logo
العالم

النزاعات والحروب الإفريقية تفجّر أزمة نازحين تاريخية في 2025

نازحون في دولة أفريقية يحملون أمتعة شخصيةالمصدر: رويترز

يواجه السكان النازحون قسرًا في  إفريقيا وضعًا صعبًا يتمثل في اضطرارهم إلى الفرار نحو البلدان المجاورة التي تشهد هي الأخرى حروبًا ونزاعات. ولا تزال القارة تضمّ أكبر عدد من اللاجئين في العالم، إذ تُمثّل نسبتهم 43% من الإجمالي العالمي.

وتشير التقديرات الأممية إلى أن 45.7 مليون إفريقي نزحوا قسرًا، بين لاجئين ونازحين داخليًّا وطالبي لجوء، وهو ما يمثل 3% من سكان القارة.

أما النازحون داخليًّا داخل بلدانهم فيمثلون 69% من إجمالي هؤلاء البالغ عددهم 45.7 مليون نسمة. ومع ذلك، ارتفعت نسبة النازحين خارج بلدانهم بشكل ملحوظ خلال العام الجاري، ويعود ذلك في معظمه إلى ازدياد تدفقات اللاجئين من السودان وبوركينا فاسو وجمهورية الكونغو الديمقراطية ومالي.

وتشهد أربع عشرة دولة من أصل خمس عشرة دولة إفريقية أعلى مستويات النزوح القسري جرّاء نزاعات مسلحة. وتُستثنى من ذلك إريتريا، التي شهدت نزوحًا سكانيًّا بنسبة 19% بسبب استمرار القمع.

كما أبلغت تسع دول إفريقية عن وجود أكثر من مليون نازح في كل من السنوات الثلاث الماضية؛ ما يسلّط الضوء على استمرار عدم الاستقرار والصراعات في هذه الدول ومناطقها.

أما ثماني دول من أصل إحدى عشرة دولة تستضيف أكبر عدد من النازحين خارجيًّا، فهي تعاني هي نفسها من الصراع. ويعكس ذلك تزايد الطابع الإقليمي للنزاعات في منطقة القرن الإفريقي الكبرى، ومنطقة الساحل، وحوض بحيرة تشاد.

خُمس سكان بوركينا فاسو تقريبًا نازحون

وأدى تدهور الوضع الأمني في منطقة الساحل إلى تدفق متزايد للاجئين نحو موريتانيا ودول الساحل الأخرى في غرب إفريقيا. وتُعد بوركينا فاسو المصدر الرئيسي للنزوح القسري في المنطقة، حيث يُقدّر عدد النازحين بنحو 4 ملايين شخص، أي ما يُعادل خُمس سكان بوركينا فاسو تقريبًا.

إلا أن التحقق من الأرقام الدقيقة يظل صعبًا، إذ توقّف المجلس العسكري الحاكم عن الإبلاغ عن أعداد النازحين منذ عام 2023.

حصار الوقود في مالي

ويفجّر ذلك أزمة نزوح باتجاه ساحل العاج وموريتانيا، وفي جارتها مالي أيضًا، تعيش البلاد حصارًا فرضته جماعات متطرفة منذ أشهر. وتعمل أبيدجان على تعزيز حدودها الشمالية لمواجهة نزوح المدنيين الفارين من العنف في مالي، متوقعة أزمة إنسانية طويلة الأمد.

وقد تجاوزت القضية هذا العام مجرد السيطرة على تدفقات الهجرة، إذ تحذر المنظمات غير الحكومية من أن تدفقًا هائلًا ومستمرًا للاجئين قد يُرهق البنية التحتية المحلية ويُهدد التعايش بين السكان المحليين والنازحين.

ويُظهر الوضع في موريتانيا، حيث لجأ ما يقرب من 300 ألف مالي إلى جنوب شرق البلاد، أن عدم الاستقرار امتد إلى العديد من الدول المجاورة؛ ما يُفاقم الضغوط الإنسانية والأمنية في عموم المنطقة.

السودان مركز النزوح القسري في إفريقيا

يضم السودان أكبر عدد من النازحين قسرًا في إفريقيا (14.4 مليون شخص)، بزيادة قدرها 14% مقارنة بالعام الماضي، حيث يمثل السكان السودانيون النازحون 32% من إجمالي النازحين في القارة، متجاوزًا بذلك جنوب السودان. كما أن أربعًا من الدول التي تضم أكثر من مليون نازح هي بلدان مجاورة للسودان؛ ما يسلّط الضوء على تفاقم تداعيات النزاعات المستمرة على المنطقة بأكملها.

وعلى سبيل المثال، تشير التقديرات إلى أن 800 ألف لاجئ من جنوب السودان عادوا إلى بلادهم منذ عام 2023، ويرافقهم نحو 380 ألف لاجئ سوداني فرّوا من النزاع.

وسيكون العدد الإجمالي للأشخاص الذين نزحوا قسرًا أعلى بكثير لولا الانخفاض المقدّر بنحو 4.5 مليون في عدد النازحين داخليًّا، ولا سيما في إثيوبيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية.

تقدّم حركة "إم 23" في الكونغو

ويعكس هذا التراجع استمرار عودة النازحين إلى منطقتي تيغراي وأمهرة في إثيوبيا، إضافة إلى إعادة توطين النازحين جرّاء هجوم حركة 23 مارس في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية. إلا أن تصاعد التوترات بين إثيوبيا وإريتريا، واستمرار القتال في جمهورية الكونغو الديمقراطية، قد أدّيا إلى إبطاء هذا التقدم.

وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن 500 ألف شخص نزحوا إلى بوروندي المجاورة جرّاء هجوم حركة 23 مارس، من بينهم 200 ألف من منطقة أوفيرا، بينما ينحدر الـ300 ألف المتبقون من منطقة فيزي، الواقعة على بعد نحو 100 كيلومتر جنوب أوفيرا.

أوغندا تغلق أبوابها 

في المقابل، بدأ نظام اللجوء في أوغندا، الذي يُعدّ من أكثر الأنظمة تقدمًا في القارة، بالتراجع. فقد أعلنت الدولة، التي تستضيف 1.93 مليون لاجئ من أصل 50 مليون نسمة، أنها سترفض من الآن فصاعدًا منح وضع قانوني للصوماليين والإثيوبيين والإريتريين.

وقررت هذه الدولة الواقعة في شرق إفريقيا، والتي لطالما قُدّمت كنموذج للانفتاح على المهاجرين، إغلاق أبوابها أمام هؤلاء، بعد أن كان عددهم يزيد قليلًا على 500 ألف لاجئ قبل عشر سنوات. وتشير التقديرات إلى أن اللاجئين في هذه الدولة لا يعيشون في مخيمات، بل في قرى تتوفر لهم فيها الخدمات الاجتماعية، مثل: الصحة والتعليم، إضافة إلى فرص العمل.

الكوارث الطبيعية ترفع نسبة النازحين

كما تسببت الكوارث الطبيعية، ولا سيما الفيضانات، في زيادة النزوح القسري في إفريقيا بنسبة 33%، ما أضاف 5.6 مليون شخص إلى 45.7 مليون شخص نزحوا قسرًا بسبب النزاعات. وبذلك تسجّل إفريقيا أكبر عدد من حالات النزوح الناجمة عن الكوارث في العالم، إذ تمثل 57% من الإجمالي العالمي.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC