logo
العالم

فرنسا تغيّر استراتيجيتها في بحر المانش.. تفتيش القوارب يثير جدلا حقوقيا

فرنسا تغيّر استراتيجيتها في بحر المانش.. تفتيش القوارب يثير جدلا حقوقيا
مهاجرون في بحر المانشالمصدر: يورونيوز
10 يونيو 2025، 2:56 م

تستعد فرنسا لاعتماد استراتيجية جديدة تتضمن تفتيش قوارب اللاجئين في عرض بحر المانش، في استجابة مباشرة لتصاعد الضغوط البريطانية وتزايد محاولات العبور نحو المملكة المتحدة، الأمر الذي عد تحولا لافتا في السياسة الفرنسية تجاه المهاجرين غير النظاميين.

ويمثل هذا الإجراء تغيرًا جذريًا في نهج السلطات الفرنسية، التي كانت تلتزم سابقًا بعدم التدخل في القوارب إلا عند وجود خطر وشيك على حياة الركاب، غير أن التوجه الجديد يثير مخاوف متنامية من تصعيد محتمل في المخاطر التي قد يواجهها طالبو اللجوء في عرض البحر.

وتأتي هذه الخطوة في ظل تسجيل أعداد غير مسبوقة من القوارب التي انطلقت من السواحل الفرنسية ووصلت إلى الشواطئ البريطانية. ففي يوم السبت الماضي وحده، بلغ عدد من وصلوا نحو 1200 شخص، وهو رقم قياسي لم يُسجل منذ نحو عامين، بحسب ما أوردته إذاعة "إر. إف. إي" الفرنسية.

عودة قوية لمحاولات الهجرة

ورغم الانخفاض الطفيف الذي شهدته عمليات العبور خلال عام 2023، فإن عام 2024 يشهد عودة قوية لمحاولات الهجرة غير النظامية، حيث تؤكد المعطيات استمرار هذا الاتجاه حتى الآن. 

وبينما تهدف باريس إلى الحد من هذه العمليات عبر إجراءات التفتيش المبكر، فإن تنفيذ عمليات اعتراض في عرض البحر قد يزيد تعريض المهاجرين لأخطار جديدة، خاصة في ظل استخدامهم لقوارب مطاطية متهالكة ومحمّلة بأعداد تفوق طاقتها.

انتهاك غير مباشر

وفي هذا السياق، قال باتريك، الباحث في السياسات العامة والهجرة ومدير الأبحاث في المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي، في تصريح لـ"إرم نيوز" إن "ما تقوم به فرنسا اليوم قد يرقى إلى انتهاك غير مباشر للحق في اللجوء".

وأوضح أن تفتيش القوارب في المياه الدولية، رغم أنه يستهدف الحد من نشاط شبكات التهريب، قد يدفع بالمهاجرين اليائسين إلى سلوك مسارات أكثر خطورة، أو اللجوء إلى شبكات تهريب أكثر عنفًا وتنظيماً. 

وأضاف: "بدلاً من توسيع صلاحيات الأمن في البحر، ينبغي على الحكومات الأوروبية إنشاء آليات شرعية ومنظمة لتقديم طلبات اللجوء من الضفة الأخرى للقناة، ما يقلل الاعتماد على المهربين من الأساس".

 سياسة عدم التدخل

وأشار باتريك إلى أن فرنسا، التي لطالما وُضعت في مفترق طرق بين التزاماتها القانونية بموجب الاتفاقيات البحرية واعتبارات حقوق الإنسان، كانت تتبنى حتى وقت قريب سياسة تقضي بعدم التدخل في القوارب إلا في حال وجود خطر مباشر يهدد حياة المهاجرين.

من جهتها، قالت كاميّ مارتيل، الباحثة في الجغرافيا والمتخصصة في عمليات الإنقاذ البحري على الحدود الفرنسية-البريطانية، في حديثها لـ"إرم نيوز": "منذ بداية محاولات العبور إلى المملكة المتحدة، أعطت الدولة الفرنسية الأولوية لإنقاذ الأرواح فوق أي اتفاقيات أمنية أو سياسية أخرى".

أساليب تهريب جديدة

وأضافت: "ما إن تدخل القوارب إلى عرض البحر، يتم التعامل معها أولاً من منظور إنساني بحت، يهدف إلى إنقاذ الأرواح لا اعتراض المسارات".

وربطت مارتيل بين تغيير الموقف الفرنسي وظهور أساليب تهريب جديدة، لا سيما منذ عام 2022، حيث بدأت شبكات التهريب تعتمد ما يُعرف بـ"قوارب التاكسي"، وهي قوارب تنطلق من عرض البحر باتجاه الساحل لجمع مجموعات من المهاجرين، ما يجعل من الصعب اعتراضهم عند الشاطئ.

وأوضحت الباحثة أن "المهربين يصلون عبر البحر، ويقوم المهاجرون بأنفسهم بخوض مياه البحر للالتحاق بالقوارب، ما يغيّر كليًا موقع وتوقيت عملية العبور ويجعلها تحصل في المياه المفتوحة، وهي منطقة لا تملك فيها القوات الأمنية الصلاحيات نفسها للتدخل".

وتابعت: "وبالتالي، باتت عمليات الاعتراض أكثر صعوبة وتعقيدًا بالنسبة لقوات الأمن".

أخبار ذات علاقة

قوات من الشرطة الفرنسية

مقتل مشرفة تدريس على يد تلميذ شرق فرنسا

 ورغم كل هذه التطورات، تبقى عمليات الاعتراض في عرض البحر محفوفة بالمخاطر، نظرًا للطبيعة الهشة لهذه القوارب، وغالبًا ما تكون محمّلة فوق طاقتها الاستيعابية، ما يجعلها عرضة للانقلاب في أي لحظة.

وتحذّر منظمات حقوقية من أن الإجراءات الفرنسية الجديدة قد تؤدي إلى نتائج عكسية، حيث يُحتمل أن يغامر المهاجرون بحياتهم بشكل أكبر لتجنّب التفتيش أو الاعتقال، مما يزيد احتمالية الكوارث الإنسانية في البحر.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC