logo
العالم

نهاية "الاحتواء الناعم".. ألمانيا تتقدم الصف الأوروبي في مواجهة "الإخوان"

الشرطة الألمانية تداهم "المسجد الأزرق" الذي يضم المركز ال...المصدر: (أ ف ب)

بعد عقود من سياسات التسامح والاحتواء، تشهد أوروبا تحولًا جذريًّا في تعاملها مع جماعة الإخوان المسلمين.

وفي قلب هذا التحول، تبرز ألمانيا واحدة من أكثر الدول نشاطًا في مواجهة ما تصفه بـ"الإسلام السياسي"، في تطور يمكن أن يعيد تشكيل المشهد الأمني والسياسي في القارة العجوز.

نهاية "الاحتواء الناعم"

في 5 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أعلنت وزارة الداخلية الألمانية حظر جماعة "مسلم إنتراكتيف"، في خطوة وصفتها السلطات بأنها "ضربة قاسية" لما أسمته "الإسلام السياسي على تيك توك".

وداهمت مئات من عناصر الشرطة 7 مواقع في مدينة هامبورغ الشمالية مرتبطة بالجماعة، بالإضافة إلى 12 موقعًا آخر في برلين وولاية هيسن الوسطى.

واتهمت وزارة الداخلية الجماعة بتهديد النظام الدستوري الألماني من خلال ترويج "معاداة السامية"، والتمييز ضد النساء والأقليات.

وأضافت أن الجماعة تسعى إلى تلقين أكبر عدد ممكن من الناس لـ"خلق أعداء دائمين للدستور من أجل تقويض النظام الدستوري بشكل مستمر".

وجماعة الإخوان، التي تأسست في عام 2020، اشتهرت بحضورها الذكي على الإنترنت لجذب الشباب المسلمين الذين قد يشعرون بالاغتراب أو التمييز في المجتمع الألماني ذي الأغلبية المسيحية.

وفي أوائل عام 2024، جذبت مظاهرة نظمتها الجماعة في هامبورغ 1000 شخص، ودعت لإنشاء خلافة في ألمانيا، ما أثار صدمة وطنية.

ووصف وزير الداخلية لولاية هامبورغ، أندي غروته، الحظر بأنه ضربة ضد "الإسلام السياسي الحديث على تيك توك".

وأشاد الناشط البارز ضد التطرف الإسلامي في ألمانيا، أحمد منصور، بالقرار قائلًا إن "مسلم إنتراكتيف" جزء من شبكة إسلامية أصبحت أكثر عدوانية وخطورة في الأشهر الأخيرة.

أخبار ذات علاقة

راية الإخوان المسلمين

التمدد الناعم.. كيف بنى الإخوان شبكة مؤسسات معقدة للتغلغل في أوروبا؟

حظر الإخوان المسلمين

وفي يناير/كانون الثاني الماضي، بدأت لجنة الشؤون الداخلية في البرلمان الألماني (البوندستاغ) مناقشات تاريخية حول مشروع قانون يسعى لحظر جماعة الإخوان المسلمين بشكل نهائي في ألمانيا.

والمشروع، الذي تقدم به حزب البديل من أجل ألمانيا (AfD) - ثاني أكبر كتلة في البوندستاغ - يحمل عنوان "ضمان الأمن الداخلي طويل المدى: إعطاء الأولوية لمكافحة الجريمة والإرهاب ومعاداة السامية".

ويدعو التشريع إلى حظر نهائي لـ"المنظمات الإسلامية ومعاداة السامية"، مع ضمان توافق أي تدابير مع سيادة القانون.

وجماعة الإخوان المسلمين والكيانات التابعة لها محددة بشكل صريح كأهداف رئيسية للحظر، ولا سيما جمعية المجتمع المسلم الألماني (DMG)، الفرع الرئيسي للإخوان في البلاد.

ويحث مشروع القانون السلطات على فحص جمعيات المساجد بحثًا عن "محاولات التسلل المحتملة من قبل الإخوان المسلمين"، خاصة فيما يتعلق ببرامج تدريب الأئمة، والترويج للأيديولوجيات الإسلامية، والنفوذ الأجنبي.

كما يدعو إلى اتخاذ إجراءات فورية للحد من هذه المخاطر.

وتشير تقارير من مركز التوثيق للإسلام السياسي إلى أن الجماعة لعبت دورًا في تطرف 15% من شبكات الشباب التي تم رصدها.

وكثفت ألمانيا المراقبة على 50 مركزًا تعليميًّا مرتبطًا بأيديولوجية الإخوان، وأعادت توجيه 2.3 مليون يورو من التمويل الفيدرالي بعيدًا عن المنظمات غير الحكومية المرتبطة بالإخوان.

إدانة سعد الجزار 

وفي تطور قضائي مهم، أدانت محكمة ألمانية رئيس مركز "مروة الشربيني" الثقافي والتعليمي في دريسدن، سعد الجزار، بتهمة اختلاس تبرعات من المصلين للاستخدام الشخصي بقيمة تزيد عن 13,000 يورو.

والدور المركزي للجزار داخل شبكة الإخوان في ألمانيا، ونفوذه على مراكزها في ساكسونيا، يؤكد أهمية الرد القضائي على سيطرة المنظمة على المجتمعات المسلمة ومساهماتهم المالية.

هذه الإدانة تأتي ضمن جهد أوسع لتعطيل آليات التمويل والدعاية للجماعة في ألمانيا.

المركز الإسلامي في هامبورغ 

وفي يوليو/تموز عام 2024، حظرت الحكومة الألمانية المركز الإسلامي في هامبورغ (IZH) والمنظمات التابعة له؛ بسبب سعيه لتحقيق أهداف إسلامية متطرفة.

وقالت وزارة الداخلية إن المركز كان بمثابة ممثل مباشر للمرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، وسعى لإحداث ثورة إسلامية في ألمانيا لفرض حكم ثيوقراطي.

وفي سبتمبر/أيلول عام 2024، حظرت السلطات في ولاية براندنبورغ المركز الإسلامي في فورستنفالده؛ بسبب انتماءات مزعومة مع حماس والإخوان المسلمين.

وصنف مكتب براندنبورغ لحماية الدستور المركز كمنظمة متطرفة في يوليو/تموز عام 2023، مشيرًا إلى الترويج لروايات معادية للسامية، وإنكار حق إسرائيل في الوجود، ونشر محتوى مرتبط بالإخوان المسلمين.

استفسارات برلمانية وضغوط سياسية

في الأسابيع الأخيرة، قدم حزب البديل من أجل ألمانيا استفسارًا عاجلًا للحكومة بشأن التمويل العام الممنوح للمشاريع التي تديرها منظمات مرتبطة بالإخوان، خاصة جمعية "كلاين"، داعيًا إلى تحقيق برلماني.

ويراقب المكتب الفيدرالي لحماية الدستور، منذ فترة طويلة، الشبكة الرئيسية للإخوان، خاصة جمعية المجتمع المسلم في ألمانيا، وينشر بانتظام تقارير عن أنشطتها.

وتكشف التقارير الاستخباراتية الألمانية أن الجماعة حاولت تصوير نفسها كبديل "غير ضار" للتنظيمات المتشددة، مثل داعش والقاعدة، محذرة من أن نفوذ الجماعة المتنامي قد يشكل تهديدًا للمجتمع.

ميرتس وحزب "CDU" 

ومع فوز فريدريش ميرتس وحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي "CDU" في الانتخابات الألمانية في فبراير/شباط الماضي، وتنصيبه مستشارًا في مايو/أيار الماضي، تتجه ألمانيا نحو سياسات أكثر صرامة تجاه الجماعات الإسلامية والهجرة.

ودفع حزب "CDU" وحليفه "CSU" نحو مزيد من السيطرة على المنظمات الإسلامية، معربين عن أسفهم لأن "السلطات لديها صلاحيات غير كافية فيما يتعلق بالأنشطة المالية في مجال الإسلام غير العنيف، وأنه من المستحيل تقريبًا اكتشاف التمويل من الخارج في ظل الظروف الإطارية الحالية".

وفي الماضي، أشاد الحزب بالمستشار النمساوي السابق، سيباستيان كورتز، الذي طبق قانون الإسلام، الذي يهدف إلى رقابة مالية أكثر صرامة على جميع المنظمات الإسلامية الدينية وتعهد بحظر "الإسلام السياسي".

أخبار ذات علاقة

راية الإخوان المسلمين

استطلاع: "الإخوان" يخترقون فكر 23% من مسلمي فرنسا

النموذج الألماني: هل يمكن تطبيقه في أوروبا؟

الحكومة الألمانية تبدو وكأنها تتبنى النموذج النمساوي في التعامل مع الإخوان المسلمين.

والنمسا هي الدولة الأوروبية الوحيدة التي حظرت الإخوان رسميًّا، ولم يؤدِّ ذلك إلى أي خرق كارثي في العلاقات المجتمعية.

وفي عام 2021، اتخذت النمسا إجراءً حاسمًا بحظر العرض العلني لرموز الإخوان بموجب قانون مكافحة الإرهاب، ووضعت المنظمة على قائمتها السوداء "المجموعات المتطرفة المرتبطة بالجريمة ذات الدوافع الدينية". 

وفي فبراير/شباط الماضي، أعلن التحالف الحاكم الجديد في النمسا عن خطط لتوسيع دور مركز التوثيق للإسلام السياسي، المعروف بكشف أنشطة الإخوان المسلمين في أوروبا.

فرنسا أيضًا قادت تحقيقًا رسميًّا واسع النطاق في الإسلام السياسي ووجود الإخوان المسلمين، مع نتائج مقلقة كشفت عن تضاعف عدد أعضاء الإخوان من 50,000 في عام 2019 إلى ما يقرب من 100,000 بحلول عام 2024.

وحتى المملكة المتحدة، التي كانت تُعتبر الأكثر تساهلًا بين الدول الأوروبية، بدأت تتخذ خطوات نحو موقف أكثر صرامة.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC