يثير تعثر الوساطات الرامية إلى إعادة مالي والنيجر وبوركينا فاسو إلى المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "إيكواس"، تساؤلات متزايدة حول ما إذا كان هذا الجمود سيقود إلى انسحاب هذه الدول من التكتل الإقليمي بحلول نهاية الشهر الجاري.
وكانت "إيكواس" قد منحت بوركينا فاسو والنيجر ومالي مهلة مدتها ستة أشهر للعودة إلى صفوفها، لكن العواصم الثلاث - نيامي وواغادوغو وباماكو - أصدرت بيانًا مشتركًا رفضت فيه هذه المهلة ووساطة رئيس السنغال، باسيرو ديوماي فاي، الذي كان يُنظر إليه كأحد الأطراف القليلة القادرة على حل هذه الأزمة.
وإيكواس، التي تُعد تكتلًا إقليميًّا رئيسيًّا يضم 15 دولة غرب أفريقية، تواجه تحديًا وجوديًّا في ظل تصاعد نفوذ كونفدرالية الساحل الجديد، التي تضم مالي والنيجر وبوركينا فاسو؛ مما يهدد مكانة "إيكواس" في المنطقة.
لا عودة
بعد الانقلابات التي شهدتها في السنوات الأخيرة، اتخذت مالي والنيجر وبوركينا فاسو مواقف تتعارض بشكل جذري مع توجهات "إيكواس"، مثل التخلي عن الفرنك الأفريقي الموحد المرتبط بالبنك المركزي الفرنسي.
ويرى المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الإفريقية، ناصر سيدو، أن العودة إلى إيكواس تبدو مستبعدة.
وقال سيدو، في تصريح خاص لـ"إرم نيوز"، إنه "على الأرجح لن تكون هناك عودة لمالي والنيجر وبوركينا فاسو إلى "إيكواس"، خاصة مع فشل الوساطات التي كان آخرها وساطة الرئيس السنغالي، الذي يواجه هو الآخر انتقادات داخلية لارتباطه بإيكواس".
وأضاف: "إيكواس أصبحت في مأزق حقيقي، وهناك مخاوف متزايدة من تفكك التكتل، ولا سيما مع تصاعد الاتهامات بأنها تعمل كذراع لفرنسا في المنطقة".
وأكد سيدو أن "إيكواس بحاجة ماسة إلى تعديل مواقفها بما يتماشى مع إرادة شعوب المنطقة، خاصة بعد تهديدها سابقًا بالتدخل العسكري في النيجر إثر الانقلاب الذي أطاح بالرئيس محمد بازوم، الذي ما يزال رهن الاعتقال".
أمر محسوم
ورغم رفض الدول الثلاث للمهلة الممنوحة لها، ما يزال الترقب سيد الموقف بخصوص جهود الوساطة التي يقودها فاي. إلا أن الخبير الاقتصادي المتخصص في الشؤون الأفريقية، إبراهيم كوناتي، يرى أن الانسحاب بات مسألة وقت.
وقال كوناتي، لـ"إرم نيوز"، إن "رفض مالي والنيجر وبوركينا فاسو للمهلة المقدمة من إيكواس يشير إلى أن هذه الدول لن تعود إلى التكتل".
واعتبر أن هذا الرفض يمثل "رصاصة الرحمة" على جهود "إيكواس".
وأضاف: "إيكواس تواجه خطر التفكك، وهو سيناريو يثير قلق قادتها؛ بسبب تأثيره السلبي المحتمل على الوضعين السياسي والاقتصادي في غرب أفريقيا".
وأوضح كوناتي أن "التكتل يفتقر إلى بدائل حقيقية لمعالجة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تعصف بالمنطقة؛ مما يعزز من الأفكار المعادية لـ"إيكواس" وتوجهاتها السياسية والاقتصادية".
في ظل هذه التطورات، يبقى مستقبل إيكواس في مهب الريح، مع استمرار الانقسامات الداخلية وتصاعد الضغوط الخارجية.
ومع اقتراب نهاية المهلة المحددة، يبدو أن الأزمة قد تفضي إلى إعادة تشكيل خريطة التحالفات الإقليمية في غرب أفريقيا، بما يعكس ديناميكيات جديدة تفرضها الظروف السياسية والاقتصادية المتغيرة.