سلطت صحيفة "وول ستريت جورنال"، الضوء على أبرز العقبات الداخلية والخارجية، التي قد تواجه خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الهادفة للتخلص من نظام الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو.
وقالت إن مادورو، البالغ من العمر 63 عامًا، يواجه ضغوطًا عسكرية ودبلوماسية أمريكية غير مسبوقة للاستقالة ومغادرة بلاده بسلام، مبيّنة أنه من غير المرجح أن يقبل العرض.
واستبعد محللون أن يحصل مادورو على عفوٍ دائم، ولا سيما أنه لا يشعر بالأمان إلا بين نخبة العسكريين الموالين الذين أحاط نفسه بهم لعقدٍ من الزمان، وفقًا للصحيفة.
ونقلت الصحيفة عن شخص يتحدث كثيرًا مع كبار المسؤولين في الحكومة الفنزويلية، قوله إن مادورو ومعظم حلفائه يرون أن التهديدات العسكرية الأمريكية مجرد خدعة.
وأضاف أن مادورو يعتقد أن الطريقة الوحيدة لإسقاطه من قِبل الولايات المتحدة هي إرسال قوات إلى كاراكاس.
واستبعد الرئيس ترامب أن تخوض بلاده حربًا مع فنزويلا، مُركّزًا بدلًا من ذلك على دفع مادورو إلى التنحي عن منصبه، كما أبدى مؤخرًا انفتاحه على إجراء محادثات مع الزعيم الفنزويلي.
بدوره، قال مويسيس نعيم ، المحلل في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي ومقرها واشنطن، إنه "من وجهة نظر مادورو، قد يكون البقاء في فنزويلا هو السبيل الأسلم لحماية نفسه وأمواله وعائلته".
وصرّح مادورو مؤخرًا بأنه لن يرحل، حيثُ وقال: "مهما فعلوا، وكيفما فعلوا، وأينما حلوا، فلن يتمكنوا من هزيمة فنزويلا".
ويقول محللون إن أولى المشكلات التي يواجهها مادورو وحلفاؤه هي المسؤولية الجنائية.
ووجهت اتهامات للرئيس وبعض كبار مسؤوليه في الولايات المتحدة بتهريب أطنان من الكوكايين وتزويد المتمردين الكولومبيين بالأسلحة، وهي اتهامات ينكرونها.
ورصدت الولايات المتحدة مكافأة قدرها 50 مليون دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى القبض على مادورو.
وفي الداخل، قد يواجه كبار القادة العسكريين في فنزويلا في ظل النظام الجديد ملاحقة قضائية بتهمة الاتجار بالمخدرات وتلقي رشاوى في صناعات الطاقة والألمنيوم، وكذلك من واردات المواد الغذائية، حتى في الوقت الذي يرأس فيه مادورو أحد أكبر الانهيارات الاقتصادية في العالم في التاريخ الحديث.
وتحقق المحكمة الجنائية الدولية، ومقرها لاهاي، في فنزويلا بشأن جرائم مزعومة ضد الإنسانية منذ عام 2018، بحسب الصحيفة.
وتشمل تلك الجرائم الاضطهاد السياسي والتعذيب والاغتصاب، وتعود إلى القمع العنيف للاحتجاجات في عام 2017، عندما تم اعتقال ما لا يقل عن 5000 شخص بشكل تعسفي وقتل أكثر من 125 شخصًا في اشتباكات مع الشرطة.
وقال جون بولجا هيسيموفيتش، الخبير في الشؤون الفنزويلية في الأكاديمية البحرية الأمريكية، إن القوات المسلحة الفنزويلية مزودة بعناصر مكافحة تجسس كوبية مهرة، مما يجعل التخطيط للانقلاب أمراً شبه مستحيل.
وذكرت الصحيفة مشكلة أخرى بالنسبة لمادورو، تتمثل في وجود عدد قليل من الأماكن التي يمكن اللجوء إليها، مثل روسيا، حيث فر الرئيس السوري السابق بشار الأسد بعد سقوط نظامه في شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وأشارت إلى أن كوبا تعتبر ملاذًا محتملًا لمادورو، الذي تدرب في شبابه هناك ليكون منظِّمًا نقابيًا، لكن مستقبل الدولة الشيوعية قاتم، واقتصادها في حالة انهيار، وبالكاد تبقي الكهرباء مضاءة.
وأكدت الصحيفة أن الأمن سيُشكّل في المنفى بعاصمة أوروبية كمدريد مشكلةً كبيرة، وخصوصًا أن المدينة تؤوي عشرات الآلاف من الفنزويليين المنفيين، وكثير منهم يُكنّون كراهيةً لمادورو.
وبيّنت أن جيش مادورو يُبدي ارتيابًا شديدًا من أي معارضة قد تتولى السلطة في حال رحيله، ولا سيما أن زعيمة المعارضة، ماريا كورينا ماتشادو، فازت بجائزة نوبل للسلام هذا العام، وكانت معارضة متشددة لا هوادة فيها، مُحتقرةً النظام وجيشه.
وتخشى حكومة مادورو، بحسب الصحيفة، من سعي حكومة ماتشادو للانتقام، وخصوصًا أنه في "بيان الحرية" الذي نشرته ماتشادو مؤخرًا، قالت إنه يجب محاسبة "نظام مادورو الإجرامي"، وتعهدت بإصلاح قوات الجيش والشرطة في البلاد.
وكان الرئيس ترامب قد أعطى الضوء الأخضر لبدء عمليات سرية لوكالة المخابرات المركزية في فنزويلا، وأمر بأكبر حشد عسكري في منطقة البحر الكاريبي منذ عقود، كما تتواجد في المنطقة أحدث حاملة طائرات أمريكية، إلى جانب أسطول من السفن الحربية وقوة من مشاة البحرية.