في تقرير استراتيجي عسكري لافت، يشير البنتاغون بلغة واضحة إلى الصعوبات التي تتهدد مستقل الصناعة العسكرية الأمريكية، حيث تظهر الصّين كقوّة صاعدة في مستوى التصنيع والتصدير قادرة على غزو الأسواق العالمية، بفضل شروطها المخففة المالية منها والتقنية.
وفي مقاطع لافتة غير سريّة من التّقرير العسكري الذّي أصدره البنتاغون مؤخرا حول واقع الصناعات العسكرية في العالم، تظهر المقاتلة الصينية FC-31، كمقاتلة منافسة للمقاتلة الأمريكية F-35 والتي تجسد فخر الصناعة العسكرية الأمريكية على مدى عقود من الحروب والصراعات والنزاعات الإقليمية والدولية.
ويكشف التقرير عن مساع صينية حثيثة ليست لدخول سوق تصدير الطائرات القتالية العالمي فقط، وإنما أيضا لتوغل وشبه احتكار، وذلك عبر 3 برامج جوية في قطاع الطيران العسكري وهي على التوالي "FC-31" وهي النسخة التصديرية من المقاتلة الشبحية من الجيل الخامس و"شانغدو جي 10 سي" وهي مقاتلة من الجيل الرابع المتطور، و"جي أف" 17 وهي مقاتلة خفيفة نتاج تعاون صيني باكستاني.
وأكّد التقرير أهمية الطلب الدولي المتزايد على المقاتلات الصينية، باعتبارها بدائل اقتصادية وسياسية يسهل الوصول إليها مقارنة بالطائرات الغربية.
كما يأتي هذا التوجه ضمن مقاربة صينية شاملة لتوسيع القدرة الإنتاجية وتخفيف قيود التصدير والتّحسين المستمر في الأجهزة الإلكترونية ودمج الأسلحة والتصميم الشبحي وتوظيف الذكاء الاصطناعي، واستغلال المعادن الثمينة والنادرة والتي باتت الصين تسيطر على منظومتها الشاملة، انطلاقا من الاستخراج إلى التوريد داخل الصين ومن التثمين إلى التصدير ضمن منظومات تصنيعية مختلفة.
وبحال استوعب واستغرق التقرير المنظومات الجوية الثلاث، فإنّه أفرد أجزاء معتبرة للمقاتلة الصينية FC-31 والتي لم يستبعد أن تدخل في منافسة قوية جدا مع نظريتها في المنظومة التسليحية الأمريكية F-35 وذلك بالنّظر لأنّها معدّة أصلا لأغراض التّصدير.
وأشار إلى أنّ الصين عازمة على تقديم FC-31 كمنافس مباشر للمقاتلة الأمريكية، مستغلة القيود الصارمة التي تفرضها واشنطن على مبيعات التكنولوجيا المتقدمة.
وتؤكد التقديرات العسكرية المطلعة أنّ المقاتلة الصينية لا تنافس نظيرتها الأمريكية فحسب بل هي تنافس عددا كبيرا من المقاتلات المتطورة على غرار "تايفون" الأوروبية، و"رافال"الفرنسية، و"سو-35" الروسية، وحتى F-15 EX الأمريكية.
وتضيف أنّ فلسفة منافستها لهذه المقاتلات تقوم على 3 عوامل أساسية لابد أن تؤخذ بعين الاعتبار في سياق فهم الوثبة الصينية على سوق الصادرات.
العامل الأول، فيتمثل في الفشل الذريع الذي منيت به مقاتلات "رافال" الفرنسية في الحرب الهندية الباكستانية الأخيرة والتي بالإمكان وصفها بالمكاسرة الجوية بين المقاتلات الفرنسية والصينية.
واستعانت نيودلهي بالصناعة العسكرية الفرنسية، فيما عوّلت إسلام أباد على الصناعة العسكرية الصينية الروسية، وقد كانت النتيجة هزيمة جوية هندية نكراء دفعتها إلى المسارعة إلى قبول وقف إطلاق النار.
العامل الثاني، فيتجسد في الشروط الأمريكية التَّقنية والفنية التي تطرحها على العملاء، وهي شروط ينظر لها من الكثير من الدول ك"شروط غير موضوعية"، وفي غاية الانحياز لطرف إقليمي بعينه.
والعامل الثالث، فيتجسّد في منظومة التصنيع، حيث تعوّل بكين كثيرا على المنظومة التصنيعية المتكاملة للمقاتلة، بشكل تكون كافة العناصر متأتية من الصين أو من حلفائها ولا تبقى رهينة أي طرف إقليمي آخر.
في السّياق ذاته، تؤكد الدّراسات العسكرية المطلعة أنّ المقاتلة الصينية تتوفر لديها مزايا تقنية وفنية مهمة جدّا، مُنسبّة في نفس الوقت إمكانيةَ تجاوزها بسهولة وبسرعة للمقاتلة الأمريكية F35 والتي تبقى تحافظ على أسبقيتها في الكثير من النقاط.
وتشير الأبحاث العسكرية إلى أنّ من مزايا المقاتلة الصينية الثبات في القتال فوق المسافات والمديات القريبة وذلك بالنظر لأنها مزودة بمحركين اثنين، ما يمنحها أداء أفضل في المناورة وأمانا أعلى بالمقارنة مع المقاتلة الأمريكية التي تحلق بمحرك واحد فقط ومخاطر سقوطها عالية جدا خاصة فوق البحار.
ووفق الأبحاث فأنّ النسخة المحدثة من المقاتلة الصينية تم تصميمها خصيصا للعمل من على متن حاملات طائرات صينية مزودة بالمنجنيق، حيث يلعب تصميم الجناحين دورا مميّزا في تفضيلها عن الF35.
وبحسب الأبحاث فإنّ المزية الأكبر لـfc-31 ليست تقنية ولا فنية، وإنما أساسا في تكلفتها الزهيدة نسبيا في ظل منظومة اقتصاديات الجيل الخامس من المقاتلات، إذ يتراوح سعرها ما بين 70 إلى 80 مليون دولار أمريكي، فيما يتراوح سعر المقاتلة الأمريكية أكثر من 100 مليون دولار. (في حدود ال110 مليون دولار).
وفي نفس سياق التكلفة، فإنّه من المتوقع أيضا أن تكون ساعات الطيران وصيانتها أقل تكلفة وأسهل لوجستيا من نظيرتها الأمريكية التي تعتمد على شبكة دعم تقني معقدة ومكلفة جدّا.
وعلى الرغم من كل ما سبق ذكره، فإنّ التسليم بأنّ المقاتلة الصينية ستتجاوز الـf-35 ضرب من ضروب المبالغة والتهويل، حيث تتوافق المصادر العسكرية المطلعة على أنّ الأخيرة ما تزال متطورة ومتقدمة بأشواط عن كافة نظيراتها في العالم، في مستويات التكنولوجيات الشبحية، ودمج الاستشعارات، وقوّة المحرك الواحد.
ووفق الأبحاث "إذا كانت معركة جوية محتدمة ويتم الاعتماد فيها على الرادارات وأنظمة الحرب الإلكترونية، فإنّ الf-35 ستكون متفوقة وبكل وضوح".
وفي مقابل هذا التقييم الإيجابي نسبيا للمقاتلة الأمريكية، يبدو أنّ الأصداء الآتية من واشنطن لا تخفي تبرما واضحا من مستوى جاهزيتها القتالية، وهو الأمر الذي يطرح أسئلة كبيرة عن مستقبلها العسكري في السنوات القادمة.
ونقلت مصادر إعلامية مختصة في الشأن العسكري عن تقرير صادر عن مكتب المفتش العام بوزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون"، تأكيده أن إخلالات خطيرة في مستوى الجاهزية القتالية لمقاتلات f-35 بلغت في بعض الأحيان حدّ إخراج عدد منها فعليا من الخدمة.
وحمّل التقرير شركة "لوكهيد مارتن" المشكلات المتزايدة في مستوى الصيانة والدعم الفني، حيث حالت الأخيرة دون قدرة الطائرات المذكورة على التحليق لأكثر من نصف المدة المفترضة ضمن معايير الجاهزية القتالية المعتمدة.
واتهم التقرير البنتاغون بالتقصير في ممارسة الرقابة على عقود الصيانة والدعم، مؤكدا أنّ أداء المهندسين والمقاولين لم يخضع لمتابعة صارمة رغم وجود عقود ملزمة.
وفي كشفٍ مهمّ عن مدى ضعف الحوكمة في جهاز البنتاغون، أماط اللثام عن حصول شركة "لوكهيد مارتن" على نحو 1.7 مليار دولار، رغم عدم استيفاء بعض الطائرات الحدّ الأدنى من متطلبات الخدمة العسكرية، ودون التعرّض لأيّة عقوبات مالية.
وأكّد في خلاصة لافتة أنّ برنامج f-35 والذي يُعدّ أكبر مشروع مشتريات في تاريخ وزارة الدفاع الأمريكية – يتجاوز إجمالي تكلفته 2 تريليون دولار-، ما يزال يعاني من مشاكل هيكلية عميقة تهدد فاعليته واستدامته المستقبلية.