كشف مصدر سياسي فنزويلي لـ"إرم نيوز" عن كواليس اجتماعات سرية ضمت عناصر من وكالة المخابرات المركزية (CIA) مفوضين من الرئيس دونالد ترامب، ودبلوماسيين أمريكيين، مع مسؤولين يمثلون نظام مادورو في كاراكاس.
ووفقاً للمصدر، فقد تضمنت المقترحات الأمريكية لإنهاء الحصار والتأسيس لتعاون مستقبلي شرطاً مثيراً للجدل، يقضي بمنح شركات طاقة أمريكية "كميات مجانية" من النفط الفنزويلي لمدة 5 سنوات، بمعدل 100 ألف برميل يومياً.
وأوضح المصدر أن هذه الطلبات صيغت كمقايضة لإنهاء التهديدات العسكرية ورفع الحصار الاقتصادي؛ ما يضع البلدين أمام فرصة محتملة لطي صفحة العداء وفتح فصل جديد في العلاقات الثنائية.
وأكد المصدر السياسي الفنزويلي، أن طلبات الولايات المتحدة لا تعني التعامل مع كميات النفط المطلوبة والمواقع التي يستخرج منها عبر نظام "حق الانتفاع" بل يكون استحواذا مجانيا على نسبة يومية خلال 5 سنوات، وذلك بعيدا عن عمل آخر تحصل عليه شركات نفط أمريكية بـ"حق الانتفاع".
وأفاد المصدر، أن قائمة الطلبات الأمريكية المباشرة تتضمن استلام إدارة شؤون النفط في كراكاس، الواقعة في يد شركة بتروليوس دي فنزويلا "بادفاسا" وإعادة هيكلتها بتداخل شركات أمريكية فيها، وبجانب ذلك، استلام شؤون المناجم، وإقامة قاعدتين عسكريتين على ساحل الكاريبي، وصولا إلى تقليل قوات الجيش خلال 3 سنوات بتسريح 70% من القوات المسلحة الفنزويلية، وهو ما يعني إعادة السيناريو الذي جرى في كوستاريكا.
وبدوره، يعترف دبلوماسي أمريكي رفيع المستوى، بأن العملية التي وجهها دونالد ترامب نحو فنزويلا والحصار القائم، يستهدف جانب كبير منه النفط في كراكاس، في ظل نظام وصفه بالمهدد ليس فقط للاستقرار الأمريكي أو مصالح الولايات المتحدة، ولكن للأمن الدولي.
وأوضح المصدر في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن بقاء احتياطيات ضخمة من الطاقة العالمية تحت سيطرة نظام يسخرها لدعم قوى دولية تُهدد الاقتصاد العالمي (في إشارة إلى الصين) يمثل خطراً مباشراً على المصالح الأمريكية.
وأكد المصدر ضرورة "ترشيد" استخدام هذا المخزون وإخضاعه لمظلة شرعية بدلاً من "نهج التهريب"، مستشهداً بنموذج احتجاز ناقلة النفط "سبيكر" قبل أسبوعين كرسالة عملية من واشنطن لقدرتها على كبح هذه المسارات.
وحذر المصدر من أن فنزويلا تمضي نحو مسار يهدد استقرار سوق الطاقة العالمية، عبر تحويل "النفط المهرب" ومعاملات السوق السوداء إلى قاعدة أساسية للتبادل، مدفوعة بتحالفات تقودها روسيا والصين.
ونبّه المصدر إلى أن الصمت الدولي حيال هذا النمط قد يشجع دولاً أخرى مثل إيران على اعتماد النهج ذاته؛ ما يؤدي إلى ولادة "اقتصاد دولي موازٍ" قائم على عمليات التهريب، وهو ما يهدد بخلق حالة من الفوضى وعدم الاتزان في ميزان الطاقة العالمي.
وبالعودة إلى المصدر الفنزويلي، بين أن الجانب الأمريكي وموظفي "السي آي إيه" خلال الاجتماعات، ربطوا المضي في هذه النقاط أو الشروط، بمستقبل الحصار العسكري الجوي والبحري الحالي وزيادة حجمه على سواحل كراكاس، واستكمال الضغط الداخلي عبر عمليات عبر الوكالة وتهيئة الداخل لإسقاط نظام مادورو.
واستكمل أن هناك رغبة أمريكية بعدم الحديث أو الكشف عن تلك اللقاءات والاتصالات، وأن ذكر ذلك يكون باتفاق وموافقة الطرفين وعبر واشنطن، مرجعا ذلك إلى رغبتها في الحفاظ على صورتها وعدم إحراجها أمام المجتمع الدولي، في ظل الحجة التي تستخدمها وهي الحرب على المخدرات.
ويرى المصدر، أن هذه المطالب جاءت في ظل اعتقاد واشنطن أن الحكومة في كراكاس ليس لها قاعدة شعبية وأن التحركات العسكرية في البحر الكاريبي من الولايات المتحدة سيصاحبها حركة قوية بالشارع تطالب بدخول الجيش الأمريكي لاسيما مع الضغط العسكري القائم حينئذ، على أمل حدوث انشقاق بالقوات المسلحة الفنزويلية، يؤدي إلى إسقاط النظام، لكن هذا السيناريو جاء مغايرا للواقع.
وأردف المصدر، أن المعلومات التي قدمتها "السي آي إيه" والمعارضة المقيمة في واشنطن لصاحب القرار في البيت الأبيض غير حقيقة؛ ما ورط ترامب ووضعه في مأزق، في وقت أعلنت المعارضة الممثلة في البرلمان الفنزويلي، وضع خلافاتها جانبا مع الحكومة في كراكاس، وأن تدعمها ضد التدخل الأمريكي، وحتى الجناح اليميني منها يحذو ذلك.
وفسر ذلك بالقول إن هناك عملا أمريكيا استخباراتيا فاشلا من الولايات المتحدة، حيث إن التقارير التي قدمتها "السي آي إيه" والمعارضة الفنزويلية في الولايات المتحدة، كانت مغايرة للواقع، وعلى أساسها كان الذهاب إلى العمليات العسكرية التي جاءت بمشهد معقد لإدارة الطريق الذي لا يمكن العودة عنه.
وذكر المصدر، أن هناك مشاورات تقوم بها البرازيل بين كراكاس وواشنطن ويعمل عليها الرئيس الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا، بهدف إخراج ترامب من هذا المأزق وعرض سيناريوهات تدور في هذا الفلك، ولكنها غير منطقية حتى الآن.