في كشف جديد ضمن تصاعد التوترات السيبرانية بين الولايات المتحدة والصين، أظهر تحقيق أجراه مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) وشرطة الكابيتول حملة تجسس إلكتروني متطورة استهدفت مجموعات تجارية ووكالات حكومية أمريكية.
ووفق تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" فإن الحملة، التي يُعتقد أنها مرتبطة ببكين، استخدمت رسائل بريد إلكتروني مزيفة تنتحل شخصية النائب جون مولينار، رئيس لجنة مجلس النواب المعنية بالمنافسة مع الصين، لاختراق جهات فاعلة في المحادثات التجارية بين البلدين.
بدأت القضية في يوليو/تموز الماضي، قبيل محادثات تجارية حساسة بين إدارة الرئيس دونالد ترامب والصين في ستوكهولم، إذ تلقت مجموعات تجارية وشركات محاماة ووكالات حكومية رسائل بريد إلكتروني مزعومة من مولينار تطالب بتقديم آرائهم حول عقوبات مقترحة ضد بكين، مرفقة بمسودة تشريع تحتوي على برمجيات خبيثة.
وهذه الرسائل، التي أثارت الشكوك بسبب استخدامها عناوين بريد غير حكومية، تبين أنها جزء من حملة قرصنة نفذتها مجموعة APT41، وهي مجموعة قراصنة يُعتقد أنها تعمل لصالح وزارة أمن الدولة الصينية.
ونقلت "وول ستريت جورنال" عن مصادر مطلعة، أن الحملة استهدفت جمع معلومات حول التوصيات التي تلقاها ترامب من جهات خارجية خلال المفاوضات التجارية، ورغم أن السلطات لم تؤكد نجاح المهاجمين في اختراق الأهداف، إلا أن البرمجيات الخبيثة كانت قادرة على التسلل بعمق إلى المنظمات المستهدفة إذا تم فتح المرفقات.
وتأتي هذه الحادثة في سياق تصاعد الجهود الصينية للتجسس الإلكتروني، حيث كشف مكتب التحقيقات الفيدرالي مؤخراً عن حملة تجسس استهدفت شركات اتصالات أمريكية وامتدت إلى أكثر من 80 دولة.
وأثارت هذه الحملة قلق موظفي لجنة مولينار، خاصةً أن النائب يُعتبر من أبرز منتقدي الصين. وفي بيانه، أكد مولينار أن هذه الجهود تمثل نموذجًا للعمليات السيبرانية الهجومية الصينية الهادفة إلى سرقة الاستراتيجيات الأمريكية، مشدداً على أن الولايات المتحدة لن تستسلم للترهيب.
من جانبها، نفت السفارة الصينية الاتهامات، معتبرةً إياها محاولة لتشويه سمعة بكين دون أدلة قاطعة، وأكدت معارضتها للهجمات الإلكترونية.
كما تتزامن هذه الحادثة مع حالات انتحال أخرى استهدفت مسؤولين أمريكيين، بما في ذلك محاولات لتقليد وزير الخارجية ماركو روبيو ورئيسة موظفي البيت الأبيض سوزي ويلز باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي.
كما أن مجموعة APT41، المعروفة بنشاطها الواسع، لم تقتصر على التجسس الحكومي، بل شاركت في أنشطة إجرامية مثل سرقة أموال ألعاب الفيديو الرقمية.
وتُظهر هذه الحادثة التحديات المتزايدة التي تواجهها الولايات المتحدة في مواجهة التجسس الإلكتروني، مما يستدعي تعزيز الإجراءات الأمنية لحماية المؤسسات الحكومية والخاصة.