مسيّرة تستهدف سيارة على طريق بلدة مركبا جنوبي لبنان
في وقت تتصاعد فيه التوترات بين الولايات المتحدة وفنزويلا إلى مستوى غير مسبوق، تكشف مصادر مطلعة على السياسة الأمريكية في كاراكاس عن شبه توقف للاتصالات الخلفية بين الطرفين، رغم أنها كانت تُعد آخر متنفس لإمكان التوصل إلى تسوية سلمية.
يأتي ذلك في لحظة يحاول فيها الرئيس نيكولاس مادورو بكل الوسائل ـــ من الغناء لرموز السلام إلى الدعوة إلى حوار مباشر مع دونالد ترامب، فتح ثغرة في جدار الأزمة المستمرة منذ أشهر، بحسب صحيفة "بلوتيكو".
وبينما يشدد ترامب الخناق عبر مهلة ضمنية تطالب مادورو بالتخلي عن السلطة، ازدادت التعقيدات بعد إدراج "كارتل دي لوس سولس"، الشبكات المرتبطة بالعسكريين الفنزويليين، على قوائم الإرهاب.
ورغم تقارير تحدثت عن عرض فنزويلي بتنحي مادورو خلال عامين أو ثلاثة، تؤكد مصادر في واشنطن أن هذا الطرح قديم وغير قابل للتطبيق سياسيًا.
حتى الآن، تتمسك إدارة ترامب بموقف متشدد لا يستبعد أي خيار، بما في ذلك العسكري، وهو ما أكدته متحدثة البيت الأبيض كارولين ليفيت.
لكن واشنطن تدرك أيضًا أن أي خطوة يجب أن تُفضي إلى "نصر محسوب"، كما يقول فرانك مورا، السفير الأمريكي السابق لدى منظمة الدول الأمريكية.
خيارات عسكرية مفتوحة
رغم أن احتمال تنفيذ ضربات عسكرية أمريكية في فنزويلا ليس مؤكدًا، فإن التعزيزات المتواصلة للقوات الأمريكية في المنطقة تزيد الضغط على البيت الأبيض للتحرك.
وتتراوح السيناريوهات المحتملة بين ضربة محدودة تمنح ترامب مكسبًا سياسيًا داخليًا، أو حملة أوسع تستهدف البنية التي يُعتقد أنها تدعم "كارتل دي لوس سولس".
ويدرك صناع القرار الأمريكيون أن تراكم القوة دون استخدام قد يضع الإدارة في موقف محرج، خصوصًا مع اقتراب المهلة التي حددها ترامب.
ومع ذلك، تبقى المخاطر عالية؛ إذ لا يضمن أي تدخل عسكري تغييرًا فوريًا في سلوك مادورو أو رحيله.
بالتوازي، تُظهر التطورات على الساحة الدولية حجم الضغوط الأخرى التي تواجه الإدارة الأمريكية، ومنها الخطة التي يُشاع أن مبعوث البيت الأبيض ستيف ويتكوف ونظيره الروسي كيريل دميترييف صاغاها لإنهاء الحرب في أوكرانيا.
ورغم الضجة المثارة حولها، تشير مواقف مشرعين أمريكيين وأوروبيين إلى غياب التنسيق الكامل حول هذه المبادرة، ما يزيد تعقيد المشهد الاستراتيجي لواشنطن.
الأزمة الفنزويلية لا تجري بمعزل عن تصاعد التوترات العالمية؛ ففي أوروبا الشرقية، تتحسب بولندا ورومانيا لأي توسع في الهجمات الروسية على غرب أوكرانيا، بعد ليلة شهدت وابلًا من المسيّرات والصواريخ التي أودت بحياة تسعة أشخاص وأصابت العشرات.
هذا الامتداد للحرب إلى جوار حدود الناتو دفع وارسو إلى رفع جاهزية قواتها الجوية وإغلاق مطارات جنوب شرق البلاد، بينما أرسلت رومانيا مقاتلاتها ردًا على اختراق مسيّرة لأجوائها.
في الشرق الأوسط، تتواصل الهجمات الإسرائيلية على جنوب لبنان، في ما تقول تل أبيب إنه استهداف لمخازن أسلحة تابعة لحزب الله؛ الغارات التي أصابت طلابًا في حافلة وأوقعت 13 قتيلاً في مخيم عين الحلوة، جاءت بالتوازي مع تصاعد هجمات المستوطنين في الضفة الغربية رغم الإدانات الرسمية.
هذا التصعيد يهدد مبادرات الوساطة التي يحاول ترامب دفعها مع السعودية، التي تضع أي ضم إسرائيلي للضفة الغربية ضمن "الخطوط الحمراء" لمسار التطبيع.
تكشف الأزمة بين واشنطن وكاراكاس عن مشهد دولي شديد التشابك، يتداخل فيه الضغط العسكري مع الحسابات الانتخابية، وتتشابك مسارات التهدئة المحتملة مع نزاعات ممتدة من لبنان إلى أوكرانيا.
وبينما تتضاءل فرص التسوية الدبلوماسية، يقف الطرفان على حافة لحظة يمكن أن تُعيد رسم المشهد الجيوسياسي في نصف الكرة الغربي بأكمله.