مسيّرة تستهدف سيارة على طريق بلدة مركبا جنوبي لبنان

logo
العالم

واشنطن تشعل سباق التسلح بين الهند وباكستان بصواريخ "أمرام"

صواريخ AMRAAM الأمريكيةالمصدر: وزارة الدفاع الأمريكية

وافقت الولايات المتحدة على بيع صواريخ جو-جو متوسطة المدى من طراز AIM-120 AMRAAM (C-8/D-3) من إنتاج شركة "رايثيون" إلى  باكستان ودول أخرى، وهي الصواريخ ذاتها التي استخدمتها القوات الجوية الباكستانية لإسقاط مقاتلة هندية من طراز ميج-21 عام 2019. 

وذكرت صحيفة "يوراسيان تايمز" أن القرار الذي جاء في أكتوبر/تشرين الأول 2025 أثار تساؤلات واسعة حول دلالاته السياسية: هل هو تلميح أمريكي للهند، أم مجرد صفقة روتينية ضمن استراتيجية البنتاغون لتعزيز التحالفات الجوية؟

جاءت هذه الموافقة بعد أربعة أشهر فقط من حرب قصيرة استمرت 87 ساعة بين الهند وباكستان، شنت خلالها الهند ضربات على 11 منشأة عسكرية استراتيجية داخل الأراضي الباكستانية، فيما زعمت كل دولة إسقاط طائرات مقاتلة للأخرى.

ورغم حداثة الحرب، يبدو أن واشنطن تمضي في نهج يوازن بين الطرفين النوويين في جنوب آسيا، عبر مبيعات تسليحٍ تُثير قلق نيودلهي وتنعش القدرات القتالية لإسلام آباد.

صواريخ "قاتلة الميج" تعود إلى الخدمة

حصلت باكستان في عامي 2006 و2007 على نحو 500 صاروخ AIM-120C5 AMRAAM، وهو السلاح الذي استخدمته لإسقاط مقاتلة هندية خلال عملية "سويفت ريتورت" عام 2019. وقد أكدت الهند حينها العثور على بقايا صاروخ أمريكي في موقع الحادثة. 

أخبار ذات علاقة

شظايا

معارك باكستان والهند تؤجج صراع الأقطاب (فيديو إرم)

وتمهّد الولايات المتحدة اليوم، الطريق أمام بيع النسخة الأحدث AIM-120C-8، التي تتميز بمدى يصل إلى 160 كيلومترا وقدرات توجيه رادارية متطورة لجميع الأحوال الجوية.

ويُعدّ الصاروخ الأمريكي الأكثر انتشارا عالميا؛ إذ يُدمج في 14 نوعا من الطائرات في أكثر من 40 دولة. وتكمن ميزته الرئيسة في خاصية "الإطلاق والنسيان"، التي تتيح للطيارين فك الارتباط بعد الإطلاق، بينما يتعقّب الصاروخ الهدف ويصيبه ذاتياً.

وتوفر النسخة C-8 المخصصة للتصدير مقاومة محسّنة للإجراءات الإلكترونية المضادة، ومنطق توجيه متطور، ومدى أطول؛ كما يمكن دمجها مع طائرات F-16، وTyphoon، وF-22، وF-35، وتُعدّ من أكثر الأسلحة الجوية فعالية في القتال وفق شركة رايثيون.

تُشير بيانات الشركة إلى اختبار الصاروخ في أكثر من 4900 تجربة حية، حقق خلالها أكثر من 13 انتصاراً قتالياً؛ ومن المقرر دمجه في أسطول طائرات F-16 Block 52 الباكستانية، لتعزيز قدراتها القتالية خارج مدى الرؤية.

صفقة كبرى تُربك نيودلهي

بلغت قيمة صفقة صواريخ AMRAAM الجديدة 41.6 مليار دولار، لتصبح أكبر صفقة جو-جو في التاريخ، وتهدف إلى دعم القدرات الجوية للحلفاء من أوروبا إلى منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وسط تصاعد المنافسة مع الصين وروسيا.

ورغم عدم تحديد عدد الصواريخ المخصصة لباكستان، إلا أن الصفقة تعكس استعداد واشنطن لتسليح إسلام آباد مجددا، بعد فترة من الفتور بين البلدين.

أخبار ذات علاقة

قائد الجيش الباكستاني المشير عاصم منير

"ميناء باسني".. مناورة باكستانية لإغراء واشنطن في سباق المعادن النادرة

وتُثير الخطوة قلق المؤسسة الأمنية الهندية التي اعتمدت في السنوات الأخيرة على معدات دفاعية أمريكية، تشمل طائرات النقل C-17 وC-130 والمروحيات أباتشي وشينوك؛ لكن نيودلهي ما زالت حذرة من التقلبات السياسية في واشنطن، وامتنعت عن شراء مقاتلات أمريكية رغم توسع التعاون العسكري.

وفي فبراير 2025، وافقت إدارة ترامب على تمويل 397 مليون دولار لصيانة أسطول F-16 الباكستاني، مؤكدة أنها ستُستخدم فقط لمكافحة الإرهاب. إلا أن الإعلان الجديد عن صواريخ AMRAAM يوحي بعكس ذلك، ويشير إلى تحديثٍ عسكري متسارع في سلاح الجو الباكستاني.

ودعمت زيارة رئيس الأركان الجوية الباكستانية ظهير أحمد بابار إلى واشنطن في يوليو/تموز 2025 هذا المسار، وأشارت إلى صفقاتٍ أوسع محتملة خلال الفترة المقبلة.

ميزان القوة في جنوب آسيا

تُشغّل باكستان حالياً نحو 66 طائرة F-16A/B و19 طائرة F-16C/D موزعة على أربعة أسراب نشطة.

وقد ساعدت تركيا في تحديثها منذ عام 2010 عبر شركة TAI، بإضافة رادارات AN/APG-68(v9) وأنظمة حرب إلكترونية وتوجيه بالخوذة. وفي 2016، وُقّع عقد بقيمة 75 مليون دولار لتعزيز الترقيات للعمليات الليلية؛ ما مدّد عمر الخدمة إلى 8000 ساعة طيران.

أخبار ذات علاقة

جنود أمريكيون على مدرج قاعدة باغرام الجوية

باكستان والمعارضة الأفغانية.. أدوات ترامب لاستعادة قاعدة "باغرام"

والهند من جانبها حققت طفرة في التعاون الدفاعي مع واشنطن؛ ففي عام 2024، وقعت صفقة لشراء 31 طائرة MQ-9B Sky/Sea Guardian بقيمة 3 مليارات دولار، تضمنت صواريخ Hellfire وقنابل موجهة GBU-39B/B. 

كما وافقت الولايات المتحدة في يناير 2025 على شراكة تكنولوجية لإنتاج مركبات سترايكر القتالية داخل الهند على ثلاث مراحل، تمهيداً لتصديرها إلى دول أخرى.

ومنذ عام 2008، بلغ إجمالي مشتريات الهند من المعدات الأمريكية 20 مليار دولار، لتصبح أكبر مشغل لطائرات C-17 وP-8I خارج الولايات المتحدة.

وتشمل المشتريات مروحيات MH-60R وApache، وصواريخ هاربون، ومدافع M-777، ومشروعاً مشتركاً لإنتاج محركات F-414 النفاثة في الهند.

ومع ذلك، فإن تقارب واشنطن وإسلام آباد يضع العلاقات الدفاعية الأمريكية–الهندية تحت المجهر؛ إذ تخشى نيودلهي من عودة الولايات المتحدة إلى سياسة التوازن بين الخصمين النوويين؛ ما قد يدفعها لإعادة تقييم علاقاتها مع واشنطن، خاصة في سوق المقاتلات التي ما زالت بعيدة المنال أمام الصناعات الأمريكية.

صفقة صواريخ AMRAAM الأخيرة لا تُعد مجرد صفقة سلاح عادية، بل اختبار سياسي جديد في جنوب آسيا؛ فبينما تسعى واشنطن إلى الحفاظ على توازن الردع بين الهند وباكستان، يرى المراقبون أن الصفقة قد تُعيد إحياء سباق التسلح الجوي في المنطقة، وتضع التعاون الأمريكي–الهندي في أكثر مراحله حساسية منذ عقدين.

وبين "طمأنة" نيودلهي و"تسليح" إسلام آباد، يظل السؤال المطروح: هل تستعيد واشنطن دور الحكم بين خصمين نوويين، أم تُشعل توازنا خطيرا لا يمكن السيطرة عليه؟

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC