يجد النظام الإيراني نفسه في أصعب موقف له بعد 46 عامًا من الثورة التي أوصلته إلى السلطة، ومنذ 36 عامًا، يحكم البلاد المرشد علي خامنئي، بصفته "حارسًا للثورة"، لكن نظامه، البعيد كل البعد عن مجتمع شاب طموح، يبدو متصلبًا للكثيرين، وهو الآن في مأزق، بحسب خبراء صرحوا لصحيفة "نيويورك تايمز".
وعلى مدار سبعة أيام من القتال، قصفت إسرائيل منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم، حيث يُنتج معظم الوقود النووي الإيراني، ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 11 من كبار جنرالات النظام وعدد من العلماء النوويين، وقصف منشآت نفطية وطاقية، وسيطرت بالكامل على المجال الجوي الإيراني، وأجبرت عشرات الآلاف على الفرار من طهران.
ويصف كريم سجادبور، الخبير في الشؤون الإيرانية بمؤسسة كارنيغي للسلام الدولي في واشنطن، النظام الإيراني بأنه "أشبه بسنٍّ متعفنة تنتظر اقتلاعها، كالاتحاد السوفيتي في أواخر عهده"، مضيفًا أن "خامنئي يمر بأصعب موقف واجهه على الإطلاق".
مع ذلك، سبق لخامنئي أن واجه تهديدات لحكمه، وخرج منتصرًا محتفظًا بسيادته، ففي 2009، عندما خرج الملايين إلى شوارع طهران احتجاجًا على ما اعتُبر انتخابات رئاسية مزورة، لبضعة أيام، كان مستقبل النظام على حافة الهاوية، لكنه انتصر بوحشية مطلقة.
وهذه الأيام تتعالى صيحات "الموت لخامنئي" في سماء الليل، لكن الاحتجاجات الشعبية مستحيلة تحت وطأة القنابل، ودائمًا ما تكون محفوفة بالمخاطر تحت سيطرة الحكومة، وللسبب نفسه، لا يوجد قادة واضحون لإدارة أي انتقال سياسي.
لا يزال خامنئي متحديًا، فقد ردّ يوم الأربعاء على تهديد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بحياته ودعوته إلى "الاستسلام غير المشروط"، قائلًا: "إيران صامدة في وجه الحرب المفروضة، كما ستصمد في وجه السلام المفروض، ولن ترضخ لأي فرض".
وفي الوقت نفسه، ومع استمرار القصف الإسرائيلي، ثمة مؤشرات على تصاعد الشعور الوطني حتى بين معارضي النظام الذين قضوا فترة في السجون، ويرى بعضهم أن ضعف إيران الواضح دليل على حاجتها إلى قنبلة نووية، مثل كوريا الشمالية، لحماية نفسها، وفي جوار إيران، تمتلك باكستان والهند وروسيا وإسرائيل رؤوسًا نووية.
"حتى لو كنا جزءًا من المعارضة، لا يمكننا أن نبقى غير مبالين بغزو وطننا"، هكذا كتب صادق زيباكالم، أستاذ العلوم السياسية الذي رفض بشكل ملحوظ دوس العلمين الأمريكي والإسرائيلي في جامعة مشهد عام 2016، في صحيفة إيرانية، وأضاف: "لا يمكننا الصمت، أو الأسوأ من ذلك، دعم المعتدي".
لا تحظى فكرة إسقاط النظام في إيران بإجماع من القوى الكبرى، ولا شك أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيُشير بلا هوادة إلى النفاق الغربي بشأن حربه في أوكرانيا، إذا استخدمت إسرائيل والولايات المتحدة القوة لإسقاط النظام في إيران.
القوى الغربية بالفعل، حتى تلك التي عادة ما تتحرك بخطوات متزامنة مثل فرنسا وألمانيا، منقسمة حول كيفية المضي قدمًا، ويقول فريدريش ميرتس، المستشار الألماني، يوم الثلاثاء: "هذا هو العمل القذر الذي تقوم به إسرائيل من أجلنا جميعًا".
وفي حديثه لقناة ZDF الألمانية، أضاف أن "نظام الملالي هذا جلب الموت والدمار للعالم" متابعًا "لا أستطيع تخيل عودة نظام الملالي إلى وظائفه السابقة".
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أكثر حذرًا، وقال يوم الثلاثاء: "أعتقد أن الخطأ الأكبر اليوم هو السعي لتغيير النظام في إيران بالوسائل العسكرية؛ لأن ذلك يعني الفوضى".
ووفق "نيويورك تايمز"، سيكون من الحماقة الاستهانة بعزم إيران على البقاء، والمدى الذي قد تصل إليه في سعيها لتحقيق ذلك.
وقال والي نصر، العميد السابق لكلية جونز هوبكنز للدراسات الدولية المتقدمة: "إيران مُهانة وليست في مكانها الذي كانت عليه من قبل، لكنها لا تزال قادرة على البقاء لفترة كافية لاستنزاف إسرائيل وتوريط الولايات المتحدة في أمر لا تريده".