من حافة الاشتعال.

ولفت الباحث الفرنسي إلى أنه في ظل انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي عام 2018، وفشل وساطاتها في مسقط، وغياب الثقة التام بين طهران وتل أبيب، يبدو أن الأوروبيين هم الوسيط الوحيد المتبقي، موضحًا أن أدواتهم محدودة، وموقفهم داخليًا ضعيف، خاصة مع تصاعد أصوات اليمين المتشدد في أوروبا المعادي لأي "تنازل" لطهران.

وأشار إلى أن محادثات إسطنبول تمثل اختبارًا حاسمًا لقدرة الأوروبيين على ملء الفراغ الأمريكي في الدبلوماسية النووية، وربما أيضًا لحفظ ما تبقى من "اتفاق 2015" قبل الانهيار الكامل.

أخبار ذات علاقة

مشهد من طهران

تجنبا للعقوبات.. إيران تعقد محادثات نووية أوروبية في إسطنبول الجمعة

 عودة مفاجئة 

ووافقت إيران على استئناف المفاوضات مع الـ"E3" الأوروبي (فرنسا، ألمانيا، بريطانيا) بعد طلب مباشر من هذه الدول.

ويأتي الاجتماع المرتقب بعد شهر على القصف الإسرائيلي الأمريكي الذي استهدف علماء ومواقع نووية إيرانية، فيما جرت آخر مفاوضات مباشرة في جنيف يوم 21 يونيو/حزيران، قبل ساعات فقط من القصف الأمريكي.

 تنسيق ثلاثي 

وقبل اجتماع إسطنبول، ستُعقد مشاورات ثلاثية في طهران بين إيران وروسيا والصين، فالاجتماع سيحضره مدراء عامون من وزارات الخارجية الثلاث، لبحث "الموقف التفاوضي" المشترك.

وتوحي هذه الخطوة بأن طهران تسعى إلى توحيد جبهة آسيوية قبل الجلوس مع الأوروبيين، في ظل غياب أمريكي لافت.

استعراض دبلوماسي

من جانبه، ينظر الباحث السياسي ومدير معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية الفرنسي، باسكال بونيفاس، إلى الموقف من زاوية تكتيكية. 

ويعتقد بونيفاس أن طهران لا تزال تتعامل مع أوروبا باعتبارها "نافذة دبلوماسية" وليست طرفًا فاعلًا حقيقيًا، إذ تُظهر نية للحوار دون استعداد فعلي لتقديم تنازلات جوهرية.

وأضاف بونيفاس، لـ"إرم نيوز"، أن "إيران تلعب بالأوروبيين، وتفاوضهم فقط لكسب الوقت وتخفيف الضغوط الدولية".

وأشار إلى أن تهديد الدول الأوروبية مؤخرًا بتفعيل "آلية السناب باك"، أي إعادة فرض العقوبات بشكل تلقائي لن يكون كافيًا للضغط على طهران، ما لم يقترن بخطوات عملية مدعومة من مجلس الأمن أو بالتنسيق مع واشنطن.

وبرأي بونيفاس، فإن الحوار دون أوراق قوة يظل استعراضًا دبلوماسيًا، لا أكثر.

كما رأى أن زيارة مستشار المرشد الإيراني إلى موسكو ولقائه بالرئيس فلاديمير بوتين تطرح تساؤلات إضافية عن موقع أوروبا الحقيقي في المعادلة، خاصة أن طهران أصبحت تنسّق مباشرة مع روسيا والصين قبل أي مفاوضات مع الأوروبيين، كما حدث مؤخرًا في الاجتماع الثلاثي بطهران.

مسار محفوف بالتحديات 

ويتفق الباحثان على أن أوروبا تجد نفسها اليوم في وضع صعب، فهي من جهة لا تريد أن تنجر وراء سياسة المواجهة التي تتبناها إسرائيل والولايات المتحدة، ومن جهة أخرى لا تستطيع ترك إيران تواصل أنشطتها النووية بلا رادع.

ومع عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الواجهة، تتزايد الضغوط على العواصم الأوروبية للتماهي مع المقاربة الأمريكية الأكثر تشددًا.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC