أعلن مجلس الشيوخ الأمريكي تعيين الفريق أول داغفين آر إم أندرسون قائدا للقيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا "أفريكوم"، ما يمثل تحولا كبيرا في تعامل واشنطن مع القارة في عهد الرئيس دونالد ترامب.
ويأتي الإبقاء على عمل القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا في ظل التحديات الاستراتيجية التي يفرضها النفوذ الروسي والصيني.
وسيخلف أندرسون، أول ضابط في سلاح الجو الأمريكي يقود "أفريكوم" في تاريخها، رسميا الجنرال البحري مايكل لانغلي، الذي عدّ منذ عام 2022 أول جندي بحري أسود بأربع نجوم.
وخلال فترة ولايته، ركز لانغلي على شراكات مكافحة التطرف في غرب أفريقيا، وتتبع تدفقات الذهب غير المشروعة التي تُموّل الجماعات المتشددة.
وكان يُنظر إلى قيادة لانغلي على أنها ثابتة ومتعاونة، حيث عززت التعاون مع الشركاء الأفارقة في تبادل المعلومات الاستخباراتية وجهود مكافحة الإرهاب الإقليمية، وخاصة ضد حركة الشباب في الصومال وتنظيمات الدولة في منطقة الساحل.
ومع ذلك، يشير متابعون إلى تآكل النفوذ الأمريكي في بعض المناطق الرئيسية بمنطقة الساحل خلال فترة حكمه، حيث قطعت عدة مجالس عسكرية علاقاتها مع القوات الغربية ورحبت بمقاتلين عسكريين روس من القطاع الخاص.
في غضون ذلك، توسعت الاستثمارات الصينية في الموانئ والاتصالات ومشاريع الطاقة، مما منح بكين نفوذًا متزايدًا على البنية التحتية الأفريقية.
يرث الجنرال داغفين أندرسون القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا في وقت تتزايد فيه التحديات الاستراتيجية، وخاصة في سياق سياسة الرئيس ترامب، والتي تمزج بين الموقف العسكري والمشاركة التجارية المستهدفة.
وعلى النقيض من الإدارات السابقة، قد تعطي واشنطن الأولوية للاستثمارات الاستراتيجية في قطاعات مثل التعدين والطاقة والبنية الأساسية الرقمية إلى جانب وجود أمني أكثر حزما.
ففي رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وكوت ديفوار، قد يعني هذا توسيع نطاق التدريب العسكري، وتمويل مكافحة التطرف، ودعم البنية الأساسية لتحقيق الاستقرار في المناطق المعرضة للصراع.
أما في نيجيريا، الدولة الأكثر سكانا في أفريقيا وأحد أكبر منتجي النفط في القارة، قد يتجه التدخل الأمريكي نحو حماية إنتاج الطاقة في دلتا النيجر، وتحسين الأمن الساحلي في خليج غينيا، ومواجهة شبكات الاتصالات التي بنتها الصين.
وقد تشهد كينيا، باعتبارها شريكاً قديماً في مكافحة التطرف، تعاوناً موسعاً في مجال مراقبة الطائرات دون طيار، ودوريات مكافحة القرصنة، ومشاريع البنية التحتية الرقمية التي تهدف إلى تأمين ممرات التجارة في شرق أفريقيا.
ومن ناحية أخرى، من المرجح أن تواجه جنوب أفريقيا ضغوطا دبلوماسية بسبب علاقاتها بمجموعة البريكس، في حين تستفيد من الاستثمارات الأمريكية المحتملة في الطاقة المتجددة وتطوير الموانئ.
وفي ضوء هذه التطورات، وصف أندرسون، الذي كان يتولى في السابق قيادة العمليات الخاصة الأميركية في أفريقيا، القارة السمراء بأنها "مركز التنافس بين القوى العظمى"، خلال جلسة تأكيد تعيينه.
وحذر من أن روسيا والصين " تريان مستقبلهما يمر عبر القارة"، مسلطا الضوء على شبكة الصين المتنامية من المشاركات العسكرية بين الجيوش ودفعها نحو الموانئ ذات الاستخدام المزدوج على المحيط الأطلسي، واصفا إياها بأنها "مقلقة" للأمن البحري الأمريكي.
وقال أندرسون خلال جلسة الاستماع: "أعتقد أن النفوذ الروسي والعمليات الإعلامية كانت حاسمة في تحويل السكان ضد الفرنسيين في منطقة الساحل".
وبعيدًا عن المخاوف الأمنية، أشاد أندرسون باستثمار إدارة ترامب البالغ 1.2 مليار دولار في مكتب رأس المال الاستراتيجي التابع للبنتاغون.
وأكد أن القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا قادرة على أن تكون بمثابة جسر بين المستثمرين الأمريكيين والشركاء الأفارقة، بما يضمن دمج الاعتبارات الأمنية في المشاريع الكبرى.