اليونيفل في لبنان: هذا الهجوم من أخطر الهجمات على أفرادنا وممتلكاتها منذ اتفاق نوفمبر
في وقتٍ يتسابق فيه العالم لخفض انبعاثات الكربون والحد من آثار تغير المناخ، تجد آسيا نفسها في مفترق طرق حاسم: إما الاستمرار في الاعتماد على الفحم الذي يشكل العمود الفقري لاقتصاداتها، أو الإسراع في التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة لضمان مستقبل أكثر استدامة.
تُعدّ آسيا اليوم موطنًا لأكبر أسطول لمحطات الطاقة العاملة بالفحم في العالم، يضم أكثر من 2000 محطة، تمثل نحو 78% من القدرة الإنتاجية العالمية. وتتركز هذه المحطات في دول مثل الصين والهند وإندونيسيا وفيتنام، حيث توفر 60% من احتياجات الطاقة في القارة، لكنها في الوقت نفسه مسؤولة عن إطلاق حوالي 7.2 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا، أي ما يعادل 20% من الانبعاثات المرتبطة بالطاقة عالميًا.
هذا الاعتماد الكثيف على الفحم لا ينعكس فقط على المناخ، بل يفاقم أزمة الصحة العامة. وقال ليدي ناكبيل، منسق حركة الشعوب الآسيوية بشأن الديون والتنمية، إن التلوث الناتج عن محطات الفحم يُسهم في إصابة ملايين الأشخاص بأمراض الجهاز التنفسي والوفيات المبكرة، ويؤدي إلى تهجير المجتمعات وتدمير أرزاق المزارعين والصيادين نتيجة تلوث الهواء والماء والتربة.
وفق توصيات الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، يجب على دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إنهاء استخدام الفحم كليًا بحلول 2030، بينما يُتوقع من بقية دول العالم إغلاق جميع محطات الفحم بحلول 2040 كحد أقصى، وفقًا لصحيفة "جاكرتا بوست".
غير أن نشطاء المناخ في آسيا يطالبون بجدول أكثر طموحًا، يدعو إلى التخلص الكامل من الفحم بحلول 2035، مع إغلاق فوري لبعض المحطات عالية التلوث.
من الناحية الاقتصادية، يشكل استمرار الاعتماد على البنية التحتية القديمة للفحم عبئًا ثقيلًا على الاقتصادات الآسيوية، في ظل تقلبات حادة في أسعار الفحم واضطرابات الإمداد.
فقد شهدت المنطقة خلال أزمة الطاقة قبل ثلاث سنوات تضاعف أسعار الفحم أكثر من ثلاث مرات، ما أرهق الدول المستوردة مثل الهند وباكستان وبنغلاديش.
في المقابل، تكشف الأرقام أن أكثر من 90% من مشاريع الطاقة المتجددة الجديدة في 2024 كانت أرخص من أي محطة جديدة تعمل بالفحم أو الغاز. كما أن إمكانات آسيا في الطاقة الشمسية والرياح هائلة، وقابلة للتوسع بسرعة مع تقدم تقنيات التخزين وانخفاض تكاليف الإنتاج.
التحول إلى الطاقة المتجددة لم يعد خيارًا بيئيًا فحسب، بل أصبح خيارًا اقتصاديًا وأمنيًا. فالتجارب الأخيرة أظهرت أن الغاز لم يعد "وقودًا انتقاليًا" ضروريًا، إذ باتت الطاقة الشمسية والرياح، مع تقنيات تخزين البطاريات الحديثة، قادرة على تلبية الطلب بتكلفة أقل وبموثوقية أعلى، ودون التعرض لتقلبات الأسعار العالمية.
يبقى التحدي الأكبر أمام آسيا هو التمويل. فالمنطقة تضم أكثر من 80% من عمال الفحم في العالم، أي نحو 8.4 مليون شخص، ما يجعل التحول السريع بحاجة إلى خطط شاملة لدعم العمال والمجتمعات المتأثرة، وضمان أن يكون الانتقال نحو الطاقة النظيفة عادلًا ومتوازنًا.
آسيا الآن أمام لحظة تاريخية: إما أن تبقى رهينة الفحم وما يحمله من أعباء بيئية واقتصادية، أو أن تقود تحولًا عالميًا نحو الطاقة المتجددة، لتصبح نموذجًا لمستقبل أخضر ومستدام.