رجّح خبيران أن يقف سببان وراء قيام موسكو بتعزيز حضورها العسكري بالجهة الغربية، أولهما مقارعة وجود حلف شمال الأطلسي "الناتو"، والآخر لإقامة منطقة عازلة تبدأ في المناطق الشرقية بأوكرانيا وتمتد أكثر غربًا.
وراى الخبير في الشؤون الأمريكية، الدكتور عاطف عبد الجواد، أن روسيا لها استراتيجية واضحة تتمثل في كسب أكبر رقعة من الأراضي الأوكرانية والاحتفاظ بها كأداة فعالة في مقاومة أي تنازلات محتملة من جانبها في مفاوضات لا شك أنها قادمة.
وقال في تصريحات لـ"إرم نيوز"، إن روسيا تنتهز فرصة هبوط الدعم العسكري الأمريكي لكييف في عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والانقسام الأوروبي بشأن كيفية أن تحل "القارة العجوز" مكان الولايات المتحدة في استبدال هذا الدعم.
وبيّن الدكتور عبد الجواد، أن في هذه المرحلة الانتقالية تركز موسكو على ترسيخ احتلالها لمنطقة الدونباس في شرق أوكرانيا كما توسع من قصفها لكييف، لأنها تدرك أن المفاوضين الدوليين خصوصا الأمريكيين منهم سوف يطالبون أوكرانيا بتنازلات على الأرض في الشرق مع احتفاظ روسيا بشبه جزيرة القرم.
ولفت إلى أن موسكو لديها هدف آخر من وراء تعزيزاتها وهي إدراكها أن "الناتو" بات أكثر قربا منها بعد انضمام فنلندا والسويد إليه، موضحًا أن روسيا تخشى توسع الحلف نحو حدودها الغربية بينما في الشرق لا تفصل الولايات المتحدة عنها إلا 50 ميلا فقط من المياه، وأن الصواريخ الأمريكية الحديثة يمكنها الوصول إلى موسكو من ولاية ألاسكا، التي اشترتها الولايات المتحدة من روسيا ذات يوم بثمن زهيد.
وذكر الدكتور عبد الجواد بأنه قد تكسب روسيا منطقة الدونباس على حدودها مع أوكرانيا، حيث يتحدث سكانها اللغة الروسية وقد تحتفظ بشبه جزيرة القرم في مقابل إنهاء الحرب، التي سيكون ثمن استمرارها باهظا ليس فقط على الاقتصاد الروسي بل أيضًا على قوة موسكو العسكرية التقليدية في وقت اعتمدت فيه الفترة الأخيرة على قوات من كوريا الشمالية وأسلحة صينية.
من جهته، رأى رئيس المركز الأوكراني للتواصل والحوار، الدكتور عماد أبو الرب، أن موسكو تحاول تعزيز حضورها بالغرب في عدة مسارات، في صدارتها استمرار العمليات العسكرية وهو ما يتضح في تكثيف هجماتها الأخيرة.
وأضاف في تصريحات لـ"إرم نيوز": "نحن هنا في العاصمة كييف على مدار 3 ليالٍ نعيش في فزع حقيقي لأن الهجمات ليست مجرد دقائق بل تمتد إلى 4 ساعات ما بين صواريخ ومسيرات".
ولفت الدكتور أبو الرب إلى أنه من ضمن المسارات المتاحة لروسيا بالوقت الحالي، العزم على إقامة منطقة عازلة تبدأ في المناطق الشرقية وربما تمتد أكثر، مما يعني تعقيد المشهد أكثر.
وأوضح أن المعضلة في أن موسكو لم تقبل بأي تنازلات لشروط التفاوض على الرغم من أنها تتحدث عن أنها جاهزة للتفاوض وأنها تنتظر الجانب الأوكراني فقط.
وذكر الدكتور أبو الرب أن ذلك يعني قبول كييف بالضم الجبري الروسي لـ"القرم" وإقليم الدونباس، إضافة إلى زاباروجيا وخيرسون، متابعًا "بل تطالب بضم بقية المدن والقرى والبلدات التابعة وأن تخرج منها أوكرانيا وتترك مواطنيها أمام الإدارة العسكرية الروسية الجديدة".
وأشار إلى أن كييف تقول إن هناك مخالفات عدة وتهديدا بالإجلاء القسري للسكان من خلال الضغط عليهم لتحويل الجنسية إلى الروسية ثم يتم تجنيدهم لقتال شعبهم، مؤكدًا أن التعقيد قائم ولابد أن يكون هناك تكثيف لحلول دبلوماسية لإيجاد حلول وسط يقبل بها الجميع ويكون الخروج من هذا المأزق.