توقع خبراء روس أن تسيطر قوات بلادهم على مقاطعة دونيتسك بالكامل مع نهاية العام الجاري، لافتين إلى أن القوات الروسية تتقدم هناك بسرعة غير مسبوقة خلال سنوات الحرب في أوكرانيا، وسط سيطرتها على شمال مدينة تشاسيف يار بعد معارك طاحنة، بحسب مصدر عسكري مطلع.
وقال الخبراء، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، إن مقاطعة دونيتسك هي الأهم مقارنة مع المقاطعات الأربعة التي تخوض فيها روسيا معاركها ضد القوات الأوكرانية.
يقول الخبير في الشؤون العسكرية، يوري أفاناسييف، إن "القوات الروسية تسيطر تقريبًا على أكثر من 85% من دونيتسك، وعينها على الـ15% المتبقية، وعلى رأسها تشاسيف يار، التي تعتبر المعركة الحاسمة الأخيرة في هذه المقاطعة".
ويتابع أفاناسييف، في حديث لـ"إرم نيوز"، أن "الجيش الروسي صب تركيزه بشكل كبير على دونيتسك، مستغلًا سحب القوات الأوكرانية لبعض التحشيدات من المقاطعة لحماية خاركيف، حيث سارت القوات الأوكرانية كما تشاء روسيا، وأكلت الطعم".
ويوضح أنه "مع تضعضع التحصينات الأوكرانية في دونيتسك نتيجة سحب عدد كبير من القوات باتجاه خاركيف، كان التقدم الروسي سهلًا".
ويعتقد أفاناسييف أن "تسقط باقي المناطق التي ما زالت بيد أوكرانيا بسرعة مع سيطرة القوات الروسية على دونيتسك بشكل كامل، باعتبارها أهم مقاطعة"، موضحًا أن هذا ما يسمى عسكريًا بـ"الانهيار الجماعي".
وينوه إلى أن "القوات الروسية إذا ما واصلت تقدمها بهذه السرعة، فقد تنتهي معارك دونيتسك خلال الأشهر المقبلة، وتعلن روسيا السيطرة الكاملة على هذه المقاطعة".
وحول التقدم على الجبهات الأخرى، يوضح أفاناسييف أن "المعارك تسير وفق الخطط الروسية، فروسيا هي التي تصوغ خارطة المعارك الآن، وتحدد أين ستبدأ وأين ستنتهي، لذلك فإن التركيز الآن على دونيتسك، ومن بعدها زابوروجيا".
ويؤكد أفاناسييف أن معركة خيرسون ستشكل الجبهة الأخيرة، لأن اقتحامها بشكل كامل يحتاج لمخططات عسكرية مختلفة عن باقي المقاطعات.
من جانبه، يرى الباحث في الشأن الأوكراني، ديمتري جاركوف، في حديث لـ"إرم نيوز"، أن "أهمية دونيتسك تنقسم إلى قسمين، الأول يخص الأهمية العسكرية في الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، والثاني أهمية إستراتيجية واقتصادية بعيدًا عن الصراع هناك".
ويوضح الباحث أن "الأهمية العسكرية تتلخص في أن إتمام السيطرة على دونيتسك يعني أن إقليم دونباس، الذي يتشكل من لوغانسك ودونيتسك، تمت السيطرة عليه بشكل كامل، وهو أحد أهم أهداف العملية العسكرية الروسية".
ويتابع "يضاف إلى هذا، أن دونيتسك ستكون الثقل العسكري الذي تتحرك منه القوات الروسية إلى باقي الجبهات، سواء إلى زابوروجيا أو خيرسون".
ولفت إلى أنه "يمكن للجيش الروسي نشر بطاريات دفاعية بكثافة داخل دونيتسك، ما سيسمح لروسيا بتوسيع رقعة الحماية الجوية لهذه المقاطعة، وللأراضي الروسية الواقعة في الخلف".
أما على الصعيد الإستراتيجي والاقتصادي، يوضح جاركوف أن "دونيتسك تعتبر موطنًا لأكثر من 100 منجم للفحم، وبقدرة إنتاجية عالية، يضاف إلى غناها بالمعادن"، لافتًا إلى أن المقاطعة كانت قبل الحرب موطنًا للصناعات المختلفة، حيث معامل المواد البتروكيماوية والأسمدة الصناعية والكثير من الصناعات الزراعية، فهي مدينة صناعية وزراعية بنفس الوقت.
وأشار إلى أنه قبل عام 2022، كانت دونيتسك ولوغانسك تساهمان بنسبة 20% تقريبًا من الناتج المحلي في أوكرانيا.
ويرى جاركوف أن "هناك فوائد أخرى لها علاقة بأزمة الديموغرافيا التي تعيشها روسيا، حيث يقطن لوغانسك ودونيتسك ما يقرب من 6 ملايين مواطن روسي، ومع عودتهم إلى وطنهم الأم، فهذا يعني أن روسيا زادت من عدد سكانها البالغ حاليًا 145 مليون نسمة".
وخلص الباحث في الشأن الأوكراني إلى القول "إن عودة إقليم دونباس إلى روسيا هو إنجاز كبير بالنسبة لموسكو، وتدريجيًا ستستفيد روسيا من هذا الإقليم اقتصاديًا، وفي نفس الوقت سيستفيد سكان هذا الإقليم من إمكانات روسيا بشكل كبير، لتطوير الصناعة والزراعة، وإعطاء الإقليم حقه الطبيعي، بعد أن كان مهملًا تحت حكم الأوكران لأسباب سياسية، كون سكانه من الروس".