حذّر وزير الخارجية الكوبي، برونو رودريغيز باريا، من أن السياسات الأمريكية الأخيرة في منطقة البحر الكاريبي تعكس "أجندة شخصية" لوزير الخارجية ماركو روبيو، وتهدد فرص الرئيس دونالد ترامب في تحقيق السلام والاستقرار الإقليمي.
وأوضح رودريغيز أن تصعيد الولايات المتحدة ضد كوبا وفنزويلا ليس مجرد تنفيذ لتعليمات البيت الأبيض، بل انعكاس لتوجهات سياسية فردية تنفذ مصالح شخصية على حساب المصلحة الوطنية.
وقال رودريغيز: "وزير الخارجية الحالي لم يولد في كوبا، ولم يزرها قط، ولا يعرف عنها شيئًا؛ لكنه يدفع بسياسات متطرفة تضحي بالمصالح الوطنية للولايات المتحدة من أجل أجندته الشخصية"، على حد تعبيره.
وأضاف أن "كوبا كانت تأمل في فرصة لتغيير ديناميكية العداء الطويلة الأمد مع واشنطن عند عودة ترامب إلى منصبه، لكن تدخل روبيو جعل هذه الإمكانية صعبة التحقيق".
وأوضحت شبكة "إيه بي سي نيوز" الأمريكية في تقرير لها أن ماركو روبيو، المولود لأبوين كوبيين في ميامي، استخدم نفوذه السياسي لدفع سياسات "الضغط الأقصى" ضد كوبا وفنزويلا، مستغلاً تراثه العائلي ضد الشيوعية لكسب دعم الشتات الكوبي والفنزويلي في فلوريدا.
وكان له تأثير واضح خلال ولاية ترامب الأولى، حيث دفع إدارة واشنطن لاتخاذ إجراءات تصعيدية ضد قادة أمريكا اللاتينية اليساريين.
وقد تجلى هذا التوجه مؤخرًا عندما أرسلت الولايات المتحدة أسطولًا من السفن الحربية إلى المياه قبالة فنزويلا بعد أوامر بتنفيذ ضربات على قوارب مزعومة لنقل المخدرات، وهو ما وصفه رودريغيز بأنه تصعيد قد يؤدي إلى "عواقب وخيمة لا يمكن التنبؤ بها".
وأكد أن استخدام القوة كأداة سياسية أصبح مألوفًا في هذه الفترة، خلافًا لما تروج له الإدارة الأمريكية عن نفسها كمدافع عن السلام.
شهدت الأشهر الأولى من ولاية ترامب الثانية إعادة فرض مجموعة من العقوبات الاقتصادية التقييدية ضد كوبا، بعد تخفيفها خلال عهد الرئيسين الديمقراطيين أوباما وبايدن.
وشملت هذه الإجراءات إضافة كوبا إلى قائمة الدول التي تواجه قيودًا على التأشيرات، وإلغاء الحماية القانونية المؤقتة لنحو 300 ألف كوبي، وقيود على بعثات الكوبيين الطبية في الخارج، ما أثار توترات واسعة.
رغم ذلك، أكد رودريغيز أن كوبا لا تزال منفتحة على التعاون مع الولايات المتحدة في مجالات مثل مكافحة الإرهاب والهجرة، مؤكدًا استعداد الجزيرة للحوار الجاد والمسؤول: "نحن على استعداد تام، كما كنا دائمًا، للبدء الآن بحوار جاد ومسؤول مع الإدارة الأمريكية".
لا تقتصر التوترات على كوبا، بل تشمل فنزويلا أيضًا، حيث حذّر رودريغيز من أن الحشد البحري الأمريكي غير المعتاد قبالة سواحل أمريكا الجنوبية يهدد الاستقرار الإقليمي.
وأوضح أن كوبا تتضامن مع فنزويلا في مواجهة أي تهديدات خارجية، محذرًا من أن أي محاولات للإطاحة بالرئيس مادورو قد تؤدي إلى تداعيات غير متوقعة.
وأشار رودريغيز إلى أن إدارة ترامب تحاول الضغط على كوبا لإيقاف دعم مادورو، الذي تقول واشنطن إنه يتلقى دعمًا عسكريًا واستخباراتيًا من الكوبيين؛ لكنه أعرب عن تفاؤله بإمكانية إقامة علاقة أقل عدائية مع جارتها الشمالية، مؤكدًا أن كوبا مستعدة للحوار والعمل المشترك في القضايا الثنائية المهمة.
ويبرز التقرير أن أجندة وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو تمثل عقبة كبيرة أمام جهود ترامب لتحقيق السلام في أمريكا اللاتينية، بينما تظل كوبا وفنزويلا على استعداد للحوار البناء لتجنب التصعيد العسكري، وسط مخاطر كبيرة قد تهدد الاستقرار الإقليمي في حال استمرار السياسات التصعيدية.