رأى خبراء سياسيون أن تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأخيرة بشأن الحرب في أوكرانيا، تُعدّ مؤشراً واضحاً على إعادة صياغة أهداف الكرملين في ضوء التطورات الميدانية وضغوط المجتمع الدولي، وبعد المحادثات المباشرة المنعقدة في إسطنبول.
واعتبر الخبراء في تصريحات لـ"إرم نيوز" أن موسكو تسعى حاليًا إلى "شرعنة" مكاسبها الميدانية عبر خطاب سياسي يحافظ على التوتر ويؤجل الحسم، دون أن تستبعد العودة إلى طاولة المفاوضات بشروط محسوبة.
وقال الباحث السياسي الفرنسي لوران دوفور، المتخصص في الشأن الروسي في مركز "تيرا نوفا" للدراسات الاستراتيجية، لـ"إرم نيوز" إن تصريحات بوتين الأخيرة تعبّر عن محاولة لإعادة صياغة خطاب الحرب بما يتماشى مع الواقع الميداني الجديد.
وأوضح دوفور أن "بوتين لم يتخلَّ عن طموحاته التوسعية، لكنه يدرك أن الاستمرار في خطاب الغزو الكامل لم يعد واقعيًا أو مقبولًا دوليًا، والهدف الآن هو كسب الوقت، وإضفاء شرعية على ما تمّ احتلاله من أراضٍ، وتحويل الحرب إلى معادلة طويلة الأمد تفرض على كييف والغرب التفاوض من موقع ضعف" وفق قراءته.
وأشار إلى أن "الأهم في هذه التصريحات هو تأكيد بوتين على الضمانات الأمنية، ما يعني أن موسكو لا تزال ترى في توسع حلف الناتو تهديدًا وجوديًا، ومن هنا، فإن الحرب لا تُخاض فقط على الأرض، بل أيضًا في ميزان القوى الأوروبي والدولي".
أما الباحثة الفرنسية إيزابيل بويّو، المتخصصة في شؤون أوروبا الشرقية في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية (IRIS)، فأكدت في حديث لـ"إرم نيوز" أن موسكو تحاول تثبيت قواعد لعبة جديدة عبر "تكتيك النفس الطويل".
وأوضحت أن "بوتين يعيد ترتيب أوراقه، بدلاً من السعي إلى تحقيق نصر عسكري ساحق، باتت أولويته ضمان بقاء ما حققته روسيا من مكاسب ميدانية، وجعل أي مفاوضات مستقبلية تدور حول تثبيت هذه المكاسب كأمر واقع".
وأشارت إلى أن "التحول الخطابي لا يعني تراجعًا عن الأهداف، بل تطويعها للواقع"، موضحة أن "الكرملين يدرك أن الوقت يمكن أن يكون حليفًا إذا استمرت الخلافات داخل الاتحاد الأوروبي وازدادت الضغوط السياسية على الحكومات الغربية بسبب تكلفة الدعم العسكري لأوكرانيا".