رأى خبراء أن الاتفاقية التجارية الأخيرة بين الولايات المتحدة والصين، تمثل "هدنة مؤقتة" أكثر من كونها حلاً جذرياً للحرب التجارية بين القوتين.
وأضاف الخبراء، أن "الاتفاقية تهدف أساساً إلى إدارة الأزمات والحفاظ على استقرار الأسواق العالمية بعد سنوات من التصعيد، لكنها تواجه قيوداً بسبب التعارض الهيكلي في المصالح الاقتصادية لكل طرف".
وتسعى الولايات المتحدة إلى الحفاظ على هيمنتها الاقتصادية، بينما تسعى الصين إلى توسيع نفوذها التجاري والتكنولوجي، ما يجعل أي اتفاق طويل الأمد غير مضمون.
وقال أستاذ التنمية الاقتصادية ومستشار البنك الدولي السابق الدكتور عمرو صالح، إن ما حدث بين الجانبين هو "هدنة" وليس "اتفاقاً"؛ لأن الهيمنة الاقتصادية لا تقبل القسمة على اثنين، إذ إن الولايات المتحدة تريد أن تبقى "المستحوذة على الكعكة"، في حين أن الصين تسعى لتكون القوة المهيمنة مستقبلاً على العالم.
وأضاف صالح، لـ"إرم نيوز"، أن "استقرار الأسواق العالمية مرتبط بمدة صمود هذه الاتفاقية، لكنها لن تدوم طويلاً، ولطالما بقي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في السلطة، فلن تصمد الاتفاقية وستعود الحرب التجارية بين الطرفين".
وأشار إلى أن "الوضع الحالي تطلّب هدنة مؤقتة حتى تستقر الأمور، ما يعني أن هذه الاتفاقية هدنة تكتيكية، سيعود بعدها زخم الصراع بين الجانبين، سواء على جبهة G5 أو G6 أو G7، أو على جبهة الذكاء الاصطناعي والمعادن الثمينة والصناعات العسكرية، وهي كلها جبهات مفتوحة وحساسة".
من جانبه، يرى الدكتور مصطفى يوسف جديد، الباحث في الاقتصاد السياسي والمقيم في ديترويت، أن "هذه الاتفاقية نقلت العلاقات بين البلدين من مرحلة المواجهة إلى مرحلة إدارة الأزمات، وأن المشكلة بين الولايات المتحدة والصين هي مشكلة هيكلية؛ لأن الصين تنتج أكثر وتمتلك عمالة أكثر كفاءة، ما يؤدي إلى تفاقم العجز التجاري الأمريكي".
وأضاف جديد، لـ"إرم نيوز"، أن "الرئيس ترامب فرض تعريفات جمركية غير مبررة، ما أدخله في حرب تجارية مفتوحة، إذ لم يُدرك هو وإدارته ومستشاروه عواقبها".
وأوضح أن هذه الاتفاقية تمثل "إدارة أزمة" تحت ضغط سياسي، خاصة من الولايات الجمهورية التي تُعتبر خزّاناً انتخابياً لترامب وحزبه، مثل آيوا ونبراسكا وإلينوي وإنديانا وأوهايو، كما حدث في أزمة فول الصويا.
وأشار إلى أن هذه الاتفاقية تهدف إلى إرضاء ناخبي ترامب، لكنها مؤقتة، إذ من المرجّح أن يخسر الحزب الجمهوري الانتخابات النصفية المقبلة للكونغرس؛ بسبب السياسات الاقتصادية غير المدروسة لترامب.
ورأى أن "لدى الصين أوراق قوة متعددة؛ لأن ترامب فشل في إبعاد دول كثيرة عنها، إذ لم تعد الولايات المتحدة شريكاً موثوقاً بعد ما فعلته مع الصين وكندا والمكسيك والاتحاد الأوروبي وأوكرانيا، ما يعني أن إدارة ترامب تسير من سيئ إلى أسوأ، الأمر الذي سينعكس سلباً على الاقتصاد الأمريكي ما لم يقرر الرئيس إنهاء هذه الحروب التجارية غير المبررة".
بدوره، قال الخبير الاقتصادي الصيني نادر رونغ، إن "هذه الاتفاقية تمثل بداية نهاية الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، رغم أن الصين لم تكن الطرف الذي بدأ هذه الحرب، بل اضطرت للدفاع عن مصالحها".
وأضاف رونغ، لـ"إرم نيوز"، أن "الصين منفتحة على التفاوض وتؤكد أنه لا يوجد فائز في الحروب التجارية؛ ولذلك يجب حل الخلافات عبر تطبيق مبدأ "خطوة بخطوة" للحفاظ على تطور العلاقات الصينية-الأمريكية بشكل صحي وسليم، خصوصاً في مجال التجارة".
وتوقع أن "الصين ستستفيد من قرار خفض الرسوم الجمركية، بما في ذلك الشركات الصينية التي تعتمد على تصدير منتجاتها إلى السوق الأمريكية، كما يمكنها الاستفادة من رفع القيود الأمريكية على المنتجات عالية التكنولوجيا مثل الرقائق وأشباه الموصلات".
وأشار رونغ، إلى أنه "ثبت تاريخياً أن الصين والولايات المتحدة يمكنهما تحقيق تنمية مشتركة"، مؤكداً أن "الصين لا تتعمد تحدي أي دولة، بما في ذلك الولايات المتحدة".