كشفت دوائر استخباراتية في تل أبيب عن مهام غير معلنة، يتولاها وزير الشؤون الاستراتيجية المستقيل، رون ديرمر؛ مشيرة إلى أن نتنياهو لن يمكنه العمل مع إدارة ترامب، أو دوائر إقليمية أخرى، دون الاعتماد على ديرمر البالغ من العمر 54 عامًا.
ونقلت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" عن الدوائر الاستخباراتية تقديراتها بأن "ديرمر قد يمارس على المستوى الشخصي أنشطة تتعلق باستشارات استراتيجية، أو ربما استثمارات اقتصادية هنا وهناك، لكنه لن يتخلى عن ثقله في الولايات المتحدة ومنطقة الشرق الأوسط، لما ينطوي عليه ذلك من خدمات لإسرائيل بشكل عام، ونتنياهو على وجه الخصوص".
ودلالة على متانة العلاقات الوثيقة بين نتنياهو وديرمر، قال وزير في حكومة تل أبيب إن "نتنياهو كان يخشى الاجتماع بأعضاء المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية بمفرده، ولا يشعر بالأمن إلا بجلوس وزير الشؤون الاستراتيجية بجانبه".
وعزت الصحيفة العبرية ذلك إلى ما أسمته "كاريزما ديرمر"، وقدرته على المناورة في مساحات ضيقة للغاية.
وأضافت: "عبر هذه الإمكانات، منح ديرمر رئيس الوزراء نتنياهو على مر السنين علاقات واسعة مع الحزبين، الجمهوري والديمقراطي. حتى إن شخصيات بارزة في المعارضة الإسرائيلية، أقرت حاليًا بأن ديرمر حقق نفوذًا نادرًا في أروقة البيت الأبيض ومجلسي الشيوخ والنواب".
وعلى تلك الخلفية، تؤكد تقديرات إسرائيلية بأن "استقالة ديرمر ستكون على الورق فقط، وسيواصل إدارة القضايا الأكثر حساسية من الخارج أيضًا. نتنياهو لا يستطيع الاستغناء عنه".
إلى ذلك، قالت الدوائر الاستخباراتية إن ديرمر حصل على كل شيء، إذ عمل ملحقًا اقتصاديًا في واشنطن، ثم سفيرًا لدى الولايات المتحدة لفترة طويلة، واستمر حتى أصبح وزيرًا للشؤون الاستراتيجية، وهي حقيبة خالية من الميزانيات والأهمية الظاهرية، لكنه وزير يجلس عند جميع مفترق الطرق الرئيسة في إسرائيل، ويدير بمفرده ملف العلاقات الخارجية مع الدول الكبرى، بل وترأس فرق التفاوض لإعادة الرهائن خلال الأشهر الأخيرة.
وتولى ديرمر كل هذه المهام، دون أن يظهر في الكنيست، أو في استوديوهات التلفزيون الإسرائيلي، أو في أي حدث سياسي يميني.
وتحدث ديرمر نفسه في أحد اجتماعات الحكومة عن الخوف الذي انتاب أفراد عائلته، وكيف سألته زوجته "رودا" عن المكان الذي سيخبؤون فيه ابنتهما الصغيرة "جولدا"، إذا داهمت حماس إسرائيل مرة أخرى.
ولفتت "تايمز أوف إسرائيل" إلى أن "تقاعد ديرمر ليس مفاجئًا. فقد كان يتحدث عنه طويلًا، خاصة خلال الأشهر الأخيرة. ويبدو أن ما عجّل اتخاذه القرار هو انكشافه أمام الرأي العام في إسرائيل، واستيقاظ الوزير، الذي طالما تمتع بهالة من الغموض، والعمل خلف الكواليس، على صراخ المتظاهرين أمام منزله بـ"المستعمرة الألمانية" في القدس، وأبدوا سخطهم إزاء ما وصفوه بـ"عجزه" عن تحرير الرهائن، وكالوا له سبابًا وشتائم".
وأضافت الصحيفة: "ديرمر هو المُقرّب الوحيد من نتنياهو الذي خرج سالمًا، إذ سبقه عشرات المقربين الذين اصطدموا برئيس الوزراء، وتم حرقهم، ليصبحوا ألد أعداء رئيس الوزراء الإسرائيلي".
نظريًا، الشخص الذي سيتولى بعض صلاحيات ديرمر هو يحيئيل ليتر، سفير إسرائيل الحالي في واشنطن.
وكان ليتر نفسه رئيسًا سابقًا لمكتب نتنياهو، ووقعت بينهما خلافات.
وفي وقت سابق من هذا العام، سعى نتنياهو لتعيين ديرمر سفيرًا لدى الولايات المتحدة، لكنه كان مصممًا على ترك الحياة العامة؛ فعين ليتر مكانه، وهو الآن يحظى بثقة نتنياهو المتجددة.
