في الوقت الذي تستهدف فيه إسرائيل البرنامج النووي الإيراني، فإن لديها برنامجها السري الخاص بها منذ تأسيسها عام 1948، عندما حرصت الدولة الناشئة حينها على بناء برنامج نووي يضمن بقاءها.
وبينما تسعى الحرب التي شنتها إسرائيل على إيران إلى القضاء على برنامجها النووي، الذي ينظر إليه العالم بقلق بالغ، فإن تل أبيب لا تعترف علناً ببرنامجها الذي يعتقد خبراء أنه آخذ في التوسع، وفق تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز".
ويقول ألكسندر ك. بولفراس، خبير الأمن النووي في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن: "من منظور الموقف الدبلوماسي الرسمي، لن يؤكد الإسرائيليون أو ينكروا" ترسانتهم النووية.
بدلاً من ذلك، صرّحت إسرائيل بأنها لن تكون أول دولة تُدخل أسلحة نووية إلى الشرق الأوسط. ويُعدّ هذا الغموض المُتعمّد في الصياغة بمثابة ما وصفه بولفراس بـ"التعتيم على ما هو واضح أنه برنامج أسلحة نووية قائم".
يُعتقد على نطاق واسع أن إسرائيل تمتلك ما لا يقل عن 90 رأساً حربياً، وكمية كافية من المواد الانشطارية لإنتاج مئات الرؤوس النووية الأخرى، وفقاً لمركز الحد من الأسلحة ومنع الانتشار ومبادرة التهديد النووي.
قدّرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهي الهيئة الرقابية النووية التابعة للأمم المتحدة، أن 30 دولة قادرة على تطوير أسلحة نووية، لكن من المعروف أن تسع دول فقط تمتلكها.
وتمتلك إسرائيل ثاني أصغر ترسانة نووية بين الدول التسع، متقدمة فقط على كوريا الشمالية، وفقاً لمنظمة الحملة الدولية للقضاء على الأسلحة النووية، وهي منظمة مناصرة حائزة على جائزة نوبل.
وقال خبراء إن إسرائيل قادرة على إطلاق رؤوس حربية من طائرات مقاتلة أو غواصات أو منصات إطلاق صواريخ باليستية أرضية.
كما أن إسرائيل واحدة من خمس دول، إلى جانب الهند وباكستان وكوريا الشمالية وجنوب السودان، لم توقع على معاهدة حظر الانتشار النووي التابعة للأمم المتحدة.
تشير السجلات التاريخية إلى أن القادة الإسرائيليين كانوا عازمين على بناء ترسانة نووية لحماية بقاء الدولة بعد فترة وجيزة من تأسيسها عام 1948 في أعقاب المحرقة.
تأسست هيئة الطاقة الذرية الإسرائيلية عام 1952، وصرح أول رئيس لها، إرنست ديفيد بيرغمان، بأن القنبلة النووية ستضمن "ألا نُساق مرة أخرى كحملان إلى الذبح"، وفقاً للمكتبة الافتراضية اليهودية.
ويعتقد الباحثون أن إسرائيل بدأت بناء موقع لتطوير الأسلحة النووية عام 1958، بالقرب من مدينة ديمونا جنوب إسرائيل. وذكر تقرير استخباراتي أمريكي رُفعت عنه السرية مؤخراً، صادر عن لجنة استخبارات الطاقة الذرية المشتركة في ديسمبر/كانون الأول 1960، أن مشروع ديمونا يتضمن منشأة لإعادة معالجة البلوتونيوم. وخلص التقرير إلى أن المشروع مرتبط بالأسلحة النووية.
عام 1967، طوّرت إسرائيل سراً القدرة على صنع متفجرات نووية، وفقاً لجمعية الحد من الأسلحة. وبحلول عام 1973، "أصبحت الولايات المتحدة مقتنعة بامتلاك إسرائيل أسلحة نووية"، وفقاً لما كتبه اتحاد العلماء الأمريكيين لاحقاً.
يُعتقد على نطاق واسع أن برنامج الأسلحة النووية الإسرائيلي موجود في ديمونا.
زار علماء أمريكيون ديمونا في ستينيات القرن الماضي، وخلصوا إلى أن البرنامج النووي هناك سلمي، بناء على عمليات تفتيش محدودة بشكل متزايد، وفقاً للسجلات التاريخية. لكن لا يوجد دليل علني على عودة المفتشين الأمريكيين منذ ذلك الحين.
وتُظهر صور الأقمار الصناعية أعمال بناء جديدة في ديمونا على مدى السنوات الخمس الماضية. ويقول الخبراء إن المنشأة، على أقل تقدير، تخضع لإصلاحات وتحديثات ضرورية للغاية.
وهناك اعتقاد متزايد لدى بعض الخبراء بأن إسرائيل تبني مفاعلاً جديداً في ديمونا لتعزيز قدرتها النووية.
وذكر تقرير صدر هذا الأسبوع عن معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام أن إسرائيل، على ما يبدو، تُطوّر موقع مفاعل هناك لإنتاج البلوتونيوم، الذي يمكن استخدامه في الأسلحة النووية وبعض الأغراض السلمية، مثل الفضاء.